تتعرض الولايات المتحدة الأميركية لانتقادات دولية بسبب قسوة الشرطة في التعامل مع السود، في مدينة فرغسون في ولاية ميزوري.

إعداد عبد الاله مجيد: تحول مقتل شاب أسود على يد الشرطة في ولاية ميزوري الاميركية من حادث في ضواحي بلدة صغيرة إلى قضية دولية، إذ أرسلت منظمة العفو الدولية مراقبين إلى مكان الحادث، وغرّد فلسطينيون على تويتر تغريدات تعلِّم المحتجين في البلدة كيف يتعاملون مع القنابل المسيلة للدموع، وظهر رهبان تيبيتيون في البلدة للابتهال والصلاة.

وأخذ مسؤولون روس ووسائل إعلام حكومية صينية يلقون محاضرات على الولايات المتحدة في حقوق الانسان.

مواعظ حقوق الانسان

وبالنسبة لبلدان كثيرًا ما كانت الولايات المتحدة تلقي عليها مواعظ بسبب سجلها في مجال حقوق الانسان، قدم الوضع في بلدة فرغسون، حيث وقع الحادث، فرصة مغرية لقلب الطاولة على الولايات المتحدة واتهامها بالنفاق.

وقالت وكالة انباء الصين الجديدة الرسمية: "حادثة فرغسون تؤكد مرة أخرى أنه حتى في بلد حاول طيلة سنوات أن يقوم بدور الحاكم والمحامي المدافع عن حقوق الانسان ما زال هناك مجال واسع لتحسين الأداء في الداخل". لكن وسائل الاعلام الصينية لم تتمكن من منافسة نظيراتها في روسيا، حيث تصدر الحادث نشرات الأخبار.

صخب روسي

وتحدث مسؤولون روس بلغة اشد صخبًا من وسائل الاعلام، الأمر الذي لم يكن مستغربًا بسبب التوتر الذي يعتري العلاقات بين موسكو وواشنطن. ودعت وزارة الخارجية الروسية "شركاءَنا الاميركيين إلى ايلاء إعادة النظام في بلدهم اهتمامًا أكبر، قبل أن يفرضوا خبرتهم المشبوهة على بلدان أخرى".

وقالت موسكو، في معرض التعليق على تقرير قدمته الولايات المتحدة إلى إحدى لجان الأمم المتحدة حول التمييز العنصري، إن الولايات المتحدة تصور نفسها معقلًا لحقوق الانسان وتعمل بنشاط على تصدير الديمقراطية، :لكن انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان الأساسية وممارسات همجية تنتعش فيها".

نقد إيراني وكوبي

في ايران، تصدرت بلدة فرغسون نشرات الأنباء، متقدمة حتى على خبر الزلزال الأرضي الذي بلغت قوته 6.2 درجات شمال غرب ايران، حيث أُصيب عشرات بجروح.

وتساءل موقع اخباري كوبي بارز على الانترنت عمّا إذا كانت منظمة كو كلاكس كلان العنصرية عادت إلى الولايات المتحدة "وبقوة". وكتبت الصحافية الكوبية ليليان لاتشوغا على الموقع عن التمييز الوحشي واللامساواة الفظيعة ضد السود والمهاجرين في السكن والتعليم والعمل والصحة العامة وانتهاكات أخرى لحقوق الانسان في ما يُسمى أكثر بلدان العالم ديمقراطية.
&
يبدو غريبًا

حتى في بلدان صغيرة مثل سريلانكا، التي تربطها علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة، أصبحت حادثة فرغسون عصا لضرب واشنطن بها، على حد تعبير صحيفة لوس انجيليس تايمز، ناقلة عن صحيفة ديلي نيوز السريلانكية قولها: "ان اصدار الولايات المتحدة تحذيرًا من السفر إلى سريلانكا يبدو غريبًا في وقت تشهد ولاية ميزوري اضطرابات عرقية".

&وعلى اعتاب الولايات المتحدة، نفسها كتب الدبلوماسي المكسيكي السابق والمستشار السياسي غابريل غويرا كاستيلانو في صحيفة ايل يونيفرسال المكسيكية "إن الصور صادمة وفظيعة ولو قال لنا احد إن هذه جنوب أفريقيا أو الولايات المتحدة قبل نصف قرن لصدقناه".

إنها الولايات المتحدة!

وتابع كثيرون في مصر والأراضي الفلسطينية ومناطق أخرى مشاهد الغاز المسيل للدموع والزجاجات الحارقة والقنابل الضوئية في شوارع فرغسون، لا في القاهرة أو الضفة الغربية. ونشر مدون معروف في القاهرة، يوقع مدوناته باسم الفرعون الكبير، صورة على تويتر من فرغسون معلقًا عليها بالقول: "كلا، هذه ليست مصر أو تركيا. إنها الولايات المتحدة الاميركية".

وكتبت الطالبة الجامعية والمدونة مريم البرغوثي من مدينة رام الله بالضفة الغربية تغريدات تتضمن تعليمات للصحافيين والمتظاهرين في فرغسون حين تُطلق عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع. وقالت: "تذكر ألا تلمس وجهك لدى التعرض للغاز أو تضع الماء بل استخدم الحليب أو الكولا".

لن يحدث في ألمانيا

وبعد أن ارسلت منظمة العفو الدولية مراقبين إلى فرغسون، في خطوة غير معهودة، دعت سلطات الولاية والسلطات الفيدرالية إلى التحقيق في مقتل الشاب مايكل بروان، وفي الأساليب التي تستخدمها شرطة فرغسون. وحرصت المنظمة على وضع حملتها للتضامن مع سكان فرغسون بمستوى واحد مع غزة والعراق على موقعها الالكتروني.

في هذه الأثناء، أجرت مجلة شبيغل الالمانية مقابلة مع استاذ الادارة الأمنية في جامعة برلين للدراسات الاقتصادية والقانونية مارسيل كولمي، قال فيها إن ما حدث في فرغسون لن يحدث ابدًا في المانيا. وأوضح كولمي أن رجال الشرطة في الولايات المتحدة أسرع بكثير في اللجوء إلى السلاح، "حتى في مرحلة التدريب، هناك تشديد أقوى بكثير على اطلاق النار بالمقارنة مع المانيا".