ظهرت دراسات جديدة تؤكد بالمسح الكربوني أن النياندرتال والبشر تعايشوا وتزاوجوا لأكثر من 20 ألف عام، من دون أن ينتجوا سلالة تجمع ميزات السلالتين، حتى كانت الغلبة للبشر، فانقرضت السلالة الأضعف.

دبي: في دراسة نشرتها صحيفة اندبندنت البريطانية، يؤكد علماء أن النياندرتال عاشوا إلى جوار البشر لقرون عديدة، وأن الاجابة عن الاسئلة المتعلقة بانقراض انسان النياندرتال تقبع في بلجيكا. والنياندرتال اسم يطلق على كائنات شبه بشرية، عاشت في عصور غابرة، لها شكل البشر في الغالب لكنها شديدة البدائية ضعيفة في التفكير والابتكار.

حل اللغز

وعلى ذمة إندبندنت، انقرض النياندرتال قبل نحو 40 ألف سنة في غرب اوروبا، حيث تم اكتشاف آخر أثر له، وهذا يعني أنه عايش البشر لعدة قرون، او ما يقرب من 20 الف سنة. ويبقى انقراض النياندرتال من أكبر الغاز التطور في تاريخ الارض، لكن هذه الدراسة تمكنت من حل اللغز.

فقد شملت الدراسة مسحا شعاعيا لعدد من العظام والاحافير حصل عليها العلماء من 40 موقعًا عاش فيها النياندرتال، من اسبانيا غربًا وحتى روسيا شرقًا. أكدت عمليات المسح أن هذا الكائن الذي كان اكثر قدرة من البشر على الحياة في الاجواء الباردة انقرض قبل 39 ألف عام.

وتضيف الدراسة أن بلوغ الانسان العاقل الحياة تم عبر مرحلة انتقالية استمرت نحو 4 آلاف سنة، تم خلالها تشكل الهيكل العظمي كما هو معروف اليوم، مع تطورات تتيح للانسان امكانيات حركية أكثر.

أول دليل حسي

كانت الدراسات السابقة افترضت أن النياندرتال، الذين ظهرت أول آثارهم في أوراسيا قبل 250 ألف عام، انقرضوا سريعًا، في تزامن مع ظهور البشر. وقالت هذه الدراسات إن الانقراض حصل نتيجة صراع مرير مع الانسان على موارد الأرض، خصوصًا الغذائية والمائية، أدى أخيرًا إلى فوز البشر، ونهاية النياندرتال. وكان آخر موقع لهم في جنوب إسبانيا.

إلا أن دراسات حديثة تناقض هذه الفرضيات، إذ عثرت على مزج وراثي بين النياندرتال والبشر، خصوصًا في آسيا، على الرغم من أن هذا الامتزاج لم يستمر طويلًا، لينتج سلالة من المخلوقات تجمع مزايا وراثية من السلالتين.

وانتج المسح الكربوني لبعض بقايا النياندرتال دلائل دامغة على تمازج بين السلالتين، استمر بين 25 و250 جيلًا، أي طال بين 470 و4900 عام، بحسب المناطق التي التقت فيها السلالتان.

ويقول توم هيغام، الأستاذ المحاضر في جامعة أوكسفورد، إن هذه التنائج هي اول دليل حسي على لقاء هاتين السلالتين. اضاف: "التعاقب الزمني يبين أن النياندرتال لم يفنوا دفعة واحدة، بل تناقصوا، وانحسروا إلى جماعات صغيرة في جيوب منتشرة في أنحاء أوروبا قبل أن يندثروا".

ضربة قاضية

من ناحية اخرى، يقول عالم الأحياء كريس سترينجر، رئيس قسم أصول البشر في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، أن هذه الدراسة لم تتعرض للنياندرتال الشرقيين الذين عاشوا في أوزبكستان وسيبيريا، "ما يعني أن هذه السلالة ربما عاشت طويلًا في هذه الأنحاء، أكثر مما عاش مواطنوها في أوروبا".

وأضاف: "لكن إجمالي النموذج جلي، فالنياندرتال انقرضوا بشكل واسع، أو بشكل تام، منذ نحو 39 ألف عام، في خلال حقبة شهدت تبدلًا مناخيًا نحو البرودة والجفاف، ويبقى أن نكتشف إن كان هذا التبدل المناخي هو ما وجه الضربة القاضية لهذه السلالة، التي كانت متهافتة ومتناقصة في العدد، بفعل تنافسها مع البشر على خيرات الطبيعة".