أطلقوا على مدينة آمرلي لقب ستالينغراد العراق، مثلما أطلق سكانها آلاف نداءات الاستغاثة إلى الجميع. لكن لا مجيب. وهي محاصرة منذ أكثر من 70 يومًا من مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية، فيما يرى أهلها أنهم مشروع مذبحة جديدة.
عبد الجبار العتابي من بغداد: تعيش مدينة آمرلي اسوأ احوالها الانسانية. فهي ما زالت محاصرة من جميع الجهات، وتشكو من نقص حاد في الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، فيما اهلها الصامدون يصارعون الظروف الصعبة والخوف، ويتصدون للهجمات التي يشنها مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية.
واسم هذه المدينة هو اكثر الاسماء التي تتردد منذ شهرين، واكثر المدن استغاثة وعناء. فالموت يترصدها، وكذلك الخوف والجوع والمرض والقتل.& تتعالى اصوات اهلها طلبًا للنجدة ولا يسمعها أحد.
قبل فوات الاوان
اكدت شروق العبايجي، النائب عن التحالف المدني الديمقراطي، ضرورة انقاذ المدينة قبل فوات الاوان. قالت: "رسائل عديدة تأتيني من آمرلي تحذر من مجزرة بحق مواطنيها من قبل داعش، ما لم تأخذ القوات الحكومية والعسكرية اجراءات سريعه لمنع ذلك، ونحن لا نريد مجازر جديدة بحق المواطنين في العراق، فانقذوا آمرلي قبل فوات الاوان".
اما المواطن التركماني عباس شياع، فقال: "آمرلي يحاصرها الوحوش منذ اكثر من شهرين، تم اطلاق النداءات العاجلة للعالم كله لكن لم يهتز ضمير احد، اطلقنا نداءات إلى كل المحافظات العراقية ومجالس المحافظات من أجل التحرك السريع لانقاذ المدينة المحاصرة، طالبناهم بالخروج بتظاهرات تطالب المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان بالتدخل، لكن الوضع كما هو عليه".
الاخبار لا تبشر بالخير
بهجت حسن، من اهالي امرلي ونازح إلى بغداد، اكد أن الاخبار لا تبشر بالخير. قال: "المدينة محاصرة، تقصف يوميًا بما لا يقل عن 250 قذيفة هاون، يدافع عنها اهلها وبعض المتطوعين الشرفاء،20 الف نسمة قطعت عنهم داعش الكهرباء والاتصالات ومجرى الماء، مركزها الصحي يضم طبيبًا مبتدئًا وبعض الممرضات".
أضاف: "المعونات قليلة، وهي ما يوصله صقور الجور العراقي، ولم نشاهد مسؤولًا خرج لأجلهم ما عدا تصريحات خجولة لا ترتقي لمستوى صمود هؤلاء الابطال، انقذوهم قبل المجزرة، فسنجار لاتبعد عنهم سوى 200 كلم، وكلهم عراقيون مهددون بالذبح".
36 قرية تحاربها
ابلغ مهدي البياتي، احد مسؤولي الناحية، المرصد العراقي لحقوق الانسان: "هناك 36 قرية تحيط بناحية آمرلي، تعاونت مع التنظيمات المسلحة التي تشن عليعا هجمات يومية، لكننا نتصدى لها".
وكشف البياتي عن تعرف اهالي آمرلي على المسلحين الذين يهاجمون ناحيته، "فنحو 90% من الذين قتلوا خلال هجومهم على آمرلي تعرفنا عليهم، وهم من القرى المجاورة، وما اكد لنا ذلك، أن معلوماتهم موجودة لدى دوائر الناحية التي نعمل بها".
إلى ذلك، طالب مقرر مجلس النواب نيازي محمد اوغلو الحكومة المركزية بالتدخل لفك الحصار عن آمرلي، وأعرب عن استغرابه من الصمت الدولي والإقليمي تجاه الوضع الإنساني في الناحية، مؤكدًا أن كارثة كبرى تهدد 20 ألف نسمة، يعانون شح الماء والغذاء والدواء.
وقال اوغلو في مؤتمر صحافي: "أسفنا كبير جدًا على الصمت الدولي والاقليمي عن حصار آمرلي، برغم مناداتنا المستمرة بخصوص الاستهداف الحصري للتركمان منذ العام 2003، كفى المًا وحرمانًا وتهميشًا وترهيبًا وتهجيرًا وترحيلًا لمليوني تركماني عاشوا في هذا البلد منذ الازل".
لا تخافوا عليها.. ولكن!
اثنى الكاتب حميد قاسم على صمود اهل المدينة، وقال: "لا تخافوا على آمرلي، ولا أقول هذا لتتقاعسوا عن نجدتها، فهي وحيدة منذ اكثر من 70 يوما تقاتل بشيبها وشبابها ونسائها واطفالها، واهل آمرلي غنموا من داعش ما غنتمه من جيشنا حين اخلى محيط كركوك للبيشمركه، ومنها مدرعة ما زالت برقم وزارة الدفاع وعلم البلاد الذي حاولوا مسحه وحكه ووضع علمهم الاسود بدلا عنه، وأهل آمرلي بحاجة لطعام ودواء ومياه وحليب للاطفال، وبحاجة لقصف من طيران الجيش لاوكار ضباع المسلحين المحيطة بالناحية، فاسعفوها".
وقال الاعلامي حيدر زوير: "آمرلي مجموعةُ محنٍ، هي محنةُ الوطنيةِ ومحنةُ الطائفيةِ، هي محنةُ الذاتِ والاخر، هي محنةُ الجوارِ والعالمِ، آمرلي محنةُ كلِّ فسادٍ ومحاصصةٍ ومحسوبيةٍ وتخلفٍ، محنةُ فقهٍ وعقيدةٍ وتأريخٍ واجتماعٍ وثقافة".
وأضاف: "آمرلي برهان على أن اهل المدنِ لو صمدوا ما اغتُصبتِ الارض ولا تمكّنَ الاعداء".
ناحية تركمانية
وآمرلي ناحية تركمانية تابعة لقضاء طوز خورماتو الشمالي. وهي بلدة جميلة واقعة على وادي كور دره، يقسمها إلى نصفين. وتتبع ناحية آمرلي اكثر من عشرين قرية يسكنها أتباع الديانات المختلفة، غالبيتهم سنة وشيعة يتحدثون التركمانية.
يبلغ عدد السكان آمرلي حسب التقديرات 52519 نسمة. ينتسب اغلبهم إلى جدهم الكبير أمير، وينقسمون إلى القلايلية وهم أكبر فرع من ابناء أمير، والكاهالارن والكرملية، وزوربوللو، ودوبلار، ومردانلي، وبگلر، وهادي قادر، والرياشيون، والبو جواري.
وتضم آمرلي عددًا من الجوامع المهمة والمناطق الاثرية، وقد برز من ابنائها مفكرون وفقهاء وأدباء.
التعليقات