سعيًا إلى الحد من حجم التأييد لاستقلال إسكتلندا قبل عشرة أيام من الاستفتاء على تقرير المصير، تعد الحكومة البريطانية بمنح هذا الإقليم سلطات جديدة، ولا سيما على صعيد الميزانية.


لندن: كشف استطلاع للرأي عن تقدم مؤيدي الاستقلال للمرة الاولى منذ اشهر بنقطتين، ما ادى الى تراجع الجنيه الاسترليني الى ادنى مستوى له منذ عشرة اشهر، ازاء المخاوف من تحول تفكك المملكة المتحدة المستمر منذ 300 عام الى احتمال واقع.

وشدد زعيم حملة "معًا افضل" اليستير دارلينغ على أن استطلاعات أخرى تظهر تقدم الوحدويين، لكنه أقر بأن "المنافسة شديدة"، قبل الاستفتاء المقرر في 18 ايلول/سبتمبر.
وقال دارلينغ وزير المالية البريطاني السابق لاذاعة "بي بي سي": "نحن الآن في وضع يمكن لأي شخص في اسكتلندا أن يجعل كفة ميزان الاستفتاء تميل. لكنني واثق من انتصارنا".

خطة إنقاذ
وينوي الوحدويون أن ينشروا هذا الاسبوع "خطة عمل" لإعطاء اسكتلندا سلطات جديدة مع الكشف عن جدول أعمال ومنحها سلطات اوسع لجهة الضرائب والانفاق. كما سيشارك سياسيون كبار في حزب العمال المعارض، بينهم رئيس الحكومة السابق غوردون براون، في الحملة الاثنين، وسط اشارات إلى أن دعم انصارهم المتزايد للاستقلال هو السبب في تقارب النتيجة في الاستطلاع.

وحذر رئيس الوزراء الاسكتلندي اليكس سالموند زعيم الحزب الوطني المؤيد للاستقلال من "حالة هلع" في صفوف الوحدويين. وصرح نائبه نيكولا ستورجن لـ"بي بي سي" الاثنين أن الحملة المؤيدة للاستقلال "لا تزال الاقل حظاً، لكن لا شك في أن الزخم يميل نحو الـ(نعم). سنواصل العمل من دون كلل في الايام العشرة المتبقية من الحملة".

وقلب استطلاع نهاية الاسبوع موازين حملة كانت تبدو حتى بضعة اسابيع مضت شبه مضمونة النتيجة بفوز الوحدويين. واشار الاستطلاع الذي أجراه موقع يوغوف لصحيفة صاندي تايمز الى حصول فريق المؤيدين للاستقلال على 51% من نوايا التصويت، مقابل 49% لفريق المعارضين. ورغم أن فارق النقطتين يندرج في هامش الخطأ المعترف به في الاستطلاع، الا أنه يشكل تطورًا مهمًا، بحسب بيتر كيلنر رئيس يوغوف.

أيام مصيرية
وكتب كيلنر على مدونته أن "حملة المؤيدين لم تقتحم فقط معسكر الوحدويين، بل تشن ايضًا حربًا خاطفة". وتصدرت نتائج الاستطلاع الصحف البريطانية الصادرة الاثنين، وغالبيتها حملت العنوان نفسه "عشرة أيام فقط لإنقاذ الاتحاد".

ازاء الغموض المتزايد حيال تأثير استقلال محتمل لاسكتلندا على الاقتصاد البريطاني، بما في ذلك استمرار استخدامها الجنيه الاسترليني، تراجعت العملة الى ما دون 1.62 دولار في مداولات الاثنين، وهو ادنى مستوى منذ تشرين الثاني/نوفمبر. وازاء اليورو، تراجع الجنيه الى 80.26 بنسًا، وهو ادنى مستوى منذ ثلاثة اسابيع. كما تأثرت المؤسسات المالية، التي تتخذ من اسكتلندا مركزًا لها، عند بدء المداولات، مع تراجع اسهم رويال بنك اوف سكوتلاند ولويدز بانكينغ غروب وستندارد لايف باكثر من 2 %.

منصب كاميرون مهدد
وزاد استطلاع الرأي من الضغوط على رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي وافق على اجراء الاستطلاع، الا أنه تعرّض للانتقاد لعدم بذله جهوداً كافية لابقاء اسكتلندا ضمن الاتحاد. وتشير بعض تقارير وسائل الاعلام الى أن بعض السياسيين في حزبه المحافظ يتباحثون في طلب حجب الثقة عن الحكومة في حال فوز مؤيدي الاستقلال في الاستفتاء. الا أن كاميرون شدد على أن لا نية لديه في الاستقالة، وأنه سيظل على رأس الحزب المحافظ حتى موعد الانتخابات العامة المقبلة في ايار/مايو.

وامضى كاميرون نهاية الاسبوع مع الملكة اليزابيث الثانية في مقرها الصيفي في بالمورال في إسكتلندا، حيث تباحثا على الأرجح في موضوع الاستفتاء. رسميًا، التزمت الملكة الحياد، مع أن بعض الصحف نقلت عنها "صدمتها" لاحتمال انفصال اسكتلندا عن الاتحاد. من جهته، حذر رئيس بلدية لندن المحافظ بوريس جونسون في مقال صحافي الاثنين من أن الاستقلال سيكون "كارثة تامة لهذه البلاد".