سارع قادة عراقيون، شيعة وسنّة، لوأد فتنة طائفية خطيرة إثر اغتيال أربعة أئمة سنّة في محافظة البصرة. وشارك العبادي في احتفال لمناسبة المولد النبوي أقامه الوقف السنّي في بغداد وأمر بالإسراع في كشف ملابسات الجريمة التي قالت مصادر إن مليشيات طائفية ضالعة فيها.


أسامة مهدي من لندن: شارك رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في جامع أبو حنيفة النعمان في منطقة الاعظمية السنية في بغداد مساء الجمعة، في احتفالات المولد النبوي المقامة هناك التي نظمها ديوان الوقف السني.

وقد وجه القائد العام للقوات المسلحة العبادي، قائد عمليات البصرة وقائد شرطة المحافظة بمتابعة جريمة العصابات الارهابية التي استهدفت عددًا من علماء الدين في الوقف السني بالبصرة.

واجرى العبادي اتصالين هاتفيين مع قائد العمليات وقائد الشرطة ووجّه بضرورة كشف ملابسات الجريمة التي تريد الايقاع بين العراقيين والقبض على الفاعلين من خلايا الارهاب والضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن البصرة وإحداث أية فتنة بين مكوناتها كما قال بيان صحافي لمكتبه اطلعت على نصه "إيلاف".

وشدد العبادي على أهمية القضاء على هذه العصابات الارهابية التي تهدد أمن أهل البصرة والمدفوعة بأجندات تخريبية تحاول ان تحدث الفوضى في هذه المحافظة.

وأكد "ان هذه الجريمة الجبانة تأتي في الوقت الذي يتصدى فيه ابناء شعبنا بجميع طوائفه ومكوناته لعصابات داعش والجماعات الارهابية المرتبطة بها، خصوصا وان الشهداء والجرحى من العلماء ممن يدعون الى وحدة الكلمة& يقفون بالضد من جرائم داعش الارهابية".

وكان مسلحون مجهولون اغتالوا اربعة من خطباء الجوامع في قضاء الزبير مساء& الخميس.
&
وذكر مصدر في القضاء ان الخطباء الذين تم اغتيالهم هم كل من الشيخ مصطفى محمد سلمان خطيب جامع البكر، والشيخ حسن علي درويش خطيب جامع المزروع، والشيخ يوسف محمد ياسين خطيب جامع الزبير، والشيخ ابراهيم خطيب جامع العوهلي.

السيستاني يتدخّل لكشف الجناة

من جهته، أكد عضو جماعة العراق يوسف الحمداني أن المرجع الديني الأعلى آية الله السيد علي السيستاني أبلغ ممثله في محافظة البصرة بضرورة حث الأجهزة الأمنية في المحافظة على بذل الجهود لكشف المتورطين بحادثة اغتيال أئمة المساجد.

وقال الحمداني إن "المغدورين كانوا من دعاة السلم والتعايش السلمي بين مكونات محافظة البصرة والذين كانوا شوكة في عيون الارهابيين والمجرمين الذين يريدون النيل من وحدة العراق".

وقال "لا يمكننا ان نوجه اتهاما ضد اي جهة او ضد اي مكون لأن المخطط من وراء العملية كبير وهدفه واضح وهو تدمير العراق وشق صفوفه، وعلينا تفويت الفرصة على هؤلاء"، كما نقلت عنه وكالة السومرية نيوز،& لافتا الى أن "المرجع السيستاني ابلغ ممثله في المحافظة بان يكون له دور في حث الاجهزة الامنية على البحث عن خيوط هذه الجريمة النكراء والقبض على الجناة.

وزير الداخلية يدعو لوحدة الصف

من جهته، اشار وزير الداخلية محمد سالم الغبان من مسجد أبو حنيفة النعمان ببغداد، إلى أن التحديات التي تواجه العراق تتطلب توحيد الصف مؤكدا أنه سيستمر بالمشوار الذي بدأه في محاربة الفساد.

وقال الغبان في كلمة ألقاها خلال احتفالية أقامها& ديوان الوقف السني في مسجد ابو حنيفة النعمان ببغداد بمناسبة المولد النبوي إن "جوهر رسالة النبي محمد (ص) كانت الوحدة والتي لولاها لما انتصرت الرسالة الاسلامية"، مشددا على ضرورة "العودة إلى هذا الاصل الثابت في الاسلام والتوحد امام الارادات التي تريد النيل من وحدتنا".

وأضاف الغبان أن "التحديات التي تواجهنا والتي تريد النيل من الأمة وعظمتها تتطلب منا وحدة الصف"، لافتا الى "أننا سنبقى نسيجا متلاحما وستتحطم ارادة من يريد النيل من وحدتنا على صخرة العراق الواحد".

وقال: "أكدت منذ اليوم الاول لتسلمي منصب وزير الداخلية على القيادات بالالتزام بموضوع المهنية في التعامل مع الملف الأمني"، مؤكدا أنه سيستمر "بالمشوار الذي بدأته في محاربة الفساد".

الجبوري: يجب الّا تمر الجريمة دون عقاب

ومن جهته، دعا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الى الكشف عن منفذي عملية اغتيال رجال الدين في محافظة البصرة مشددا على ضرورة ألا تمر الجريمة سدى دون محاسبة ومحاكمة المتورطين.

وقال الجبوري في كلمة ألقاها خلال الاحتفالية إن "الجريمة التي حصلت في محافظة البصرة باغتيال عدد من رجال الدين والدعاة وهم يتهيأون للاحتفال بالمولد النبوي يجب ألا تمر سدى دون الكشف عن منفذيها ومحاسبتهم"، مشيرا الى أن "هناك من يريد أن يغير عنوان البصرة".

وأشاد الجبوري بقرار وزير الداخلية بتشكيل لجنة لكشف ملابسات اغتيال ائمة المساجد في المحافظة لافتا الى أن "مجلس النواب سيتابع ذلك من قبل الجهات المختصة".

ودعا الى "بناء الدولة المدنية الصحيحة القائمة على أسس رفض العنف والإرهاب والتطرف بكل اشكاله" مشددا على أن "التطرف لم يكن يوما ما عاملا مساعدا في بناء الأمم والشعوب".

النجيفي: الاغتيال يؤكّد همجية الذين نفذوه

وصف نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي جريمة اغتيال ائمة وخطباء في محافظة البصرة بالعمل الجبان الذي يدل على سقوط وهمجية المجرمين الذين نفذوا العملية.

ودعا النجيفي الجهات الأمنية الى بذل أقصى الجهود من اجل إلقاء القبض على القتلة وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.

وقال "ان هذه الجريمة تتزامن مع احتفال المسلمين بمولد فخر الكائنات محمد عليه الصلاة والسلام لتؤكد حقيقة ان من يستهدف أئمة المساجد في هذا اليوم المشهود برآء من الدين الاسلامي وبراء من قيمه الانسانية وتعاليمه".

وحث على "التعاون والتآزر في ضرب الاٍرهاب وعصابات الجريمة الوجه الآخر لداعش ، لتفويت الفرصة على الأعداء الذين يحاولون وبأساليب دنيئة اثارة الخلافات الطائفية من اجل ضرب وحدة البلد ومستقبله".

التحالف السني: مليشيات تسعى لاخلاء البصرة من السنّة

الكتلة النيابية لتحالف القوى العراقية السنية وصفت اغتيال الائمة بالجريمة النكراء التي ارتكبتها ميليشيات معروفة الانتماء في محافظة البصرة ضد أبناء المكوّن السنّي في محاولة مكشوفة لإخلاء المحافظة من هذا المكون عبر الاستهداف المستمر له تارة بالقتل وأخرى بالتهجير والخطف والابتزاز.

وطالب رئيس الكتلة احمد المساري في بيان صحافي الليلة حصلت "إيلاف" على نسخة منه الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة باتخاذ إجراءات سريعة وفاعلة لحماية السنة في البصرة ولجم هذه الميليشيات ووضع حد لاستهتارها وإنزال أقصى العقوبات بعناصرها التي تعيث في الأرض فسادا من دون حسيب او رقيب وتمارس القتل على الهوية خدمة لأجندات خارجية مشبوهة".

وحذرت الكتلة الحكومة من التباطؤ والتراخي في مواجهة تواصل النهج الاجرامي الخطير للميليشيات الطائفية ضد أبناء المكون السني في البصرة والذي لم يقابل بخطوات جدية رادعة من قبل الأجهزة الأمنية المسؤولة عن ذلك والتي تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية بهذا الخصوص ، مؤكدة ان ما ترتكبه تلك الميليشيات من جرائم إرهابية لا يختلف عما تقوم به عصابات داعش فهما وجهان لعملة واحدة.

الداخلية تحقّق

ومن جانبه، أمر وزير الداخلية أحمد الغبان وكالة المعلومات والتحقيقات الاتحادية بتشكيل لجنه تحقيق "للوقوف على خلفيات وأسباب الحادث الاجرامي الذي تعرّض له اربعة من الشيوخ وأئمة المساجد التابعين لمديرية الوقف السني في محافظة البصرة.

وقال الناطق باسم الوزارة العميد سعد معن ان هذا العمل الدنيء هو صورة من صور التخريب المستمر للوحدة الاجتماعية في البلاد ومحاولة جديدة لاستعداء طرف ضد آخر في محاولة ستفشل باذن الله بوعي وحكمة الخيرين والعقلاء وبحزم وارادة الاجهزة الامنية واننا نهيب بأبناء شعبنا الحذر من مكائد الأعداء والجهلة والأغبياء الذين جعلوا الفتنة الطائفية وسيلتهم الاولى لتسعير الحرب على حياة المدنيين الآمنين في العراق.

القصاص من الجناة

من جهتها، أكدت اللجنة الأمنية في مجلس قضاء الزبير بمحافظة البصرة ان الائمة تعرضوا لهجوم مسلح نفذه مسلحون عند مدخل القضاء غرب المحافظة.

وقال مصدر أمني ان مسلحين مجهولين يستقلون سيارتين مدنيتين اعترضوا سيارة تقل اربعة من خطباء الجوامع اثناء عودتهم الى منازلهم بالقرب من دور الخطة التي تقع بين مركز المحافظة والزبير حيث اطلقوا النار عليهم وأردوهم قتلى في الحال اضافة الى اصابة احد رجال الشرطة كان في حمايتهم.

وفي 20 آب (أغسطس) الماضي أكدت الأمم المتحدة قلقها لتصاعد عمليات القتل والاختطاف التي يتعرض لها السنة في محافظة البصرة وانتقدت السلطات لعدم إعتقال مرتكبي هذه الجرائم ودعتها إلى التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها مشيرة إلى أنّ العديد من السنة في المنطقة قد فروا منها خوفا.

واشار رئيس قسم حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" فرانسيسكو موتا قائلاً إنّه "منذ 23 حزيران (يونيو) 2014 لقي ما لا يقل عن 19 مدنياً سنياً مصرعهم وأُصيب 19 آخرون في موجة من عمليات القتل المستهدف والخطف.

وأوضح انه لم تتم الإشارة إلى العديد من هذه الحوادث في الإعلام غير أن البعثة كانت قد تحققت من كل منها عبر مصادر متعددة.

وأضاف قائلا "لقد صدرت تهديداتٌ أيضاً من مصادر مجهولة ضد عدة جوامع ومنظمات سنية بارزة، مهددة السنة بضرورة مغادرة البصرة أو مواجهة الموت وفي الأيام الأخيرة، تم وضع علامة (X) على منازل المواطنين السنة في بعض مناطق قضاء أبي الخصيب في محافظة البصرة وطلاء مصابيح الإنارة الخارجية باللون الأسود ونتيجة لتلك التهديدات فإن العديد من أبناء السنة قد أخذوا في مغادرة المنطقة".

وقد تم اغتيال العديد من المصلين وائمة المساجد ومؤذنيها خلال الصيف الماضي وكانت مدينة البصرة شهدت اواخر عام 2013 ايضا تصاعدا غير مسبوق في عمليات القتل والاختطاف ما دفع مديرية الوقف السني في المنطقة إلى اغلاق جميع مساجد أهل السنّة لعدة أيام والاكتفاء برفع الأذان فيها.