فيما يواصل تنظيم داعش عمليات القتل في شمال العراق، يشهد جنوب العراق وكبرى محافظاته البصرة حاليًا جرائم قتل واغتيالات تنفذها مليشيات مسلحة بعد أن وزعت جماعة "أهل الحق" منشورات تهدد أبناء السنة بالقتل، ثم هاجمت مساجد وقتلت مصليها، فيما اتهمت هيئة علماء المسلمين الحكومة وأجهزتها الأمنية بأنها شريكة للميليشيات في هذه الجرائم وتتحمل المسؤولية كاملة عنها.


لندن: رغم نفي الوقف السني في البصرة (550 كم جنوب بغداد) خلال اليومين الماضيين حدوث عمليات قتل وترهيب لسنة البصرة الا أن مجلس المحافظة أقرّ اليوم وقوع هذه الجرائم، وقال إن ما تقوم به العصابات الاجرامية في المحافظة لا يختلف عمّا تقوم به عصابات داعش في الموصل من ترويع وتهجير للمسيحيين والتركمان والشبك.

وأشار إلى أنّ مساجد بلدات الزبير والهارثة وابو الخصيب في المحافظة تشهد منذ ايام جرائم قتل للمواطنين على أيدي العصابات الارهابية متوعداً بالكشف عن هوياتهم والاجندات التي يعملون لها، والقبض عليهم. وأشار إلى أنّ حكومة البصرة المحلية بشقيها التشريعي والتنفيذي تتابع بقلق ما تعرض له بعض المواطنين في الزبير وابو الخصيب وغيرهما من المناطق من قتل وتهديد من "عناصر مجهولة".

ودان المجلس "بشدة جرائم القتل والتهديد التي تعرض لها المصلون في مساجد مهيجران والهارثة والزبير على أيدي عصابات مجهولة ونعد بملاحقة الجناة والكشف عن هوياتهم أو الاجندات التي يعملون لها".

وتوعد مجلس حكومة البصرة المحلية في بيان صحافي اليوم "مروجي الفتن والمنشورات التي تعمل على تهديد ابناء السنة على وجه التحديد بالقبض عليهم وتسليمهم إلى العدالة لنيل الجزاء العادل". ودعا ابناء السنة والطوائف الاخرى بأن لا يعيروا اهتمامًا للمنشورات التي قامت بتوزيعها "عناصر مسلحة مجهولة تحاول ترويع السكان وبذر الفرقة بين ابناء المحافظة التي عرفت بالتعايش السلمي وتنوع الانتماءات والمذاهب".

وكان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أعلن امس أنه اتفق والمرجع الشيعي الاعلى في العراق خلال اجتماعهما بالنجف على ضرورة تشكيل حكومة تواجه الارهاب وتضع حداً لانقسام العراقيين، وقال إن المرجع أكد على ضرورة مواجهة الارهاب بقوات الدولة حصرًا، في إشارة إلى تطويع الحكومة لآلاف المواطنين لقتال المسلحين.

وأشار كي مون خلال مؤتمر صحافي في النجف (160 كم جنوب بغداد) إلى أنّه اتفق والسيستاني على ضرورة تشكيل حكومة جديدة تكون باباً للعمل الجاد لبناء العراق وتنهي انقسامات العراقيين وتواجه الارهاب ضمن اطار الدولة وقوات الجيش العراقي وبحسب الدستور. وأكد أن سرعة تشكيل حكومة جديدة يمكن أن تساعد وتضع حداً للانقسام ومكافحة الارهاب.

اغتيال 9 مصلين ومؤذنين خلال 24 ساعة

ومن جهتها، قالت هيئة علماء المسلمين إن هذه الميليشيات اقدمت على اقتحام جامع "مهيجران الكبير" في قضاء أبي الخصيب وقتلت مؤذن المسجد أثناء رفعه لأذان الفجر وأربعة من المصلين وألقت جثثهم قرب جسر محمد القاسم على طريق الشعيبة، بعد أن مرت المجموعة المنفذة بعدة نقاط تفتيش للقوات الحكومية، كما أقدمت مجموعة أخرى من هذه الميليشيات على مهاجمة جامع "العثمان" في منطقة المعقل شمال البصرة واطلقت النار من أسلحتها الرشاشة، ما أدى إلى مقتل احد المصلين وإصابة آخر بجروح خطرة.

كما أقدمت مجموعة ثالثة من هذه الميليشيات على مهاجمة جامع "الهارثة" في ناحية الهارثة شمال شرق البصرة بعد صلاة التراويح، وقتلت اثنين من المصلين وجرحت ثلاثة منهم".

وأضافت الهيئة في بيان الجمعة "أن ما يجري في البصرة هذه الأيام يأتي في إطار منظم ومخطط له سلفًا ومصحوب بحملة كراهية وإرهاب طائفي جديدة، وفي سياق محاولة يائسة لبث الرعب والخوف بين صفوف المواطنين وإرغام قسم منهم على النزوح من المحافظة تحت سمع وبصر الحكومة الحالية وأجهزتها الأمنية التي هي شريكة للميليشيات في هذه الجرائم وتتحمل المسؤولية كاملة عنه، وعن مثيلاتها من الجرائم في البصرة وغيرها".

والثلاثاء الماضي، اقتحم مسلحون مسجد مهيجران في قضاء الخصيب جنوب البصرة& واختطفوا اربعة مصلين بعد قتل مؤذنه، فيما عثرت القوات الامنية في ما بعد على جثة احد المختطفين، فيما لم يعرف بعد مصير المخطوفين الثلاثة الآخرين.

واثر ذلك امتنعت مساجد البصرة عن رفع اذان الفجر وتوقفت صلاة قيام الليل في خطوة لاستنكار ممارسات المليشيات الطائفية ضد مساجد اهل السنة. وأشار سكان في البصرة إلى أنّ مساجد المدينة لم ترفع الاذان فجر الاربعاء فيما اوقفت صلاه قيام الليل في شهر رمضان بسبب ما تتعرض له من هجمة شرسة من قبل الميليشيات في ظل ضعف واضح بأداء القوات الامنية وبالأخص الشرطة المحلية.

وقد تم اغتيال تسعة مصلين خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية، اثنان منهم من مصلي جامع الفاروق في المعقل وخمسة في جامع مهيجران الكبير واثنان في جامع المصطفى في الهارثة من عشيرة السعدون.

يذكر أن عناصر ميليشيات متنفذة في البصرة ترتدي ملابس عسكرية&أقدمت، بعد اقتحام مسجد& مهيجران في قضاء أبو الخصيب وقتل إمامه محمود عاشور الثلاثاء، أقدمت، الأربعاء، على اغتيال شقيق معاون الوقف السني السابق في محافظة البصرة وإصابة آخر بجروح شمال المحافظة.

وقال شهود عيان إن مسلحين اثنين يستقلان دراجة نارية أقدما على اغتيال شقيق معاون الوقف السني السابق في البصرة ناصر كطامي وابن شقيقه قرب جامع الهارثة أثناء خروجهما من الصلاة، فيما أصيب آخر بجروح.

وقد وزعت مليشيا "أهل الحق" رسائل تهديد إلى ابناء السنة في البصرة ومنحت مهلة إلى الوقف السني مدتها 72 ساعة لغلق المساجد وتهجير مرتاديها من البصرة. وكانت مدينة البصرة شهدت اواخر العام الماضي ايضا تصاعدًا غير مسبوق في عمليات القتل والاختطاف مما دفع مديرية الوقف السني في المنطقة إلى اغلاق جميع مساجد اهل السنة والاكتفاء برفع الاذان فيها.

وأشارت المديرية إلى أنّه بعد التداعيات الامنية الكبيرة في البصرة وتواصل مسلسل الاغتيالات الطائفية واستهداف مديرية الوقف السني في المنطقة الجنوبية من منتسبي المساجد والتهديدات بالتهجير ضد طيف واسع من ابناء الجنوب، "قررنا اغلاق جميع المساجد التابعة لمديريتنا في البصرة".

وأضافت أن مساجد البصرة ستكتفي برفع الاذان والصلاة في المنازل حفاظاً على ارواح المصلين والمنتسبين لحين توفير وسائل الحماية للمساجد ومصليها. وأشارت المديرية إلى أنّ قرار الاغلاق هذا يأتي نتيجة التهديدات والاغتيالات التي طالت ائمة هذه المساجد ومؤذنيها والعاملين فيها.