عنتيبي: عندما سمعت الشابة الاوغندية جاين كادي قبل ثمانية اشهر ان مسلحين خطفوا فتيات نيجيريات من مكان سكنهن، شعرت بان هذا الحادث ايقظ فيها ذكريات مؤلمة.
وقالت الفتاة (25 عاما) التي تحمل على ذراعها ندبا "ناوبني كابوس تلك الليلة (...) فالفتيات يعانين كما عانيت من ذلك".
وقبل عقدين تقريبا من اقدام جماعة بوكو حرام على خطف اكثر من 200 فتاة من مدينة شيبوك النيجيرية، خطفت 139 فتات من ثانويتهن في ابوك في شمال اوغندا.
وبعد سنوات عدة، خطفت 16 فتاة اخرى بينهن جاين من مكان مخصص لسكن الفتيات في ادجوماني على مسافة 450 كلم شمال العاصمة الاوغندية كامبالا.
وكلهن ضحايا جيش الرب للمقاومة الميليشيا الدموية بقيادة جوزف كوني.
وقبل خطفها في حزيران/يونيو 2003 وهي في سن 16 عاما، كانت جاين كادي تعيش في قرية مانيولا الصغيرة النائية مع والديها المزارعين واشقائها، وقد انهت حينها الدراسة الابتدائية وكانت تحب الغناء.
لكنها عندما وقعت في الاسر لدى جيش الرب للمقاومة اصبحت ايامها تقتصر على طبخ الذرة الصفراء والفاصوليا لرجال يحرمون اسيراتهم من الطعام.
وفي الليل كانت تحمل اكياس ثقيلة سيما وان المتمردين كانوا يتنقلون باستمرار من مكان الى اخر تفاديا من الوقوع في الاسر.
وفي يوم من الايام طلب منها خاطفوها ان تقتل صديقتها لكنها رفضت فعاقبوها وربطوها حول شجرة وصبوا عليها وقودا واضرموا النار فيها.
وتتذكر جاين قائلة "اعتقدت انني سأموت"، لكن رهينة اخرى اغاثتها وقامت بتنظيفها.
واخيرا، تمكنت الفتاة من الهرب بعد سنة اثناء معارك بين الميليشيا والجيش الاوغندي.
لكن استعادتها للحرية لم ينزع عنها طعم المرارة بسبب الندب التي تغطي الجانب الايسر من جسدها لا سيما ذراعها وساقها ولان عائلتها التي لم يعرف احد شيئا عنها قد قتلها على الارجح رجال كوني.
واثناء فترة النقاهة التي استمرت ستة اشهر في مستشفى ادجوماني التقت جاين احدى صديقات امها وقررت العيش معها لكنها لم تعد الى المدرسة لقلة المال وكذلك خوفا من انتقادات تتعرض لها على غرار معظم ضحايا جيش الرب للمقاومة.
وقالت الفتاة "خشيت ان يقول الناس انني +ليمور+ (معطوبة باللهجة المحلية) لانني فقدت بعض اصابع رجلي" واضافت "من الصعب العودة الى حياة عادية بعد الاسر".
وفي 2011 عرضت عليها صديقة خياطة تعمل في عنتيبي على مسافة اربعين كلم جنوب غرب كامبالا ان تقيم معها.
وحصلت بعدها على شهادة مصممة ازياء بفضل منظمة مايندست ديفلومبنت غير الحكومية ومقرها عنتيبي واصبحت الان تبيع حقائب سيدات وفساتين "كيتنجي" (أثياب افريقية تشبه السارونغ الاسيوي) الملونة في الاسواق وتتطلع ان تعود يوما الى ادجوماني لتفتح محلها الخاص.
وتقول الفتاة التي تخشى المشي وحيدة في الادغال "انه بيتي رغم انني ما زلت خائفة" و"اشعر كأنني هناك مع المتمردين وانهم سيأتون لاعتقالي".
وما زالت حتى اليوم تتساءل عما جرى لاشقائها وفتاتين خطفتا معها من الميتم ولم تستعيدا حريتهما.
كما انها تصلي من اجل الفتيات ال219 المخطوفات في 14 نيسان/ابريل في نيجريا اللواتي لم يطلق سراحهن بعد قائلة "ليحتفظن بقوتهن".
من جهتها، تفكر غرايس اشان التي خطفت عندما كانت في الخامسة عشر من ثانوية ابوكي في 1996 وتبلغ الان ثلاثين عاما، في الشابات النيجيريات& المخطوفات قائلة "عندما كنت اسيرة جيش الرب للمقاومة كنت احلم بالعودة الى المدرسة".
وقد افرج عن غرايس ومعظم زميلاتها بعد قليل من الهجوم الذي تعرضت له ثانويتهن لكن بقي ثلاثون منهن اعواما طويلة بين ايدي حركة التمرد وقتل اربعة منهن وما زالت واحدة في عداد المفقودين.
ويدرس بعض اللواتي افرج عنهن اليوم الطب والعلوم والزراعة بينما يجهد البعض الاخر لانهاء دراستهن الثانوية.
وقالت كونزي اوغوال والد غرايس متذمرة ان "الحكومة لا تساعدنا، نحن في حاجة الى منح دراسية" هناك 12 فتاة يتابعن دروسا فقط بفضل مساعدة المنظمة الكندية "تشيلدرن اوف هوب اوغندا".
وبعد اعوام من المعارك ،اقر البرلمان الاوغندي في نيسان/ابريل انشاء صندوق لضحايا جيش الرب للمقاومة.
وقد انشقت حركة التمرد في 2006 اثر هجوم شنه الجيش في اوغندا الى عدة مجموعات مشتتة انتشرت في ادغال البلدان المجاورة لا سيما في جمهورية الكونغو الديمقراطية وافريقيا الوسطى وجنوب السودان.
وتقول الامم المتحدة ان جيش الرب للمقاومة قتل خلال ثلاثة عقود اكثر من مئة الف شخص وخطف اكثر من ستين الفا اخرين.
وتضيف ايضا ان عمليات الخطف التي قامت بها الميليشيا، متواصلة وفي ارتفاع اذ انها طالت حتى تشرين الثاني/نوفمبر 432 شخصا خطفوا منذ بداية السنة، اي ضعفي مجموع المخطوفين خلال 2012.
وجوزف كوني مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم قتل واغتصاب وممارسة العبودية وتجنيد الاطفال.
ورصدت وزارة الخارجية الاميركية جائزة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي الى اعتقاله بينما يعمل الجيش الاوغندي على راس قوة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي على مطاردته بمساعدة الولايات المتحدة.
ويقول الباحث كاسبر اغير في منظمة ايناف بروجكت ان الجهود المبذولة لمطاردة جيش الرب للمقاومة ادت الى اضعاف هذه الميليشيا.
واعتبر ان كوني ما يزال على قيد الحياة لكنه سيقع "طال الزمان ام قصر" مؤكدا انه "اذا استطاع البقاء مختبئا فان الاميركيين قد ينالهم التعب يوما ويعودوا الى بلادهم" لان مطاردته "كالبحث عن ابرة في كومة من القش".
التعليقات