بحث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في النجف العراقية اليوم مع المرجع الشيعي الأعلى السيستاني التحديات التي تواجه المسلمين، وسبل مواجهة خطاب الكراهية والتطرف والعنف، ودان الهجوم على الصحيفة الفرنسية ونشر صور مسيئة للنبي محمد، وذلك عقب لقائه في بغداد مع قادة شيعة وسنة ومسيحيين وممثل الأمم المتحدة حيث بحث معهم سبل مواجهة التطرف والعنف الطائفي.
لندن: قال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي اياد بن مدني إنه بحث في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد)، الاربعاء، مع المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني المقومات والمبادئ التي ترسخ الوحدة ونبذ العنف بين جميع الطوائف الإسلامية، موضحًا أن العالم الإسلامي يواجه تحديات كبيرة تتطلب من الجميع التصدي لها. واشار في تصريحات للصحافيين، عقب اجتماعه بالسيستاني، الى أن العالم الإسلامي يواجه اليوم ثلاثة تحديات: هي الاقتتال المذهبي وخطاب التطرف والعداء للاسلام. وعن القنوات التي تحرض على الفتنة، اشار إلى& أن المنظمة لا تملك قانونًا ولا آلية لايقاف هذه القنوات... وقال: " اننا نسعى حاليًا لإيجاد قانون يمكن تطبيقه للحد من هذه الظاهرة".
واضاف مدني انه استفاد من حكمة ونظرة المرجع الشمولية لأوضاع المسلمين الحالية، وهم يواجهون خطر التطرف والكراهية... وقال إن العراق جزء اصيل من الامة العربية والإسلامية، "ونتمنى أن يعود إلى وحدته وقوته، وأن يكون شعبه وحدة واحدة ومصدر قوة للعالم الإسلامي". واوضح أنه اطلع السيستاني على آلية انشاء مركز للحوار بين المذاهب في مكة المكرمة ومهمات عمله، واشار إلى أنه استمع إلى نصائحه في ما يخص تطوير عمل منظمة التعاون الإسلامي ومهماتها لخدمة المسلمين.
وردًا على سؤال حول الهجوم على الصحيفة الباريسية "شارلي ايبدو" مؤخرًا، أكد مدني أن هذا العمل "وحشي ومستنكر في العالم الإسلامي"... واشار إلى أن اعادة نشر الرسوم المسيئة لشخصية النبي محمد " صفاقة وحماقة وجهل ولا يعطي الحق على رد الفعل بالعنف على هذه الاساءة". وشدد على أن "حرية التعبير ليست دعوة للكراهية او الاساءة لأي مذهب او دين"... وقال إن هناك توجهاً عاماً داخل المنظمة "بأن لا يتم السماح لأي صوت يكفر أو يشكك بأي مذهب، حيث يتطلب تحقيق هذا الامر آلية عمل تقوم بها الدول المعنية للحد منه ".
المدني بحث مع قادة الطوائف مواجهة العنف والتطرف
وخلال اجتماعه مع بطريرك بابل والكلدان في العالم لويس روفائيل ساكو في بغداد، الاربعاء، فقد أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أياد بن مدني رفضه لأي اعتداء أو اضطهاد للمسيحيين في العراق مشددًا على انهم مكون أساسي من المكونات العراقية ويجب عدم المساس بهم. واضاف أن التعددية هي الأصل وأن التطرف كظاهرة قد شملت العالم كله على مر التاريخ، وهي امر مرفوض.
واشار مدني إلى ضرورة فهم الجذور الاقتصادية والظلم الاجتماعي والقهر السياسي كعوامل تقف في سياق تنامي هذه الظاهرة، وأكد تفهمه للأوضاع التي يعيشها المسيحيون في العراق. واكد في بيان صحافي عقب الاجتماع موقف المنظمة الثابت والداعم لوحدته وتماسكه بما يشمل جميع الفئات العرقية والمذهبية والدينية المكونة له .
ومن جانبه، ثمن ساكو جهود منظمة التعاون الإسلامي في تفكيك ظاهرة التطرف والعنف، وقال إن المسيحيين في العراق يؤمنون بأنهم مع أخوتهم المسلمين شعب واحد، وقد عاشوا جنبًا إلى جنب في مختلف العصور.
كما بحث مدني مع رئيسي الديوانين السني والشيعي&، كل على حدة، سبل مواجهة التطرف والعنف الطائفي.
وخلال اجتماعه مع مدني، فقد اكد رئيس الوقف السني محمود الصميدعي اهمية دور المنظمة في دعم وحدة واستقرار العراق منوهًا بجهودها في عام 2006& حين أطلقت وثيقة مكة التي عملت على تخفيف الاحتقان الطائفي في العراق انذاك .. ودعا المنظمة إلى تفعيل هذا الدور وأن تبني عليه وفق متطلبات الحالة الراهنة التي يمر بها العراق.
وعند اجتماعه مع مدني ثمن رئيس الوقف الشيعي صالح الحديري خطاب المنظمة في المحافل الدولية والرافض لدعوات التطرف مؤكدًا توافقه مع المنظمة في مواقفها المنددة بالعنف والإرهاب . ورحب الحيدري بأي دور تقوم به المنظمة من أجل تعزيز اللحمة العراقية مبديًا رفضه لاستغلال المذاهب في الخلافات السياسية.
واضافة إلى ذلك، فقد بحث الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف نشاطات المنظمة في المجالات الانسانية في العراق، حيث اكدا على أهمية عمل المنظمة في المجالات الإنسانية في العراق ودورها الذي تضطلع به في إبراز ودعم الوسطية والاعتدال. وبحث الجانبان التعاون المشترك والوقوف بوجه الغلو والتطرف بخاصة في هذه المرحلة التي يمر بها العراق.
وقد وصل الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إلى النجف ظهر اليوم، للقاء المراجع الكبار للشيعة، يتقدمهم اية الله السيد علي السيستاني، لمناقشة الاساليب المطلوبة لإنهاء العنف والاحتقان الطائفي الذي يشهده العراق، ودور المراجع في ترسيخ مبادئ التعايش السلمي بين مختلف مكونات البلاد.
تفعيل ملف المصالحة الوطنية
وكان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين بن مدني قد بدأ امس زيارة إلى العراق تستغرق ثلاثة ايام لإجراء مباحثات مع المسؤولين في بغداد واربيل، ومرجعيات النجف تتناول سبل مواجهة التطرف الديني والإرهاب وتفعيل وثيقة مكة بين القوى والطوائف العراقية الموقعة عام 2006 لوقف العنف الطائفي في البلاد.&&&
وعلمت "ايلاف" أن بن مدني سيلتقي خلال زيارته مع الرؤساء الثلاثة للجمهورية فؤاد معصوم والبرلمان سليم الجبوري والحكومة حيدر العبادي، اضافة إلى نائب الرئيس& أسامة النجيفي ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري، للبحث في سبل مواجهة الإرهاب والتطرف اضافة إلى تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية في المجالات السياسية والاقتصادية والإنسانية.&
ويضم الوفد المرافق لبن مدني، وهو وزير الاعلام السابق في المملكة العربية السعودية، عددًا من السفراء والمستشارين في المنظمة للبحث في مبادرة الرئيس فؤاد معصوم لتفعيل وثيقة مكة التي تم المصادقة عليها من قبل المكونات والاطراف السياسية والدينية العراقية في مكة المكرمة في العشرين من تشرين الأول (نوفمبر) عام 2006.
وعن اسباب التحرك الإسلامي في هذه الفترة، أشار مصدر عراقي إلى أن "العراق يشهد هجمة اجرامية كبيرة من قبل الإرهاب والإرهابيين، مما هدد الامن والاستقرار في العراق، ولذلك رأت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، بحكم موقعها كمنظمة وحيدة جامعة لكل البلدان الإسلامية بكل طوائفها ومذاهبها والناطقة باسمها والمعبّرة عن قضاياها، أن عليها واجبًا أمام الأمة الإسلامية وأمام التاريخ أن تبادر بالقيام بما يوقف نزيف الدم المراق في العراق ومحاولة نزع فتيل الاقتتال الطائفي هناك" .
واشار المصدر إلى أن المنظمة تسعى من خلال زيارة وفدها هذا إلى العراق حاليًا إلى الحث على مشاركة جميع الاطياف والمكونات السياسية والدينية العراقية في توحيد الموقف والكلمة والافعال بإطار الوحدة الوطنية ومحاربة الإرهاب بكل اشكاله من خلال إعلان وثيقة تثبت حكم الدين الإسلامي في موضوع القتل العمد للمسلمين بغير حقّ أو حدّ شرعي وهو حكمٌ وَقَعَ عليه إجماع الأمة بكل مذاهبها، يجرّم هذا العمل، ويتوعد فاعله بأقسى أنواع العقوبة وبالعذاب في الآخرة .
وكان علماء دين يمثلون الطائفتين الشيعية والسنية في العراق قد وقعوا في مكة اواخر عام 2006 ابان احتدام القتال الطائفي بين الطائفتين على الوثيقة بهدف حقن دماء المسلمين وإيقاف الحرب الطائفية في العراق وانهاء أعمال العنف التي طالت المساجد ودور العلم والعبادة. واكدت الوثيقة أنه لا يجوز شرعًا لأحد من المذهبين أن يكفر أحدًا من المذهب الآخر أو التعرض لمسلم شيعي أو سني بالقتل أو الإيذاء، أو الترويع أوالعدوان. واكدت حرمة دور العبادة وهي تشمل المساجد والحسينيات وأماكن عبادة غير المسلمين... واعتبرت أن الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه وحرمه... وشددت على ضرورة الابتعاد عن إثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية واللغوية .&
وشددت الوثيقة على أن السنة والشيعة يقفون صفًا واحدًا للمحافظة على استقلال العراق ووحدته وسلامة أراضيه، وتحقيق الإرادة الحرة لشعبه؛ ويساهمون في بناء قدراتهم العسكرية والاقتصادية والسياسية ويعملون من أجل إنهاء الاحتلال واستعادة الدور الثقافي والحضاري العربي والإسلامي والإنساني للعراق. لكنه بالرغم من ذلك، فإن اعمال العنف والتطهير الطائفي استمرت في العراق خلال السنوات التي اعقبت توقيع الوثيقة، وشهدت في الآونة الأخيرة تصاعدًا واسعًا مقلقًا مع اتساع العمليات العسكرية في البلاد لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
يذكر أن منظمة التعاون الإسلامي قد تأسست عام 1969 و تضم 57 دولة إسلامية موزعة على أربع قارات وتعتبر الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، كما أنها ترتبط بعلاقات مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات لحماية المصالح الحيوية للمسلمين والعمل على تسوية النزاعات والصراعات التي تكون الدول الأعضاء طرفًا فيها.
&
&
&
التعليقات