أثارت تصريحات حسن نصر الله الأخيرة عن البحرين استنكارات داخلية وخارجية، ما استدعت بالجالية اللبنانية إلى تقديم اعتذار رسمي إلى المملكة الخليجية عبر وفد يتقدمه القائم بالأعمال اللبناني في البحرين، حتى إن شركاء سياسيين لحزب الله عبّروا عن امتعاضهم من تأثيرات هذا التدخل على العلاقات مؤكدين أن أقوال نصرالله&لا تمثل رأي الحكومة.


إيلاف - متابعة: قدم وفد من الجالية اللبنانية إلى القائم في الاعمال اللبناني في مملكة البحرين ابراهيم عساف عريضة استنكر فيها الكلام الصادر على لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحق البحرين، واعتبره تدخلا سافرا في شؤون المملكة الداخلية، التي حرصت دوما على استقرار لبنان وسيادته.

واكد الوفد لعساف ان "التصريحات التي صدرت من نصرالله تورط جزءا كبيرا من اللبنانين في رأي سياسي لا يمثلهم ولا يؤيدوه ويدفعون بسببه ثمن مغامرات يرفضونها". وشدد الوفد ان "البحرين لم تتدخل يومًا في شؤون لبنان الداخلية، وتعامل الجالية اللبنانية في المملكة بشكل لا يستحق الا التقدير والاحترام".

من جهته، رحّب القائم بالاعمال بالخطوة، واستلم العريضة من الوفد، مؤكدا حرصه على ايصالها للخارجية اللبنانية في بيروت. واعتبر عساف ان "العريضة تعبّر بشكل كبير عن الموقف الذي اعلنت عنه الحكومة اللبنانية على لسان رئيسها تمام سلام الذي استنكر هذه التصريحات التي تسيء الى علاقات لبنان الخارجية والى الجاليات اللبنانية".

استدعاء لبنانيين
واكد ان "المملكة تساعد اللبنانيين، وتسهل امورهم، كي يتمكنوا من العيش والعمل وتأمين مستقبلهم". وابلغ عساف الوفد انه "سلم الى الخارجية البحرينية امس بيان من نظيرتها اللبنانية تستنكر فيه التصريحات التي صدرت من نصر الله، وتؤكد انها لا تعبر راي الحكومة والشعب اللبناني". وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع استدعاء المملكة عددا من اللبنانيين على خلفية التصريحات التي اطلقها نصر الله بحق البحرين.

باسيل: لا تعبّر عن رأي الحكومة
وفي تصريح لافت من حليف سياسي وثيق، اكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ان ما صدر من تصريحات للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول البحرين، لا يعبّر عن رأي وزارة الخارجية والحكومة اللبنانية، ولا عن الجهة السياسية التي يمثلها.
&
واعرب في حديث للـ lbci عن رفضه صدور بيان يدين لبنان ككل، وذلك حفاظا على الوحدة الوطنية، مشيراً الى أنه لا يختلف موقف لبنان الضمني عن موقف الدول العربية في بيانهم لناحية عدم التدخل في شؤون البحرين، قائلاً: "اننا نتفهم مطالبة البحرين بعدم التدخل في شؤونها".

ريفي: مطالب باعتذار
من جانبه اعتبر وزير العدل اللواء أشرف ريفي& أن "حزب الله" يلعب دور الآداة للنفوذ الايراني في المنطقة، منتقداً تصريحات "حزب الله" وأمينه العام السيد حسن نصرالله، الأخيرة، لسلطات البحرين، مطالباً الحكومة اللبنانية بتقديم اعتذار للمملكة الخليجية عن هذه التصريحات.

وصدر من وزير العدل البيان الآتي: "مرة جديدة يثبت حزب الله أنه يلعب دور الأداة للنفوذ الإيراني في المنطقة، وما المواقف التي صدرت من أمينه العام، بخصوص البحرين سوى نموذج عن هذا الدور الذي بات يعرّض مصلحة لبنان وأمنه لأشد الأخطار، كما يؤدي الى توتير علاقته بالدول الشقيقة والصديقة".

أضاف أن "ما ألمح اليه حزب الله من تهديد مبطن للبحرين، والاساءة اليها، يتجاوز كل الخطوط الحمر، فاضافة الى المشاركة في الحرب في سوريا دعماً للنظام الدكتاتوري، والتدخل في العراق واليمن، لحساب ايران وبطلب منها، تأتي التهديدات للبحرين، لتنعكس مزيداً من السلبية والأخطار على لبنان، حيث يجيز فريق لبناني لنفسه التصرف كما لو أنه مرشد الجمهورية، ومقرر سياساتها، والمتحكم في مصيرها، وهو ما نرفضه بشكل قاطع".

واعتبر ريفي أن "هذا السلوك يتجاوز بكثير الحق بإبداء الموقف بالدعم السياسي أو الإعلامي، لما يحصل في البحرين أو غيرها من الدول العربية، وهو يؤدي الى تأجيج الشعور المذهبي والفرقة، ويتناقض تماماً مع أهداف الحوار في الداخل اللبناني الذي يفترض أن يؤدي الى تبريد الاحتقان، وحفظ الاستقرار".

وختم وزير العدل بأن "ما صدر من حزب الله، يستدعي من الحكومة اللبنانية تقديم اعتذار لدولة البحرين، لكونه يشكل اعتداء خارجاً عن كل الأصول، وسأطرح هذه القضية على طاولة مجلس الوزراء، وأتقدم شخصياً كمواطن لبناني، باعتذار من البحرين، آملاً أن لا يؤثر موقف حزب الله المخالف للارادة الوطنية الجامعة سلباً، على العلاقات التاريخية بين البلدين".

تجفيف منابع
وتشير تقارير إلى أن الدعم الإيراني لحزب الله اللبناني أشرف على النهاية، بعد بدء جفاف تمويل الحزب من عائدات النفط الايراني تحت وطأة العقوبات الغربية ضد ايران وهبوط اسعار النفط.

لا تبدو الروابي الكلسية لجنوب لبنان من الوهلة الأولى مكانا صالحا للاستثمار في العقارات. فهذا الشريط الضيق من الأرض قرب حدود لبنان المتوترة مع اسرائيل عانى ويلات الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاما والآثار المدمرة للمواجهات مع القوات الاسرائيلية. ولكنه شهد خلال السنوات القليلة الماضية بناء قصور جديدة على امتداد الطرق الضيقة قرب بلدة جويا التي تبعد نحو 100 كلم عن بيروت. وتبدو هذه القصور المنيفة في غير مكانها وسط بساتين الزيتون ومراعي الأغنام والمزارع المتداعية والطرق الترابية.

ويقول لبنانيون من اهل المنطقة ان هذه القصور التي ما زال بعضها قيد الانشاء هي ملك مسؤولين من المستويات العليا والمتوسطة في حزب الله الذي أصبح لاعبا كبيرا في السياسة اللبنانية بفضل المال الايراني والدعم الذي يأتيه من مغتربين اثرياء وبعض الابتزاز السياسي في الداخل. وأسهمت هذه المصادر في إثراء بعض الأفراد في جنوب لبنان حيث غالبية سكانه من الفقراء تاريخيا.

أزمة مالية
وكانت النتيجة، كما يعترف مسؤولون في حزب الله ومراقبون قريبون منه، إقدام ايران على خفض الدعم المالي الذي تقدمه الى الحزب بدرجة كبيرة. وقال خليل، وهو قائد عسكري في حزب الله طلب استخدام اسم مستعار، "ان الكثير من اعضاء الحزب لا تُدفع رواتبهم إلا بعد تأخير طويل". واضاف ان البعض يتسلم أقل مما كان يُدفع له في السابق.

وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها حزب الله أزمة في السيولة النقدية. ففي عام 2008 عندما هبط سعر النفط من 147 دولارا للبرميل في الصيف الى 32 دولارا في الشتاء واجهت ايران صعوبة بالغة في الحفاظ على مستوى دعمها المالي للحزب. ويقدر محللون ان طهران خفضت تمويل الحزب بنحو 50 في المئة. ولكن خليل أكد لمجلة نيوزويك ان التخفيض هذه المرة كان بنسبة حتى أكبر. واضاف خليل محاولا ان يبدو متفائلا رغم الضائقة المالية التي تواجه حزبه "نحن معتادون على ظهور غيمة سوداء فوقنا وهذه الغيمة ايضا ستنقشع".

خروقات أمنية
لكن أزمة حزب الله المالية ربما جاءت في اسوأ وقت يمر به. إذ اعترف الحزب بحدوث اختراق أمني في صفوفه على أعلى المستويات بعد اكتشاف جاسوس اسرائيلي مدسوس في وحدة أمنية حساسة باعتراف الأمين العام للحزب حسن نصر الله نفسه. ويُقدر ان جناحه العسكري فقد نحو 1000 مقاتل في سوريا. وكلما ازداد تورط الحزب في الحرب السورية الى جانب قوات النظام اشتدت الضغوط على موارده المالية المتناقصة اصلا. وقال المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ماثيو ليفيت لمجلة نيوزويك ان الصدمة النفطية هي اقسى صدمة شعر بها الحزب.

تذمر أهالي المقاتلين
وقالت أم أيمن من الضاحية الجنوبية في بيروت ولديها ابن في السابعة عشرة يقاتل في سوريا ان حزب الله خفض اعاناته لذوي مقاتليه. ونقلت مجلة نيوزويك عن أم أيمن قولها "ان عائلتنا تحصل الآن على نصف العناية الطبية والأدوية التي نحتاجها. إذ كانت هذه تأتي كل شهر بدون مشاكل، لكننا نعاني اليوم".

وفي غمرة الانتقادات المتزايدة لتورط الحزب في سوريا أدى نقص الدعم المالي الايراني الى تخفيض متواصل في الخدمات الاجتماعية التي يقدمها لقواعده والمدفوعات النقدية التي يخصصها لحلفاء سياسيين لبنانيين. وبحسب القائد العسكري خليل ومصدر آخر قريب من حزب الله فان سياسيا درزيا متحالفا مع الحزب كان يتسلم 60 الف دولار شهريا من الحزب وهو اليوم يقبض 20 الف دولار فقط. وذهب خليل والمصدر على السواء الى ان سياسيا لبنانيا آخر كان يتقاضى مخصصات شهرية تبلغ 40 الف دولار ولكن عليه الآن ان يقنع بـ15 الف دولار.

وقال الباحث ليفيت من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى "اعتقد ان حزب الله يشعر بقلق بالغ. فهو حين يضع نفسه في موقع الحزب الذي يلبي هذه الحاجات يتعاظم ما يكون منتَظَرا منه".


&