أدانت دول الخليج العربية ما وصفته بأنه "انقلاب" من جانب حركة الحوثيين في اليمن بعد أن سيطر مقاتلو الحركة على قصر الرئاسة، وتزامناً ينتظر صدور قرارات (إذعان) عن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الذي تضاربت الأنباء في شأن مصيره.


نصر المجالي: أكد المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، الأربعاء، دعمه للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في مواجهة "الانقلاب على الشرعية" من قبل الحوثيين، وشدد على عزمه اتخاذ إجراءات لحماية مصالح الخليج في اليمن.

وقال وزراء الخارجية في بيان، عقب اجتماع استثنائي في الرياض، إن المجلس تابع مستجدات الأوضاع الخطيرة في اليمن و"ما آلت إليه الأحداث المؤسفة والعمليات الإرهابية من قبل الحوثيين وداعميهم".

وطالب وزراء خارجية دول المجلس بانسحاب الحوثيين من القصر ومن منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي وإطلاق سراح أحد مساعديه خطفته الحركة. وطالبوا أيضا بإعادة الأمور إلى طبيعتها في صنعاء وإعادة مؤسسات الحكومة إلى سيطرة الدولة.

وشدد الوزراء على دعم دول الخليج، التي رعت اتفاق انتقال السلطة في اليمن، "للشرعية الدستورية متمثلة في فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي" و"رفض كافة الإجراءات المتخذة لفرض الأمر الواقع بالقوة ومحاولة تغيير مكونات وطبيعة المجتمع اليمني".

تقويض العملية السياسية

وأعربوا عن قلقهم إزاء ما نجم عن تلك الأعمال "من تقويض للعملية السياسية.. القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وإفشال مخرجات الحوار الوطني الشامل وتعطيل العملية الانتقالية السلمية بما يتعارض مع المصالح العليا لليمن وشعبه".

وأدان البيان الخليجي "بشدة هذه الأعمال الإرهابية والتي كان آخرها التعدي على الشرعية الدستورية ومحاصرة واقتحام دار الرئاسة واختطاف الدكتور أحمد عوض بن مبارك". وأضاف أن "دول مجلس التعاون تؤكد أن أمن اليمن هو جزء من الأمن الوطني لدول مجلس التعاون وأن استقرار اليمن ووحدته يشكل أولوية قصوى لدول المجلس".

كما أكد بيان المجلس الوزاري عزم الدول الخليجية اتخاذ "الإجراءات المطلوبة لحماية أمنها واستقرارها ومصالحها الحيوية في اليمن".

قرارات وشيكة

وفي تطور من صنعاء، قال مصدر مقرب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الأربعاء إن من المتوقع أن يصدر الرئيس عددا من القرارات خلال الساعات القادمة تراعي مطالب الحوثيين الذين يهيمنون على البلاد.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن الرئيس ليس رهن الاعتقال المنزلي وانه اجتمع مع ممثلين كبار عن الحوثيين. وقال المصدر "ستصدر خلال ساعات قرارات تراعي مطالب الحوثيين.. نتوقع صدور اعلان لحل جميع المشكلات خلال ساعات".

ورجحت مصادر رئاسية، قرب الإعلان عن اتفاق مع جماعة أنصار الله "الحوثيين"، وذلك عقب لقاء بين الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ومندوب عن الجماعة التي تسيطر على صنعاء. وقال مصدر مقرب من الرئيس اليمني إن مسؤولا من الحوثيين التقى هادي في منزله في شارع الستين الذي يخضع منذ الثلاثاء لحصار من قبل الحركة، وأكد أن الرئيس "ليس رهن الاعتقال المنزلي".

وأضاف المصدر الرئاسي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن القرارات التي توصل إليها الطرفان "تراعي مطالب الحوثيين" وتوقع "صدورها خلال ساعات"، دون الكشف عن طبيعة الاتفاق وحيثياته.

أنباء متضاربة

وكانت الأنباء تضاربت بشأن وضع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، فبينما يقول بعض المسؤولين إن مسلحي الحوثيين يحتجزونه تحت الإقامة الجبرية، يقول آخرون إنه لا يزال في السلطة، ولم يحتجز. ولم يرد أي تعليق رسمي من الرئيس هادي نفسه حتى الآن، منذ قصف الحوثيين لمقره في العاصمة صنعاء الثلاثاء.

لكن مصدرا مقربا من الرئيس هادي قال في تصريح خاص لـ(بي بي سي) إن الرئيس هادي موجود في منزله في صنعاء، وإنه مصر على البقاء في عاصمة البلاد، وإنه لن يغادرها مطلقا، على الرغم من التطورات الحالية. وقال المصدر إن الرئيس هادي حريص على ممارسة مهامه الشرعية والدستورية لإيصال البلاد إلى بر الأمان وتجنيبها حربا أهلية.

وقال إن الرئيس يشدد على أهمية إقرار الدستور الجديد للبلاد، بموافقة كل القوى السياسية، وترتيب الأجواء الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية ونيابية حرة ونزيهة، بعد استكمال متطلبات المبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة وقرارات الحوار الوطني.

بحاح يغادر سكنه

وأفاد مصدر مقرب من رئيس الوزراء اليمني، خالد بحاح، بأن رئيس الحكومة غادر مقر سكنه داخل القصر الجمهوري قبل قليل، لأول مرة منذ ثلاثة أيام، بعد حصار المسلحين الحوثيين للقصر الجمهوري وسكن رئيس الحكومة.

وكان الحوثيون سيطروا أيضا على القصر الرئاسي، وتفيد تقارير بأنهم استولوا كذلك على قاعدة الصواريخ الرئيسة في صنعاء. ولا يزال حزب الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، المؤتمر الشعبي العام، يساند مطالب الحوثيين. ويشتبه منذ فترة طويلة بأن صالح يدعم الحوثيين، على الرغم من أنه قاتلهم حينما كان في السلطة.

وكان المسلحون الحوثيون قد انتشروا في مواقع الحرس الجمهوري أمام مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي في صنعاء بعد يومين من الاشتباكات التي أدت إلى سيطرة الحركة على العاصمة بالكامل، تقريبا، بحسب ما ذكره شهود عيان.

مجلس الأمن

وفي نيويورك، أكد أعضاء مجلس الأمن الدولي أهمية تنفيذ كافة بنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية بما في ذلك الملحق الأمني ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

وقال بيان مجلس الأمن الدولي في ختام الجلسة المخصصة لمناقشة الأوضاع في اليمن الذي تلاه رئيس المجلس السفير كريستيان باروس ميليت مندوب تشيلي بيانا "يعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء الأزمة السياسية والأمنية المتدهورة في اليمن ويدعو أعضاء المجلس جميع الأطراف إلى تنفيذ وقف تام ودائم لإطلاق النار ويؤكدون أهمية التنفيذ الكامل لبنود اتفاق السلم والشراكة الوطني بما في ذلك الملحق الأمني ونتائج مؤتمر الحوار الوطني ومبادرة مجلس التعاون الخليجي".

ودعا البيان كل الاطراف واللاعبين السياسيين في اليمن بالوقوف إلى جانب الرئيس هادي ورئيس الوزراء بحاح ومجلس الوزراء بُغية الحفاظ على مسار الاستقرار والأمن وكذا معالجة الخلافات عبر الحوار والتشاور .. مؤكداً بهذا الصدد مواصلة دعم اعضاء مجلس الأمن الكامل للجهود والمساعي الحميدة التي يقوم بها مستشار الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر.

كما دعا أعضاء مجلس الأمن كافة الاطراف إلى ضبط النفس في مأرب وحل الاختلافات عبر اللجنة الرئاسية وبدعم من مكتب مستشار الأمين العام ومبعوثه لليمن.

وعبر البيان عن تطلع أعضاء مجلس الأمن إلى تدشين مرحلة المشاورات العامة على مشروع الدستور الجديد..داعياً كافة الأطراف اليمنية للإسراع في وضع اللمسات الأخيرة على الدستور وبطريقة بناءة تستجيب إلى تطلعات الشعب اليمني.