لا يمكن للبنان واللبنانيين أن ينسوا ما للملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز من اياد بيضاء عليهم، من خلال الدعم الاقتصادي في الأزمات، والمكرمات الملكية التي دعمت الجيش اللبناني.


بيروت: لطالما كان لبنان يستظل بظل الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز في أزماته العديدة، إذ كان الملك الراحل يولي لبنان واللبنانيين أهمية خاصة، وينقل عنه زواره اللبنانيين تأكيده إنه كان يكن لهذا البلد محبة خاصة في قلبه.

موقف تاريخي

ما كان لبنان يمر في أزمة سياسية أو أمنية إلا ويجد السعودي بجانبه، من خلال دعمها المستمر لسيادته واستقلاله ووحدة شعبه. وقد تجلى ذلك في تأكيد السفراء السعوديين الذين تعاقبوا على لبنان أنهم يقفون على مسافة واحدة من جميع الأطراف المتنازعة في لبنان، من دون اتخاذ جانب أي منها بوجه الأخرى. وهذا ما مكن السعودية من أن تكون صاحبة الأيادي البيضاء الدائمة على لبنان، بالرغم من بعض الحملات التي طاولتها.

مع اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري، تنبه الملك الفقيد للخطر الذي يتهدد لبنان، وكان رآه أكبر من خطر الحرب الأهلية نفسها التي مر بها البلد، فكان له موقفه التاريخي الذي لا يمكن نسيانه، بوقوفه صلبًا أمام محاولات تسويف عملية إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بمحاسبة قتلة الحريري. وسيذكر التاريخ للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز وصف القتلة بـ"المجرمين"، وتشديده على محاسبتهم على قوس المحكمة الدولية، أمام العالم أجمع.

وفي العام 2006، بعيد الحرب الاسرائيلية على لبنان، بسبب خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية، قال الراحل: "إنَّ دعم لبنان واجب علينا جميعًا، ومن يقصِّر في دعم لبنان فهو مقصِّر في حقّ نفسه وعروبته وإنسانيته".

عون كبير

في السعودية أكثر من 160 ألف لبناني، يمارسون أعمالهم بحرية، وبدعم كبير من الدولة السعودية، تلبية لتوجيهات الملك الراحل عبدالله، التي يرسم معالمها قول مأثور عن الأمير سلطان بن عبد العزيز: "السعودي في لبنان لبناني، واللبناني في السعودية سعودي".

والدعم الاقتصادي السعودي للبنان في عهد الملك الراحل كان بارزًا. ففي آب (أغسطس) 2006، شاركت المملكة في مؤتمر ستوكهولم، الذي عقد بناء لطلب مجلس الأمن لاتخاذ خطوات فورية لتأمين المساعدة المالية والإنسانية للشعب اللبناني، حتى أن الملك الراحل سيق المؤتمر بمنحة لبنان مساعدة عاجلة قيمتها نصف مليار دولار. وخلال المؤتمر، تعهد المملكة بدفع أكثر من 940 مليون دولار للبنان.

وفي عهد الملك الراحل، انطلقت حملة شعبية سعودية لإغاثة الشعب اللبناني، عنوانها "معك يا لبنان"، في 26 تموز (يوليو) 2006، بناء على دعوة وجهها الملم الراحل إلى السعوديين، فجمعت الحملة في يومها الأول 113 مليون ريال، فأمنت اللقاحات والتغذية للأطفال، ووفرت الحقيبة المدرسية لأكثر من 320 ألف طالب وطالبة، واشترت محصول زيت الزيتون من لبنان بما سعته 25 ألف تنكة ووزعتها على دور الأيتام والمعاقين والأسر المتضررة من حرب 2006.

وفي 15 تموز (يوليو) 2007، أمر الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز بصرف هبة للنازحين الفلسطينيين من مخيم نهر البارد بقيمة 12 مليون دولار. كما وزع الهلال الأحمر السعودي 200 حمام جاهز، وبنى تسع مدارس من بيوت جاهزة لجمعية المبرات الخيرية التي يشرف عليها العلامة السيد محمد حسين فضل الله.

وفي مؤتمر باريس-3 منحت المملكة 500 مليون دولار للحكومة اللبنانية، وقرضاً بقيمة مليار دولار لصرفه على مساريع لمواجهة ما حصل من أضرار نتيجة حرب إسرائيل على لبنان.

4 مليارات دولار

وما أن وجد لبنان نفسه وجهًا لوجه مع التطرف والارهاب، حتى هب الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز لنصرته، من خلال تقديم "مكرمة" ملكية للجيش اللبناني، تمثلت في تقديم 3 مليارات دولار لفرنسا ثمنًا لأسلحة فرنسية تختارها قيادة الجيش اللبناني، مما تحتاج إليه من العدة التي تحتاج إليها في حربها على الارهاب.

ووصف النائب مروان حمادة، في حديث صحفي، هذه المكرمة السعودية& الجديدة، التي قدمها الملك الراحل عبدالله آنذاك، بأنها "تترجم بالافعال لا بالاقوال التزام العاهل السعودي بما اعلنه من تصميم على الدفاع عن العروبة الحقيقية والاسلام الحنيف، وتصديه للارهاب من جهة واستبداد بعض الانظمة من جهة اخرى، وما هي الا في سياق الحرب السعودية المعلنة على الارهاب الذي يتهدد المنطقة ويسعى الى تغيير جغرافياتها وتحويل طبائع شعوبها، وصبغها بما يأباه اهلها ويرفضونه".

وكا لبث الملك الراحل عبدالله أن زاد على مكرمته مكرمة أخرى، قيمتها مليار دولار، حملها رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري إلى لبنان، خصصت للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية الأخرى، التي رأى فيها الملك الراحل سياجًا متقدمًا للبنان والوطن العربي، من جرائم الارهاب الآتية من شرقه وشماله. وقد بدأ لبنان يتحضر لاستلام الدفعة الأولى من الأسلحة الفرنسية، التي تم الاتفاق عليها ضمن صيغة تنفيذ الاتفاق السعودي - الفرنسي - اللبناني، لاستثمار مكرمة الملك الراحل على أفضل وجه.