هل نبع التحرك الروسي في سوريا من نقطة قوة أو تغطية لضعف روسي؟... سؤال يجيب عنه أربعة خبراء، فيرون أن التدخل في أية حال ليس انعكاسًا لقوة روسيا.
مروان شلالا من بيروت: فاجأ الروس العالم بتدخلهم في سوريا، إذ قيل إن موسكو أخطرت واشنطن بذلك قبل ساعة واحدة من بدئها الضربات الجوية. فهذه هي المرة الأولى التي يحرك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوة عسكرية خارج حدود الاتحاد السوفياتي السابق، في خطوة تثبت عدم رجاحة سياسته الخارجية.
نقطة ضعف
تصف الإدارة الأميركية خطوة روسيا السورية بأنها نقطة ضعف، لا نقطة قوة. وفي هذا السياق، قال الدبلوماسي الأميركي وليم كورتني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن موسكو ضعيفة. وكورتني بدأ حياته الدبلوماسية في موسكو قبل 30 عامًا، وكان السفير الأميركي في كازاخستان وجورجيا، ومستشارًا للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في الشؤون الروسية. وهو اليوم زميل في مؤسسة راند للأبحاث.
يقول: "الضعف هو ما يحرّك الروس اليوم، فموسكو اعتمدت طويلًا على سوريا والعراق وإيران وليبيا، لكن في السنوات الأخيرة، تخلص الغرب من القذافي وصدام، وأتى دور إيران مع الاتفاق النووي، ويبقى بشار الأسد حليف موسكو الأخير في الشرق الأوسط".
يضيف كورتني: "روسيا ترى نفسها اليوم قوة عظمى، وترى في الوقت نفسه قوتها الشرق أوسطية تضمحل، لذا قرر الكرملين تقوية نظام بشار الأسد، فالشرق الأوسط هو المكان الوحيد الذي يمكن لروسيا أن تؤدي فيه دورًا مؤثرًا بعيدًا عن جوارها".
فوضى اقتصادية
يقول الصحافي الروسي أندريه كوليسنيكوف إن روسيا واقعة في ورطة إقتصادية كبيرة. وكوليسنيكوف هذا كان مدير برنامج كارنيغي في موسكو. يضيف لـ "بي بي سي": "روسيا قوية، فهي بلد كبير، موارده كثيرة، في المقابل روسيا ضعيفة، تتراجع فيها معايير المعيشة، ويتراجع فيها النمو، وفقًا لتبدلات سعر النفط العالمي، علمًا أن النفط هو المشكلة الأساس في هذه الأيام".
بحسب كوليسنيكوف، التضخم الروسي عند عتبة 15 في المئة، وهو عال جدًا، "والفئة العمرية العاملة تنهار، وتشير التوقعات إلى أنه في عام 2030، سيكون في روسيا عامل واحد مقابل كل رب عمل". يضيف: "في روسيا يموت كثيرون لأسباب عديدة، مثل حوادث السيارات، أو الثمل، وهذا ليس بلدًا سويًا".
يتابع كوليسنيكوف: "قدم بوتين إلى شعبه نوعًا من العقد الاجتماعي: القرم مقابل الحريات، وهو يفعلها ثانية اليوم: أزمة سوريا مقابل الحريات". ويرى كوليسنيكوف أن هذا العقد الاجتماعي نافع، "لكن بعد انتخابات عام 2018، لا أستطيع أن أتوقع ما يمكنه أن يفعل من أجل أن يحافظ على شعبيته، كما لا أستطيع العثور على أي أثر للتفكير الاستراتيجي".
الحازم المخطئ
يرى ألكسندر كوروليف، الباحث في الجامعة الوطنية في سنغافورة، أن الصين هي الهاجس اليوم. يقول: "ثمة سياسات جديدة اليوم، وبوتين يستعيض عن أوروبا الكبرى في آسيا الكبرى، وقد شهدنا تطبيعًا بين موسكو وبيكين في مناطق النزاع بينهما، وفي أيار (مايو) 2015، نفذت الصين أولى مناورات بحرية لها في البحر المتوسط، أي في قلب منطقة ناتو، كما إن الصين تعطي روسيا ما تريده، خصوصًا في مجلس الأمن، في كل مرة يحصل تصويت على قرار بشأن سوريا".
أما الباحثة حنة ثوبرن، فترى أن بوتين يحاول فرض احترامه على العالم، "في ظل تردد أميركي أوروبي في التدخل في الشأن السوري لحل الأزمة، والحقيقة أن لبوتين النباهة الكافية ليضع هذا القرار في خدمة أهدافه، فالناس يجذبها الزعيم الحازم، حتى لو كان مخطئًا في قراراته".
&
التعليقات