أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن قوات كردية في سوريا "أخذت في ما يبدو بعض الذخائر والعتاد، الذي ألقته الولايات المتحدة من الجو، لجماعات سورية عربية معارضة يوم الأحد الماضي".


بهية مارديني: قال المتحدث باسم الوزارة بيتر كوك "ما أفهمه هو أنها كانت خصيصًا لجماعات عربية سورية، وكانت هناك جماعات أخرى.. جماعات للمعارضة من المحتمل أنها استطاعت أيضًا أخذ بعض الأسلحة"، وتحت إلحاح الصحافيين بالسؤال عمّا إذا كان بينها جماعات كردية، أجاب كوك "نعم نعم. هذا ما أفهمه - قوات كردية أيضًا".

تفاهم ضد أنقرة
فيما نفت موسكو الاتهامات التي وجّهتها تركيا إلى روسيا بشأن توريد أسلحة للمقاتلين السوريين الأكراد في سوريا. واعتبر غياث سحلول الكاتب والمحلل السياسي السوري المتخصص في الشأن التركي في تصريح لـ"إيلاف"، أنه على ما يبدو هناك "تفاهمات بين الرئيسين الأميركي والروسي بوتين وأوباما لعرقلة الطلب التركي بإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، وكان لا بد من التنبؤ بتقسيم سوريا، ورسم ملامح حدود جديدة، ومن هنا نستطيع القول إن دعم المعارضة السورية المسلحة إنما هو حجة يتبعها أوباما تجاه إدارته، وتدعي الحجة أن هذه المنطقة الآمنة ستسقط بيد داعش، وهو ما بدا فعلًا بهجوم داعش على بعض المناطق".

وأكد أن "كل ذلك من أجل أن يبرر أوباما دعمه "للميليشيات الكردية"، وهو ما سيشكل وضعًا ديموغرافيًا جديدًا تسعى إليه الإدارة الأميركية، وهذا ما برره بعض الأميركيين لتزويد الأكراد بالسلاح بشكل مباشر، عن طريق الجو، وإلقاء الكثير من أطنان السلاح للأكراد، بحجة قتال داعش". لكنه رأى أن الحقيقة "هي ورقة ضغط لتركيا من ناحية، وفصل السنة العرب عن الأتراك، من خلال دعم الأكراد للاستيلاء على الشمال السوري، وإنشاء كانتونات كردية، ليبقى الأكراد واجهة إعلامية وسياسية"، حسب تعبيره.

لفصائل معينة
وأضاف "ما أثار حفيظة الأتراك هو التفاهم الكردي الأميركي الروسي للاستيلاء على الشمال السوري، وهذا أيضًا ما حذّر منه وزير الدفاع السعودي عادل الجبير خلال لقاء مع بوتين، وهذا ما دفع السعودية إلى الترتيب مع الأتراك، وأعتقد أن التفاهمات مع الأتراك اليوم تركز على إمداد المعارضة السورية بأسلحة مضادة للطائرات والدروع". وشدد على أن "ما يجري عمل على سقوط كل الأقنعة، وأظهر كل تحالف، وهدفه الحقيقي من كل طرف، مما أثار حفيظة الأتراك، وليس الأكراد".

أما حول المعارضة العسكرية وسلاح التاو، فأشار سحلول إلى أنه "جاء تزويدها بسلاح مضاد للدروع من قبل الأتراك والسعوديين، ولكن ليس لكل فصائلها، إنما للفصائل الموالية لبرنامجها". وكان أحمد السعود، المتحدث باسم "الفرقة 13"، إحدى الفصائل المقاتلة في ريف حماة (وسط) الشمالي، قال لوكالة فرانس برس، إن "صواريخ تاو هي اللاعب الأساسي والرئيس، الذي فصل المعركة بيننا وبين الروس وإيران" المتحالفين مع النظام السوري. وأشار إلى أن صواريخ تاو "تصل إلى الفرقة منذ سنة"، مؤكدًا أن "ما نريده يعطوننا إياه"، في إشارة إلى الدول الداعمة للفصائل المقاتلة.

تصريحات كاذبة
بالعودة إلى تصريحات وزارة الدفاع الأميركية في تسلم الأكراد خطأ الأسلحة بدلًا من المجموعات العربية، اعتبر سحلول أن "ما تحدث به البنتاغون من تصريحات هو مجرد أكاذيب، لأن إسقاط أسلحة كان في المناطق التي تسيطر عليها "الميليشيا الكردية"، وبعد تهجير العرب منها". وقال إن "أساس الخلاف التركي الأميركي هو الحرب على&الأكراد، التي تدعمهم أميركا، وكانت تكذب على المعارضة السورية، ومنعت تركيا والسعودية تزويدها بالسلاح، ولهذه الأسباب، ومن خلال الضغوط التي تمارسها الأطراف على بعض لمصالحها في المنطقة، تم تزويد الأكراد سلاحًا من الجو".

وكان ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي قال ردًا على سؤال حول قلق أنقرة من المساعدات العسكرية الروسية والأميركية للأكراد: "طبعًا لا. ليست لديّ أية معلومات في هذا الشأن". ولم يؤكد بوغدانوف ما أُعلن في تركيا حول استدعاء الخارجية التركية للسفير الروسي لدى أنقرة على خلفية المساعدات الروسية للأكراد. وأوضح أنه" لا يملك أية معلومات في هذا الشأن".

وتابع بوغدانوف أن الشركاء الأتراك أعربوا له عن قلقهم من اللقاء، الذي عقده أخيرًا في باريس مع رئيس حزب الاتحاد صالح مسلم. وقال "إنه أمر غريب، لأنه سبق لمسلم نفسه أن زار تركيا".

نقاط التقاء
وأضاف أن موسكو وواشنطن ستجريان خلال الأيام القريبة المقبلة مشاورات حول سوريا. وأكد في هذا الصدد استعداد الجانب الروسي للتشاور حول جميع القضايا الشرق أوسطية من أجل إيجاد نقاط تلاقٍ تساهم في مكافحة الإرهاب.

وكانت وسائل إعلام قد نقلت عن وزارة الخارجية التركية أنها استدعت السفيرين الروسي والأميركي لدى أنقرة على خلفية المساعدات العسكرية، التي يزعم الجانب التركي أن موسكو وواشنطن تقدمانها إلى الأكراد. ونقلت وكالة "نوفوستي" عن متحدث باسم الوزارة التركية أن أنقرة حذرت السفيرين الروسي أندريه كارلوف والأميركي جون باس من أن تقديم المساعدات العسكرية إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "أمر غير مقبول".

وأوضح أن الجانب التركي عقد لقاءين منفصلين مع السفيرين يوم الثلاثاء الماضي، وأعرب عن قلقه من مواقف موسكو وواشنطن في ما يخص حزب الاتحاد الديمقراطي. قلق أنقرة جاء بعد إعلان البنتاغون عن إلقاء طائرات أميركية 50 طنًا من الذخيرة في محافظة الحسكة في شمال سوريا لدعم المقاتلين الأكراد، الذين يواجهون تنظيم "الدولة الإسلامية". وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو: "إن رسالتنا إلى الأميركيين وجميع الشركاء، وإلى روسيا، واضحة: إننا سنرد بدون أي تردد، إذا باتت الأسلحة التي تُقدم إلى الاتحاد الديمقراطي تشكل خطرًا على تركيا".

استعداد للتنسيق
وعلى الرغم من نفي موسكو الاتهامات بتوريد الأسلحة للأكراد، إلا أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أشار إلى أن روسيا مستعدة للتنسيق مع وحدات حماية الشعب الكردي والميليشيا المسيحية الآشورية وفصائل المعارضة الوطنية الأخرى، التي انضمت إلى تحالف "قوى سوريا الديمقراطية"، الذي أٌعلن عن تشكيله في مطلع الأسبوع الجاري.

إلى ذلك قال نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان إلياسون، إن المنظمة الدولية ترى أن هناك 3 أو 4 مناطق في سوريا يمكن وقف إطلاق النار فيها، إلا أنه لم يسمّها. وأعرب إلياسون في مؤتمر صحافي في جنيف، عن أمله في أن تسنح الفرصة لإجراء محادثات سياسية بين الفرقاء السوريين، بعد التصعيد الأخير في الحرب، لا سيما مع دخول روسيا بقوة إلى جانب القوات الحكومية. واعتبر "أن المسافة بين الأطراف السورية يمكن اجتيازها، وإذا توافرت الإرادة السياسية سيمكننا رسم مسار موثوق به على الساحة السياسية".

&