عبدالباقي خليفة من تونس: تفاقمت الاحتجاجات الاحتماعية في تونس خلال شهر سبتمبر 2015 حيث تم تسجيل 398 تحركا احتجاجيا فرديا وجماعيا مقابل 272 تحركا خلال شهر جويلية (يوليو) و275 تحركا خلال شهر أوت آب، أي بزيادة 45 في المائة عن الشهرين السابقين، وذلك بحسب التقرير الشهري الذي قدمه المرصد الاجتماعي التونسي، الذي يشرف عليه أستاذ علم الاجتماع عبدالستار السحيباني.
وقال المشرف على المرصد الاجتماعي التونسي، عبدالستار السحيباني، في رده على سؤال لـ"إيلاف" عن أسباب هذه الزيادة "نحن توقعنا هذه الزيادة، بسبب أن الفترة الصيفية كانت فترة عطلة، وشهر رمضان، والعطلة السنوية، والتوقيت الصيفي، وحالة الطوارئ التي لا تزال مستمرة، ثم تمت العودة المدرسية في شهر سبتمبر، والموسم الرياضي، وما أثاره قانون المصالحة الاقتصادية من تجاذبات وردود أفعال سياسية واحتجاجات، علاوة على موجة الاضرابات التي عرفها قطاع التعليم الأساسي (الابتدائي) والاحتجاجات الاجتماعية& التي تم تسجيلها في عديد المناطق".
وحول الموقف من تلك الاحتجاجات ورد فعل الأجهزة الأمنية التي تم انتقادها في عديد المناسبات، يقول: "لقد قلنا إن الأمور ستتفاقم إذا لم تقم السلطة بحل الاشكاليات القائمة، هذه الاحتجاجات في مختلف تشكيلاتها تعكس أوضاعا اجتماعية حرجة وحقيقية".
وتابع" بعد الانتخابات أشرنا إلى أن ثلث التونسيين لم يشاركوا في الانتخابات وخاصة الشباب، وأكدنا على أن ذلك يعد أسلوبا من أساليب الاحتجاج ويمكن أن يمثل ذلك الثلث مخزونا احتجاجيا كبيرا قابلا للتحرك".
وانتقد السحيباني، كلا من السلطة والمعارضة والمجتمع المدني لأن قدرة الجميع على تأطير التحركات الاجتماعية (تنظيمها والتحكم فيها) صار ضعيفا.
يقول: "كنا نتصور أن المجتمع السياسي وكذلك المدني سيتمكن من تنظيم وتأطير تلك الاحتجاجات ولكن ذلك لم يحصل بالكيفية المطلوبة، ولم تكن تلك الاحتجاجات التي دعا إليها المجتمع المدني والمعارضة في حجم الانتظارات".
الملف الثاني، الذي تضمنه التقرير، وعلق عليه السحيباني، هو ملف الانتحار، حيث بلغت حالة الانتحار ومحاولة الانتحار 69 حالة.
وقال السحيباني: "تم رصد 69 حالة انتحار ومحاولة انتحار خلال شهر سبتمبر، الجديد فيها أن بعضها تم بشكل مسرحي، كأن يطلب الجاني/ الضحية وسائل الاعلام لتصوير مشهد انتحاره، وهي 27 حالة، ولا سيما محاولات الانتحار الجماعية، حيث نصب عمال مصنع، فاستراليا، ببنزرت (شمال)، المشانق أمام المصنع تنديدا بالمماطلة في تسليمهم رواتبهم، كما لاحظنا انتحار أو محاولة انتحار 3 أطفال، وكذلك شيوخا تجاوزوا السبعين سنة، لعدة أسباب من بينها افتقاد ثمن الدواء أو السند العائلي، علاوة على عودة الانتحار حرقا كما حدث مع بائع متجول في صفاقس معيدا بذلك سيرة محمد البوعزيزي (الشاب ذو ال 27 سنة الذي قام بحرق نفسه بعد حجز عربته في ديسمبر 2010 وأدى ذلك للثورة وهروب الرئيس السابق& زين العابدين بن علي).
أما العنصر الثالث الذي تطرق إليه التقرير، وشرحه السحيباني، فهو العنف الأسري، الذي اتسم بكم هائل من العنف، والإحتجاج التلقائي، حيث يصنف الاحتجاج بعفوي، {رد فعل آني} وتلقائي {رد فعل نتيجة تراكمات} وعشوائي {فوضوي أو غير منظم}.
ومن الحالات التي وقف عندها التقرير، وذكرها السحيباني بالكثير من الألم: "قيام رجل بقتل زوجته، ولم يكتف بذلك بل قام باخراج أمعائها بشكل مقزز.
وقال: "الاحتجاجات شملت أيضا الحالة البيئية، حيث تتراخى بعض البلديات في أداء دورها، أو افتقادها للوسائل التي تزيل بها الأوساخ، أو لوجود مصبات أو مكبات عشوائية، أو مرفوضة من قبل السكان القريبين منها".
ووصف السحيباني أوضاع المستشفيات بـ"الكارثية"، فضلا عن مشاكل المياه في المناطق الداخلية لتونس.
عضو المنتدى الاجتماعي والاقتصادي التونسي، مسعود الرمضاني، تحدث عن الجدل الدائر حول تعيين بعض المسؤولين في الجهات واصفا عملية التعيين بالغموض، وعدد بعض الملاحظات مشددا على "غياب النساء عن هذا التعيين، وعدم رضا بعض الاحزاب المشاركة في الحكم، عن هذه التعيينات، وهناك غموض حول الأشخاص الذين تم تعيينهم، وعلاقتهم بالمنظومة السابقة".
وطالب الرمضاني الحكومة بأن تكون التعيينات "مرفوقة بسيرة ذاتية للأشخاص، فهذه المواقع مهمة للحياة السياسية، وللمواطن الذي يجب أن يعرف مع من يتعامل وماهي مؤهلاته".
وانتقد بدوره التجاوزات الأمنية التي طالت محامين وصحافيين وقضاة وناشطين في المجتمع المدني فضلا عن المواطنين العاديين.
التعليقات