تستمر روسيا في فرض نفسها كلاعب أول في الملف السوري عسكريًا وسياسيًا وذلك عبر التطورات الأخيرة. وأكد الكاتب والمعارض السوري علي الحاج حسين أن الزيارة السرية الخاطفة لرئيس النظام السوري بشار الأسد أثارت "الكثير من التكهنات بخصوص توقيت وشكل الحل المرتقب مع أو بدون الأسد".


بهية مارديني: أضاف علي الحاج حسن في تصريح لـ"إيلاف": "لعل لقاء فيينا المزمع عقده يوم الجمعة بحضور وزراء كل من السعودية وتركيا إلى جانب كل من أميركا وروسيا، هو اللقاء الذي تعلق عليه الآمال بأن يتضمن الجملة السحرية "ليتوقف القتال فورا".

وصفات عقيمة
وقال "مع استمرار الموت في سوريا كثرت مشاريع الحلول، والقضية واحدة، والحل الأمثل أن يتوقف القتل والتهجير هناك، لكن مصالح وتجاذبات محلية واقليمية جعلت السوريين آخر من يمكنه اتخاذ القرار الناجز بشأن قضيتهم". واعتبر أنه من "المؤسف أن يفعل السوريون ببعضهم ذبحًا وقتلًا، بينما وصفات العالم لمساعدتهم لا تتعدى حدود صب الزيت على النار وتسليحهم بالمقدار الذي لا ينتصر فيه طرف على آخر".

وفي ظل غياب حل حقيقي للمجزرة السورية، قال الحاج حسين "نجد الجميع يتوقف عند أية بارقة أمل، متوسمين فيها المدخل السحري لجنيف 3 أو ربما موسكو3 هو الشائع أكثر بعد تقدم روسيا وانغماسها أكثر في الشأن السوري عسكريا وسياسيا".

وأشار الى أنه "غلب على التشكيلات المعارضة التشرذم والشقاق، وانشغل المعارضون بتخوين وإقصاء بعضهم بعضًا، واصدار صكوك الوطنية واحتكار التحدث باسم الثورة، وتاجر بعضهم بالطهرانية فوقعوا، ولم تكن المعارضة على مستوى عملية التغيير، ولم تكن لديهم خطط فعلية للمشاركة في إدارة البلد، وأكبر التشكيلات السياسية لا تمون على تشكيل عسكري في الداخل، فيما توزعت الولاءات وفقا للممول".

أما في الطرف الآخر فرأى الحاج حسين أنه "ما زال بعض الموالين يعتقدون أنه بوسع الأسد أن يعود كما كان، وتستمر مصالحهم ومنافعهم، فيغالون ويتملقون، وكذلك المعارضون، الذين يرون الحل ينطلق من استسلام بشار الأسد وقتله. وبما أنه لم يتحقق ذلك،،، كل يوم تزهق عشرات الأرواح". وعبّر عن أسفه لتوقف السوري عند خيارين فحسب، "أي إما نظام الأسد أو داعش، وما أكثر الحلول التي تجعل من سوريا بيتًا يتسع للجميع".

لا قيمة لها
وفي أحسن الأحوال لفت المعارض السوري إلى أنه "إن كانت الأنواء مؤاتية فستبحر سفينة السلام نحو شط الأمان، لكنها تحتاج مباركة روسية - أميركية أولًا، وسعودية - تركية وإيرانية من جهة أخرى. وموافقة السوريين ليست لها حظوظ أو ذات قيمة. وبالتالي لا أتوقع أن يفضي جنيف3 أو موسكو3 سوى لتكهنات بحلول موعد الرقم 4 ليبقى المفاوض السوري متموضعًا قبالة أخيه السوري، ولا يملك صلاحيات لاتخاذ القرار للحل النهائي".

إلى جانب الأطراف الخارجية لم ينس الحاج حسين هؤلاء الذين عبّر عنهم بالقول "تصطف مصالح المنتفعين برواتب وفنادق ورحلات السياحة السياسية من طرفي النزاع، فهؤلاء لا مصلحة لهم بتوقف الحرب، ناهيك عن سلسلة من مصالح، تبدأ بمهرّبي البشر والممنوعات، ولا تنتهي بتجارة الأعضاء البشرية... ومما لاشك فيه أن أمراء الحرب وتجار السلاح ومهرّبي البشر لا مصلحة لهم بتوقف الحرب".

القبعات الزرقاء
وأوضح أنه "على السوريين من طرفي النزاع السعي إلى تجنيب بلدهم أن تكون ساحة حرب تصفية حسابات خارجية، خصوصا لو اصطدم الأقوياء (روسيا والغرب) على هذه الأرض، حينها سيشارك الجميع بحذف اسم سوريا من خريطة العالم، وتطرأ تغييرات في مجمل المنطقة. وفي النهاية يظل أفشل أنواع السلام خير من الحروب الناجحة بين السوريين، حيث القاتل سوري، والمقتول سوري. على الجميع العمل جديًا كي تتوقف هذه الحرب المجنونة فورًا".

واعتبر أن "كل الحلول المطروحة هي عبارة عن وصفات مكررة، ولن يتوقف القتل طالما قرار التنفيذ هو بأياد خارجية"، والحل العاجل كما يلخصه "هو مطالبة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عمومًا بإرسال قوات حفظ السلام "القبعات الزرقاء" لحماية السوريين من بعضهم، ومن ثم البحث في تفاصيل الحلول".

وأكد الكرملين أن اتصالات جرت بين الرئيس بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعاهل الأردن الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جرت خلالها مناقشة بعض الأمور الخاصة بزيارة الاسد.

وشارك منذر خدام رئيس المكتب الاعلامي لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة رأي المعارض على الحاج حسين حول أن آراء السوريين لم تعد ذات اهمية أو قيمة في مصير بلادهم& وسط الصراعات الاقليمية وقال لـ"ايلاف"إن" الحل ما زال بيد أميركا وروسيا لكن ينبغي ان يحوز على توافق عربي واقليمي والسوريون للاسف لاحول لهم ولا قوة ربما سوف يحتاجونهم كأدوات لاخراجه فقط".

موظف صغير
هذا وتناقلت مواقع على الشبكة العنكبوتية ما قاله أمجد المحمد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" في تحليل الزيارة دبلوماسيًا بان الاسد "لم يعامل في موسكو كرئيس دولة، بل كموظف صغير، وأن المترجم لم يجلس بينه وبين بوتين، بل إلى جانب بوتين. ولم يحضر اللقاء سواه وبدون وزير الخارجية، وهذا انتهاك للبرتوكول لكون لافروف كان حاضرًا".

وقال "ان حضور وزير الدفاع الروسي كان شكلياً وغطاء لحجة، واللقاء لتنسيق العمليات العسكرية الروسية، في المقابل لم يحضر أي طرف عسكري سوري (مخالفة ثانية للبرتوكول الذي يحكم زيارات رؤساء الدول) واللقاء كان أشبه بجلسة تحقيق واستنطاق للأسد أمام اللجنة الروسية، ولم يبد جواً ودياً، وخلت قاعة اللقاء من علمي البلدين (مما يزيل صفة زيارة دولة) ومن باقات الورد، خاصة الطاولة التي يجلس عليها الأسد وبوتين حولها، كما لم يعقب اللقاء سوى تصريح مقتضب لناطق روسي.علامات التوتر كانت واضحة على وجه الأسد ولغته الجسدية، في المقابل اللغة الجسدية لبوتين ولافروف ووزير الدفاع كانت أقرب للاحتقار لشخصه".

لمصلحة موسكو
واعتبر انه "قد يكون هذا اللقاء لإبلاغ الأسد بما سيتم العمل عليه خلال الفترة المقبلة". وأكد أن "الأسد في زيارته هذه تبلغ أنباء ليست سارة، والأسابيع المقبلة ستكون دالة".
لكن المحامي والمعارض السوري ميشال شماس قال إنه "يغلب على معظم تحليلات الزيارة طابع السخرية والتضليل والتسطيحية".

واعتبر أنه "بصرف النظر عن الشكل الذي تمت فيه الزيارة، فإنها تكشف أن الرئيس الروسي سعى من خلالها إلى التأكيد للعالم أن الملف السوري بات بيده، وان الحل والربط أصبح في موسكو، وعلى الجميع إن أرادوا المشاركة في التسوية أن يأتوا إليه ويتحدثوا معه. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو إلى أي مدى يمكن أن تنجح موسكو في فرض شروطها للتسوية السورية التي تطبخ الآن في الخفاء، في ظل الانكفاء الأميركي في المنطقة".

&