&تستمر التداعيات السياسية والشعبية لقضية عزل الأئمة في تونس، لا سيّما بعد دعوة أحدهم إلى المثول أمام التحقيق، الأمر الذي اعتبره المراقبون محاولة لافتعال الأزمات والعودة إلى ممارسات العهد السابق.

عبد الباقي خليفة من تونس: ثلاثة أيام على ذمة التحقيق، حول قضايا تتعلق بنشاطه في المسجد، وجمع التبرعات بدون ترخيص، هي آخر التهم التي وجهت إلى امام جامع اللخمي بصفاقس، والذي تمت إقالته من قبل وزير الشؤون الدينية مع عدد آخر من الأئمة، الأمر الذي أثار جدلًا في الساحة التونسية.
&
وقال الاعلامي أحمد الجمل، الذي يتابع القضية عن قرب: "البحث مع الامام السابق رضا الجوادي شمل نقاطًا&عدة&تتعلق بقانونية استخراج دفتر صكوك من أحد الفروع البنكية، وجمع تبرعات باستعمال دفتر غير مؤشر من طرف مصالح المالية، وكذلك التصرف في منقولات تابعة للمسجد بغير وجه قانوني، وعقد صفقات من دون احترام المنافس"،&فيما وصف أحد أبرز قادة الحزب الجمهوري التونسي، عصام الشابي، عملية إيقاف الجوادي بأنها" تطور خطير ومؤسف".
&
تهمة واحدة &
محامي الدفاع، أحمد معالج، أكد أن النيابة العامة "لم تأذن بإيقاف الشيخ رضا الجوادي، بل أبقت عليه رهن الاحتفاظ من أجل استكمال الأبحاث"، وتابع: "قاضي التحقيق نفى تهمة التحايل عن أعضاء الجمعية، لتبقى تهمة واحدة تتمثل في جمع تبرعات من دون ترخيص"، هذا وأصدر المكتب الاقليمي لحركة النهضة بصفاقس بيانًا ذكر فيه أن محافظة صفاقس مستهدفة، وأضاف: "ندعو رئيس الحكومة الى التدخّل لتجنيبها مزيدا من الاحتقان والاضطراب والتهميش".&
&
عودة لنظام بن علي
المحامي عبدالوهاب معطر، أحد القيادات الحالية بحزب المؤتمر، اعتبر أن عزل الجوادي ومن ثم محاولة محاكمته يُشكلان عودة لممارسات نظام بن علي. وأردف: "لم نخف ولم نتردد في مقاومة بن علي، فكيف نفعل ذلك مع أيتامه؟، إن ما يحدث في صفاقس اليوم هو نسخة طبق الأصل لما كان يفعله الزبانية، وعلى الجميع تحمل مسؤوليته، فالخوف قد طلقّناه منذ 1998 طلاقًا بائنًا، وهذا امتحان لا مناص من خوضه لإجبار دعاة الفتنة وأبواق الاحتقان على التراجع عبر النضال السلمي والإصرار على ممارسة الحقوق".
&
وتابع: "البداية ستكون بتنظيم الحراك الشعبي وتأطيره من طرف هيئة جهوية لمساندة الأئمة المعزولين، يتكون من ممثلي المجتمع المدني وبمختلف أطيافه وتنظيماته، ومن شخصيات جهوية تتولى القيام بالاتصالات مع السلطة والأحزاب والهيئات الدستورية من أجل رفع المظالم ونزع فتيل الفتنة المراد زج صفاقس في أتونها، وتنظيم أشكال النضال والضغط لافشال محاولات قوى الردة الممعنة في هذا الاتجاه".
&
غير قانوني&
وحول مهام الهيئة التي دعا الى تشكيلها مع آخرين، قال معطر: "هذه الهيئة تتكفل بمجريات الملف القضائي المفتوح بحق قادة جمعية اللخمي للتنمية، عبر تشكيل لجنة دفاع مقتدرة من المحامين، وبهذه الطريقة يمكن تفادي الاحباط واليأس وتحقيق أهداف جماعية"، معتبرًا "عزل رضا الجوادي من إمامة جامع سيدي اللخمي بصفاقس غير قانوني".
&
وتابع: "النظام الحالي يسعى إلى احتكار الدولة بمختلف أجهزتها بما فيها المساجد"، مشيرًا إلى أن قرار إبعاد إمام مرّخص له، يُبيّن نية النظام في إحكام السيطرة على المساجد لتكون مصطفة إلى جانب السلطة، كما وعبر عن استغرابه من توجيه استدعاء للجوادي للمثول أمام القضاء بصفاقس، مؤكدًا أن السلطة تبحث عن مبررات لقراراتها بعد عزله من الإمامة، الامر الذي يحيلنا إلى نفس العقلية البوليسية.
&
معركة مُفتعلة
ورأى أن "الإصرار على عزل أئمة الاعتدال وملاحقتهم يفسر المماطلة الرسمية في وضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والارهاب، لأنهم لو وضعوها أو ناقشوها، لاقتنعوا بالحجة العلمية والدينية والتاريخية بتنصيب أمثال الامام الجوادي قيّمًا عليها، لما يحمله من فكر وسطي مقاوم للغلو والتطرف ومضاد للعنف والارهاب".
&
وتابع: "إن الجهة التي تفتعل معركة المساجد لن تشقى في إيجاد الذرائع واختلاق التهم، فهي تخطط لتأجيج المشاعر الدينية في تونس، ولا تريد خيرًا بالديمقراطية ولا بالوطن لسببين اثنين، أولًا: لأن ديمقراطيتنا الناشئة تستوجب طمأنة الغالبية المتدينة عبر ترسيخ الحريات، وعلى رأسها الحرية الدينية التي كانت مستهدفة من النظام القديم، فأدى التضييق عليها وملاحقة المعتدلين من رموزها الى خلق شروط الظاهرة الارهابية وتغذيتها وإنعاشها. وثانيًا: ولأن بلادنا اليوم بحاجة الى استقرار وهدوء لاستئناف تأسيس أركان الجمهورية الثانية، والتفرغ لترسيخ الحكم المحلي التشاركي، وتنمية وإنتاج واستثمار ومكافحة للبطالة والفقر والتهميش".&
&