&انقرة: اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاحد أن الناخبين الاتراك صوتوا "لصالح وحدة وسيادة" تركيا، وذلك بعد الانتخابات التشريعية التي اعادت لحزبه الاسلامي المحافظ الاغلبية المطلقة في البرلمان.

وقال اردوغان في بيان "شعبنا اعرب بوضوح في انتخابات الاول من تشرين الثاني/نوفمبر عن رأيه بأنه يفضل العمل والمشاريع بدل الجدال"، وذلك في اول تعليق له على نتائج الانتخابات التي حقق حزبه "العدالة والتنمية" فيها الاغلبية المطلقة. واضاف أن الناخبين "اثبتوا ارادة قوية لصالح وحدة وسيادة" تركيا.
&
واشار من جهة اخرى الى النزاع بين الحكم والتركي والمتمردين الاكراد في حزب العمال الكردستاني، والذي استؤنف في تموز/يوليو ومعه انتهت عملية السلام الهشة التي بدأت قبل ثلاث سنوات.
&
وقال الرئيس التركي في بيانه إن "نتائج الانتخابات وجهت رسالة مهمة الى حزب العمال الكردستاني مفادها ان القمع واراقة الدماء لا يمكن ان يتعايشا مع الديموقراطية".
&
وحقق حزب العدالة والتنمية التركي فوزًا كبيرًا في الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد في تركيا، ونجح بخلاف كل التوقعات في استعادة الغالبية المطلقة التي كان فقدها قبل خمسة اشهر.
&
عودة إلى "السوبر رئاسة"
رغم العثرات الكثيرة التي واجهته والانتقادات اللاذعة التي لاحقته، نجح "السلطان" رجب طيب اردوغان في استعادة الاكثرية المطلقة داخل مجلس النواب التركي الاحد، وبات بامكانه ان يشكل حكومة تضم اعضاء حزبه العدالة والتنمية دون غيرهم.
&
وكان حلمه باقامة "سوبر رئاسة" تعثر في السابع من حزيران/يونيو الماضي عندما فشل بالاحتفاظ بالاكثرية المطلقة في المجلس النيابي، حتى ان بعض خصومه بدأوا يبشرون بقرب نهايته السياسية. وتؤكد النتائج شبه النهائية للانتخابات التشريعية ان حزب العدالة والتنمية جمع 49.2% من الاصوات، وحصل بالتالي على 316 من اصل مقاعد البرلمان التركي الـ550 اي اكثر من الاكثرية المطلقة.
&
وبعدما انطلق الرئيس اردوغان من بدايات متواضعة اصبح اكثر سياسيي تركيا نفوذا بعد مصطفى كمال اتاتورك، لكنه بعد ان امضى 13 سنة في السلطة بات من اكثر السياسيين اثارة للانقسام داخل البلاد. ويرى انصار اردوغان فيه شخصية أحدثت تحولا كبيرا في تركيا لا سيما في مجال الحداثة، في حين يعتبره معارضوه قائدا يزداد تسلطا ويطمح الى انشاء "حكم الرجل الواحد".
&
لكن حلم اردوغان في توسيع سلطاته لتصبح مشابهة للرئاسة التنفيذية الاميركية اصطدم بعد انتخابات حزيران/يونيو لدى فقدان حزب العدالة والتنمية الاكثرية. وصل الرئيس البالغ 61 عاما الى السلطة كرئيس للوزراء في 2003، ونجح في ارساء الاستقرار في البلاد التي طبعت الانقلابات والتحالفات الهشة تاريخها، كما اخرجها من وضع اقتصادي سيء. لكن منتقدي اردوغان يقولون انه يزداد تسلطا وانه مصمم على القضاء على الديموقراطية العلمانية لفرض قيمه الاسلامية على المجتمع، فيما ينكب على اسكات خصومه والاعلام المعارض.
&
ويبرزون اثباتات على ذلك اقدام شرطة مكافحة الشغب قبل ايام على الانتخابات المبكرة على اغلاق محطتي تلفزيون تابعتين لعدو اردوغان اللدود الداعية الاسلامي فتح الله غولن المقيم في المنفى والمتهم بالتامر للاطاحة بالحكم عن طريق الحض على فتح تحقيق في الفساد طال محيط الرئيس التركي. وقالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس واتش ايما سنكلير ويب "لم تتخذ تدابير مشابهة باغلاق محطات تدقق في اداء السلطة منذ ايام الانقلاب العسكري في 1980".
&
&"المعلم الكبير"
وتمكن اردوغان اثناء توليه رئاسة مجلس الوزراء من السيطرة على الجيش الذي لطالما اعتبر حامي الدولة العلمانية، واثار الشكوك لدى فئة من الاتراك حول احتمال سعيه الى "اسلمة" المجتمع بعد فرضه ضوابط على بيع الكحول والرقابة على الانترنت وحتى محاولة الغاء مهاجع الطلاب المختلطة في الجامعات الرسمية.
&
وفيما يفترض باردوغان، كرئيس للدولة، ان ينأى عن السياسة الحزبية، الا انه يمارس نفوذا كبيرا على حزب العدالة والتنمية وساهم بقوة في الحملة الانتخابية السابقة في حزيران/يونيو. لدى وصوله الى السلطة، اشاد به الغرب لانشائه ديموقراطية اسلامية نموذجية على طرف اوروبا الشرقي، حيث سعت تركيا الى لعب دور وساطة على الساحة الدولية.
&
لكن انقرة خسرت اصدقاء بعد الربيع العربي، وفترت علاقاتها مع الغرب، لا سيما بعد دعمها المعارضة الاسلامية في النزاع السوري، وتدهور سجلها في حقوق الانسان، ما اعاق طموحاتها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ويعرف اردوغان الحاد الطباع بين اوساطه وانصاره بلقب "المعلم الكبير"، او "السلطان". وسرت شائعات حول صحته بعد خضوعه لعمليتين جراحيتين في الامعاء، لكن الاطباء نفوا ان يكون مصابا بالسرطان.
&
ومن الواضح ان اردوغان راغب في ان يكتب اسمه في التاريخ الى جانب مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال اتاتورك كاحد قادة البلاد العظماء. وبدأ مشاريع ضخمة مذهلة من بينها شبكة سكك للقطارات العالية السرعة ونفق تحت مضيق البوسفور. في المقابل، تعرض لانتقادات كثيفة بسبب قصره الرئاسي الذي كلف بناؤه 615 مليون دولار ويضم 1150 غرفة، وقيل انه افراط عبثي يفتقر الى الذوق ويرمز الى تسلطه المتزايد.
&
وبادر اردوغان المستاء الى مقاضاة خصم سياسي بتهمة القدح والذم بعدما اكد ان القصر مجهز بكراسي حمام من ذهب. كما اثار الكثير من علامات الاستفهام بعد سلسلة من التعليقات الغريبة، عندما اكد ان المسلمين اكتشفوا القارة الاميركية قبل كولومبوس، وان النساء دون الرجال، اضافة الى قوله "سوف نمحي تويتر من الوجود".
&
العدالة والتنمية ولدي
ولد اردوغان في حي قاسم باشا في اسطنبول، وامضى طفولته في منطقة ريزه على ساحل البحر الاسود، إذ كان والده ضابطا في خفر السواحل. ثم عاد الى اسطنبول مراهقا. نال شهادة في ادارة الاعمال ولعب كرة القدم بشكل شبه احترافي في ناد اسطنبولي. مع بروز نجمه وسط الحركة الاسلامية، تولى رئاسة بلدية اسطنبول في 1994 وواجه مشاكل كبرى في المدينة الضخمة التي تضم 15 مليون نسمة كزحمة السير الخانقة وتلوث الهواء.
&
شارك في التظاهرات الاحتجاجية لدى حظر الحزب الاسلامي الذي كان ينتمي اليه، وسجن اربعة اشهر للتحريض على الحقد الديني بعد تلاوته قصيدة اسلامية. في 2001، اسس اردوغان الى جانب حليفه عبد الله غول، حزب العدالة والتنمية المنبثق من التيار الاسلامي، والذي فاز في كل الانتخابات منذ 2002. ومن اقواله ان "حزب العدالة والتنمية ولدي الخامس"، الى جانب ابنيه وابنتيه. في 2003، تولى اردوغان رئاسة مجلس الوزراء.
&
وشهدت تركيا في اثناء حكمه نموا اقتصاديا هائلا بنسب اثارت حسد اسواق ناشئة اخرى واحتلت مكانة اكثر ثباتا على الساحة الدولية. لكن منذ 2013& بدا اردوغان يواجه معارضة لسلطته تعامل معها بعنف. وقمعت حكومته التظاهرات التي انطلقت ردا على خطط للبناء في حديقة في اسطنبول وتحولت تدريجا الى احتجاجات عارمة حول البلاد، ما ادى الى مقتل ثمانية اشخاص. واعتبر اردوغان المتظاهرين "مشاغبين".
واثار الغضب مجددا نتيجة رد فعله على حادثة منجم قتل فيها 301 شخص في العام الفائت عندما قلل من حجم الماساة بمقارنتها بحوادث المناجم في بريطانيا في القرن التاسع عشر. اصبح الرئيس التركي الاول المنتخب في اقتراع مباشر في اب/اغسطس 2014. ويشبهه البعض بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، او "الديكتاتور الاخير".
&
الاتحاد الاوروبي يتعهد بالعمل مع الحكومة التركية المقبلة
الى ذلك تعهد الاتحاد الاوروبي بالعمل مع الحكومة التركية المقبلة بعد انتخابات الاحد التي حقق فيها حزب الرئيس رجب طيب اردوغان فوزا ساحقا، واعلن انه ينتظر الاثنين اولى نتائج المراقبين الدولين حول سير الاقتراع.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ومفوض شؤون التوسيع يوهانس هان في بيان مقتضب ان "انتخابات الاحد في تركيا التي شهدت نسبة مشاركة مرتفعة اكدت مجددا التزام الشعب التركي القوي في العمليات الديموقراطية". اضاف المسؤولان ان "الاتحاد الاوروبي سيعمل مع الحكومة المقبلة بهدف تحسين الشراكة مع تركيا ومواصلة الدفع قدما بتعاوننا في كل المجالات بما فيه مصلحة كل المواطنين".

ومع ازمة الهجرة، يريد الاتحاد الاوروبي ان تستقبل انقرة مزيدا من اللاجئين، وان تعزز رقابتها على الحدود، مقابل تقديم مساعدات اكبر اليها واستئناف محادثات ترشحيها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي وتسهيل منح مواطنيها تأشيرات دخول.

وفي بيانه قال الاتحاد الاوروبي انه "ينتظر بفارغ الصبر اولى النتائج التي عرضتها منظمة الامن والتعاون في اوروبا وهيئتها" المكلفة خصوصا دعم حقوق الانسان. وفي الاسبوع الماضي، عبّر الاتحاد الاوروبي عن "قلقه" بعدما اقتحمت الشرطة مقري محطتي تلفزة مقربتين من المعارضة. وقالت ناطقة باسم الاتحاد يومها "مثل كل دولة تتفاوض على الانضمام (الى الاتحاد الاوروبي) يجب ان تضمن تركيا احترام حقوق الانسان بما يشمل حرية التعبير". واضافت "ننتظر ان تكون الانتخابات متطابقة مع المعايير الديموقراطية الدولية".
&