يطرح حزب العدالة والتنمية نفسه باعتباره عنصر أمان واطمئنان في البلاد، فيما يحاول الاكراد واليسار معرفة اسباب هزيمتهم الانتخابية.

هذا فوز ساحق بالنسبة للرئيس رجب طيب اوردغان إذ حصل حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا منذ 2002 على الاغلبية، أي انه حصل على 315 مقعدًا من مجموع 550 في البرلمان، وذلك رغم توقع استطلاعات الرأي بعدم تحقيقه الاغلبية البرلمانية.
&
هذا الفوز يعني انه سيستمر في حكم تركيا منفردًا رغم انه لم يحقق هدف 330 عضوًا الذي يحتاجه لاجراء تعديل دستوري واقامة نظام رئاسي، وهو ما كان يأمل فيه اردوغان. &
&
حصل حزب العدالة والتنمية على 49.7% من اصوات الناخبين اي اكثر بتسع نقاط من النسبة التي حصل عليها في حزيران الماضي.&
&
ويعتقد مراقبون ان السبب هو تخلي ناخبين عن الاحزاب الأخرى وتصويتهم لحزب اردوغان بسبب تأثرهم &بخطاب الحزب القومي قدر تعلق الأمر بخطر الإرهاب واستئناف المواجهات مع الانفصاليين الاكراد.&
&
ولم يستطع الحزب الموالي للاكراد حزب الشعوب الديمقراطي تجاوز الحد الأدنى لتمثيله في البرلمان اذ حصل على 10.7% من الاصوات، ليخسر بذلك 3 نقاط مقارنة بالانتخابات السابقة.&
&
"حقوق 78 مليون شخص تحت حمايتنا"
&
وقال رئيس الوزراء احمد داوود اوغلو متحدثًا امام مناصرين في كونيا: "في 7 حزيران، ارادوا كسر عمودنا الفقري، ولكن وبفضل الله تعالى، حققنا نصرًا كبيرًا". ثم مد يده للمعارضين وقال "سنبني تركيا جديدة بمشاركة كل مواطنيها".&
&
ولاحقا في تلك الليلة بعد الانتخابات، كرر داود اوغلو في كلمته التقليدية في مقر الحزب في انقرة، كرر الرسالة نفسها ودعا الى الوحدة في بلد غير متحد وقلق، وقال أمام آلاف من مناصريه الذين احتشدوا رغم البرد "ليس هناك خاسر في هذه الانتخابات، تركيا كلها فازت"، ثم أكد بأن الحكومة الجديدة ستدافع عن مكتسبات الديمقراطية، وقال: "حقوق 78 مليون مواطن تحت حمايتنا".
&
اما اردوغان فأكد في بيان بأن الشعب "اثبت بقوة ارادته بأنه يؤيد وحدة تركيا وتماسكها".&
&
جرت الحملة الانتخابية في تركيا في ظل استئناف النزاع مع الانفصاليين الأكراد وتهديد الجهاديين القادمين من سوريا وهجمات قتلت اكثر من مائة في انقرة يوم 10 تشرين اول/اكتوبر، وكانت اكثر الهجمات دموية في تاريخ تركيا الحديث، وقد طرح اردوغان واوغلو نفسيهما باعتبارهما الضمانة الوحيدة لوحدة البلد وامنه على اساس شعار "حزب العدالة والتنمية او الفوضى". ويبدو ان سياسة التخويف هذه قد اتت اكلها، حسب صحيفة لا ليبراسيون الفرنسية.
&
حزب الشعوب الديمقراطي: "سننقد انفسنا"&
&
لا&يزال الحزب المؤيد للاكراد يشعر بصدمة من نتائج الانتخابات المخيبة للامال، إذ فقد العديد من الاصوات في المدن الغربية الكبرى التي كان قد اثبت نفسه فيها باعتباره قوة يسارية وقادرة على التطور تمثل "كل الاقليات وكل التنوع في البلاد"، ولكنه فقد ايضا جزءًا من قواعده في جنوب شرق البلاد، حيث تقطن الاغلبية الكردية رغم انه&لا يزال يمثل القوة السياسية الاولى في هذه المنطقة. اما السبب فهو خوف السكان الاكراد من استئناف واسع النطاق للنزاع بين الدولة والانفصاليين الاكراد.&
&
وكان زعيم الحزب البالغ من العمر 42 عامًا صلاح الدين دميرطاش الهدف الرئيسي لسياسة إشاعة التوتر التي اعتمدتها الحكومة عندما اتهمت الحزب بكونه "الواجهة السياسية للارهاب".
&
دميرطاش أكد مساء الاحد أن حزبه حقق نصرًا انتخابيًا رغم سياسات السلطة ثم شكك في نزاهة الانتخابات، وقال إن التنافس بين مختلف القوى لم يكن عادلاً.&
&
لكن دميرطاش اقر ايضًا بخسارة مليون صوت ثم أعلن ان حزبه ينوي عقد اجتماعات لتشخيص اسبابها الحقيقية، وقال "سنوجه النقد لانفسنا".&
&
أما الرئيسة الثانية للحزب فيجن يوكسيكداغ، (كل المناصب يشغلها رجل وامرأة في الحزب)، فعرضت حصيلة أعمال العنف على مدى الاشهر الخمسة الاخيرة، وقالت إن 258 مدنيًا و 33 طفلاً قتلوا فيما اعتقل اكثر من 500 مسؤول وعضو في الحزب. وتم تدمير حوالى 190 مبنى تابعاً للحزب، غير انها اشارت الى ان الحزب الذي حصل على 59 مقعدًا في البرلمان "يبقى الحزب الثالث في البلد".
&
خيبة امل الاكراد واليسار وصدمتهم&
&
يعتقد العالم السياسي احمد انسيل أن حزب الشعوب الديمقراطي فقد اصواتاً انتخابية لانه لم ينجح في تمييز نفسه بشكل كافٍ عن حزب العمال الكردستاني (بي كي كي). واضاف ان هذه النتائج يمكن تفسيرها في الواقع بخوف عدد كبير من الناخبين من العودة الى فترة الفوضى التي استغلها حزب العدالة والتنمية لدعم حملته الانتخابية.
&
ويعتقد عالم السياسة والاقتصاد سيف الدين غورزيل أن رد الفعل الامني ترك أثره ايضًا وأدى الى ارتفاع عدد الناخبين الذين صوتوا لحزب العدالة والتنمية ثم ذكر بالهجمات التي ادمت البلاد منذ حزيران الماضي وخلفت &35 قتيلاً في سروج في جنوب شرق البلاد و 102 قتيل في انقرة، حيث استهدف تفجيران متظاهرين أكرادًا ويساريين،&ونفذ هذه الهجمات اكراد جهاديون على ارتباط بداعش رغم ان التنظيم لم يعلن مسؤوليته عنهما.
&
هذا وانعكست خيبة الاكراد واليسار بشكل واضح في مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد جيلر دورسان استاذ كلية الاتصالات في انقرة "لا أمل لي في هذا البلد، سأحاول الهجرة".&
&
وقال الصحافي أصلي ايدنتاسباس الذي فقد عمله مؤخرًا "أفهم ان اهتمامات غالبية الناخبين تختلف عن اهتماماتنا في ما يتعلق بدولة القانون أو حقوق الانسان".&
&
وقال سيفيم وهو طالب قانون في جامعة اسطنبول، "اشعر بانهيار كامل ولكن هذه النتائج تظهر أن الناس تتكيّف بشكل جيد مع الوضع الحالي"، ثم اضاف "الشعب يحصل على الحكومة التي يستحقها".&
&
الحملة الانتخابية غير متكافئة
&
هذا وعبر العديد من مسؤولي المعارضة وفي منظمة غير حكومية اسمها "انتخاب" تعمل على مراقبة الانتخابات،&عن شكوك في نزاهة الانتخابات رغم عدم وجود أي دليل ملموس يؤكد حصول عمليات تزوير واسعة النطاق. ولكن دعاية السلطة التي تسيطر بشكل مباشر او غير مباشر على وسائل الاعلام، لاسيما القنوات التلفزيونية، وترهيب الصحافة المعارضة يكشفان رغم ذلك عن ان الحملة الانتخابية لم تكن متكافئة تمامًا، في اقل تقدير.&
&
وذكرت صحيفة لا ليبراسيون الفرنسية أن التحدي الحقيقي الذي يواجهه حزب العدالة والتنمية الان هو ان يحكم البلاد رغم &استراتيجيته القائمة على خلق التوتر الذي ادى الى تقسيم البلد على نفسه.&
&
وقال الجامعي والكاتب نوراي ميرت "لا اعرف كيف سيتمكن حزب العدالة والتنمية من حل التحديات الثلاثة في البلد: المشكلة الكردية ثم الحرب على داعش ثم سوريا".
&
ولخص نائب سابق من حزب الشعب الجمهوري فايق توناي الوضع بالقول "أمام حزب العدالة مشاكل خطيرة يجب حلها، وحتى لو فاز في الانتخابات بخمسين بالمائة من الاصوات فهناك نصف آخر في البلد يكره الحكومة ولا يثق بها".
&
وفي انتظار ذلك، نشرت الصحف المقربة من السلطة عناوين رئيسية شبه انتقامية وكتبت صحيفة غونيز "وانهار تحالف الشر"، فيما كتبت صحيفة ميلات "إنها صفعة العثماني".