تعتبر رحلة تشارلز داروين بنظر كثيرين أهم رحلة في تاريخ العلم لأنه جمع خلالها عينات أوحت له بنظرية النشوء والارتقاء التي أحدثت ثورة علمية.

إعداد عبد الاله مجيد: يبدو أن مهمة السفينة بيغل التي قام تشارلز داروين برحلته الشهيرة التي استمرت خمس سنوات على متنها لم تكن سهلة، كما أظهرت لوحة عُثر عليها مؤخرًا. وهي أول صورة بل الصورة الوحيدة التي يظهر فيها عالم الطبيعيات والأحياء البريطاني على متن السفينة.

وتكشف اللوحة التي أكد خبراء أنّها تصور داروين نفسه كيف اختصم بحارة السفينة على العينات الاحفورية والنباتية التي كانت عزيزة على داروين حتى أنّ ضابطا شكا من العينات "اللعينة" قائلا إنها كراكيب تملأ سطح السفينة.

وأنجز الصورة المرسومة بالألوان المائية فنان السفينة لتكون أول دليل صوري للعلاقات التي كان يعتريها التوتر أحيانًا على متن السفينة. وتذكر ابنة داروين أنّ الضابط البحري جيمس كليمينتس ويكهام هدد برمي العينات في ماء البحر.

ويمكن الآن رؤية هذه الواقعة بالألوان في مشهد حيوي يقدم دليلا آخر على ما حدث فعلا. ويُعتقد أن الصورة رُسمت للترفيه عن بحارة السفينة وانها لم تُنشر قط في الملفات الرسمية للبعثة العلمية.

واختفت الصورة عن الأنظار فورًا ربما بسبب قبطان السفينة روبرت فيتزروي وحُفظت في مجموعات مقتنين افراد بوصفها عملا فنيا طريفا من القرن التاسع عشر إلى ان عُثر عليها الآن.

ستباع في دار سوذبي

وستُباع اللوحة في مزاد تقيمه دار سوذبي حيث يُقدر سعرها بنحو 70 ألف جنيه استرليني بوصفها "من أوائل الأعمال التي تصور داروين وانها صورته الوحيدة على متن السفينة بيغل وصورة نادرة على نحو استثنائي له وهو يعمل بوصفه عالم طبيعيات".

وقالت دار سوذبي إن اكتشاف اللوحة حدث "مثير" وإنها واثقة من أصلها بعد الأبحاث التي أُجريت للتحقق من الفنان والتاريخ وغير ذلك من التفاصيل الأخرى.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن الخبير بالمخطوطات التاريخية في دار سوذبي الدكتور غابريل هيتون قوله "ان هذا اكتشاف رائع. فاللوحة التي لم تكن معروفة في السابق تصور داروين على سطح السفينة بيغل التي طافت العالم في ثلاثينات القرن التاسع عشر؟".

عينات لعينة!

وتوصل الخبراء إلى ان هذه اللوحة رسمت قبالة الساحل الأرجنتيني في 24 أيلول (سبتمبر) 1832 عندما نُقلت احفوريات داروين إلى السفينة. ويظهر في الصورة الضابط ويكهام وهو يقول "ليس هناك مكان للمشي على السطح بسبب هذه العينات اللعينة".

وتشير حياة داروين المنشورة إلى ابنته هنرييت وهي تتذكر كيف أن ويكهام دمدم قائلا "لو كان الأمر بيدي لرميت كل كراكيبك اللعينة في الماء ورميتك انت بعدها يا صائد الذباب".

ولاحظ خبير المخطوطات التاريخية الدكتور هيتون أن الصورة رسمت خلال أكبر مغامرة قام بها داروين وهي اللحظة التي حقق فيها اكتشافات عديدة وبلور افكارا متبصرة اختمرت واصبحت لاحقا الدليل الحاسم عنده على النشوء والارتقاء بالاصطفاء الطبيعي.