&بعد سنوات طويلة من الانتظار، أقرّ البرلمان الجزائري قانونًا خاصًا يحمي النساء من العنف، ضمن آلية عقوبات قاسية تصل إلى السجن المؤبد، وبينما اعتبرت منظمة العفو الدولية بأن القانون جيد ويُشكل خطوة في الإطار الصحيح، أكدت أنه غير كافٍ ولا يحل محل إصلاحات شاملة وجذرية.

&
إعداد ميسون أبو الحب: احتاج الامر سنوات طويلة لحين إقرار الاجراءات الاخيرة الخاصة بحماية المرأة من العنف، لا سيّما داخل المنزل وفي الشارع، إذ أقر البرلمان الجزائري قانونا خاصا يأتي ليكمل قانون العقوبات الجنائي من خلال إدخاله مفهوم المضايقة الزوجية والمضايقة في الاماكن العامة.&
&
ويعني هذا ان اي شخص يضرب شريكة حياته قد يمضي فترة تتراوح بين عام واحد وعشرين عاما في السجن، وفي حالة وفاة الزوجة يحكم عليه بالمؤبد. &
&
نص القانون ايضًا على عقوبات في حال تخلى الزوج عن زوجته، سواء اكانت في حالة حمل ام لا، وفي حال ممارسة ضغط وترهيب عليها بهدف الاستحواذ على ممتلكاتها، بالإضافة إلى عقوبات اخرى تضمنها القانون ايضًا، في حالة وقوع اعتداء جنسي.&
&
وقالت حسينة اوصديق، مديرة فرع الجزائر في منظمة العفو الدولية، في تصريحات صحافية: "لأول مرة يتم الاعتراف بأن العنف الممارس داخل المنزل يمثل مخالفة جنائية وجنحة، ولأول مرة ايضا يتم الاعتراف بأن المضايقة في الشارع يعتبر اعتداءً ماديًا ومعنويًا على المرأة".
&
غير كافية
&
هذه خطوة مهمة ولكنها لا تكفي في نظر منظمة العفو الدولية، كما جاء في بيان صدر عنها بعد إقرار القانون، وجاء فيه: "تمثل التعديلات المقترحة تقدما في الاتجاه الصحيح، ولكنها لن تحل بأي حال من الأحوال محل إصلاحات شاملة من شأنها ان تمنع العنف الجنسي وأن تقضي عليه وان تعاقب مرتكبه"، كما ودعت المنظمة الى تشريع "قانون ضد كل أشكال العنف الممارسة ضد المرأة".
&
وهي خطوة دعت اليها ايضا شبكة وسيلة، التي تضم تحت مظلتها عددا من المنظمات الجزائرية المعنية بحماية المرأة والاطفال والدفاع عنهم في مواجهة جميع اشكال العنف.&
&
وأكدت المنظمة على صفحتها على فيسبوك "يستمر النضال من اجل أن يكون القانون الخاص بالعنف الممارس تجاه المرأة فعالا وبإمكانه الوصول الى الضحايا"، واضافت: "سنطلب الان من الدولة متابعة المعتدي قانونيًا حتى لو سامحته الضحية، تحت تأثير ضغوط مختلفة، لأن هذه المسامحة مذكورة في احدى فقرات القرار".&
&
وقد استهجنت جميع المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة احتواء القانون على فقرة "المسامحة"، التي تعني وقف جميع الاجراءات القانونية ضد المعتدي في حالة صدورها عن الضحية.&
&
وقالت النقابية والناشطة النسائية سمية صالحي، في لقاء إذاعي في آذار (مارس) الماضي غداة التصويت على القانون في المجلس الشعبي الوطني: "هذا الامر يمثل احتقارا للمرأة ورسالة موجهة الى المعتدي مفادها أنك ستفلت من العقاب".&
&
اعتداءات
&
يجب على السلطات الان العمل على توفير الاليات اللازمة لتنفيذ هذا القانون، وهو أمر ذو اهمية خاصة بسبب تزايد حالات الاعتداء على النساء في الشارع، كما حدث عندما اغتصبت مهاجرة من الكاميرون في مدينة وهران واعتقلت لتقديمها شكوى، كما تعرضت سائقة سيارة أجرة في العاصمة الجزائر الى الضرب ولم تستطع رفع شكوى بالحادث، اضافة الى قتل شابة بدهسها بسيارة قرب مسيلة شرق البلاد لانها رفضت التجاوب مع صاحب السيارة.&
&
وذكرت صحيفة لوبوان الفرنسية ان الاشهر التسعة الاولى من عام 2015 شهدت اكثر من 7300 حادث اعتداء على النساء في الجزائر، منها 5350 حالة اعتداء جسدي، وفقا لارقام المديرية العامة للامن الوطني، ما يعني زيادة بــ 3000 حالة مقارنة بعام 2014، الذي شهد حوالى 4100 حالة اعتداء حسب المديرية نفسها وللفترة من بداية العام حتى شهر ايلول (سبتمبر).&
&
انتقاد
&
ولاحظت الصحيفة ان اقرار مجلس الامة مشروع القانون الخاص بحماية المرأة بشكل متأخر على غير عادته (عادة ما يعتمد المجلس نصوص القوانين التي يوافق عليها المجلس الوطني الشعبي)، هذا التأخر يوحي بوجود تباين في الاراء داخل المجتمع الجزائري، حسب ما رأت المحامية نادية آيت زاي في تصريح لصحيفة هافنغتون بوست بطبعتها الجزائرية، واضافت: "من جهة، هناك الحكومة التي تود طرح مقترحات لتطوير المرأة وتحريرها وجعلها إنسانا كاملا، وهناك من جهة اخرى، البرلمان الذي يحاول التقليل من شأن المرأة وعدم الاعتراف بفرديتها واستقلالها، ولا اتحدث هنا عن اعضاء البرلمان كله، ولكن هناك جزء منه يعترض".&
&
وكان نواب اسلاميون قد انتقدوا وبشدة مشروع تعديل قانون العقوبات وتضمينه فقرات تتعلق بالعنف ضد المرأة خلال جلسات عقدها المجلس الشعبي الوطني، وقالوا إن القانون "يلحق اضرارا بالأسرة"، بل وأثار بعض النواب موجة من الاحتجاج والادانة عندما اتهموا النساء بمسؤوليتهن عن الاعتداءات التي يتعرضن لها بسبب طريقتهن في ارتداء الملابس وبسبب "المكياج".
&