توقّع المنتدى الاستراتيجي العربي للعام 2016، استمرار الحروب الحالية واحتمال نشوب حرب جديدة ومشكلات أخرى في المنطقة.&

محمد الحمامصي: أصدر المنتدى الاستراتيجي العربي، جزء من مبادرات محمد بن راشد العالمية، تقريراً بالتعاون مع "فورين أفيرز" لرصد الأحداث المتوقعة في 2016 &على الصعيدين السياسي والاقتصادي من خلال قراءة لواقع الأحداث ومرتكزاتها. &ويأتي ذلك بهدف إعطاء لمحة عن المستقبل بما يُمَكن من التخطيط للعام القادم مع الأخذ بالحسبان التوجهات الجيوسياسية والاقتصادية التي قد تؤثر على استراتيجيات عام 2016.
&
ويتناول التقرير الحالة السياسية للعالم العربي في 2016 حيث يتوقع استمرار الحروب الحالية بالوكالة واحتمال نشوب حرب جديدة في المنطقة. ويحلل التقرير أوضاع الحرب في اليمن كاشفاً عن نجاح التحالف في تحقيق الجزء الأكبر من أهدافه لكن من غير المحتمل التوصل إلى تسوية دائمة لأن ذلك يتطلب تدخلاً دبلوماسياً خارجياً والتزاماً حقيقياً من الأحزاب المحلية.&
&
ويرصد التقرير تطور داعش في السنوات الأخيرة من فصيل محلي إلى قوة بارزة على الصعيد العالمي تسيطر على أجزاء كبيرة من سوريا وغرب العراق إلى جانب بعض دول المنطقة. ويوضح التقرير أنه على الرغم من استقطاب التنظيم أعدادًا كبيرة من المجندين الأجانب وسيطرته على مصادر متنوعة للدخل، إلا أن وحشيته وعدوانيته ساهمت في تنامي معارضته من كافة الأطراف التي تجمعها مصالح متقاربة. ومن غير المتوقع بحسب التقرير أن تتمكن القوى المتحالفة ضد داعش من القضاء عليه، إلا أنها ستنجح في احتواء تقدمه وإجباره على التراجع إلى مناطق أصغر.&
&
ويشير التقرير إلى أن عدم الاستقرار في ليبيا سيؤدي إلى مزيد من حالة التوتر الإقليمي. فالحدود لا تزال مفتوحة وسهلة العبور، والجهاديون لا يواجهون خصماً متمكناً قادراً على وقفهم وقد يتسببون بنقل العنف وهجرة الليبيين إلى أوروبا مما سيزيد& توتر الأوضاع في دول اللجوء.&
&
وعلى الجبهة المصرية يكشف التقرير أن شبه جزيرة سيناء ستكون مصدر إزعاج للحكومة المصرية بدون تهديد مباشر لها. أما في الشأن السوري فيتوقع التقرير بقاء بشار الأسد رئيساً للبلاد نظراً لالتزام روسيا وإيران بدعمه وضعف المعارضة السورية في تحقيق أهدافها. وفي تحليل للوضع العراقي يشير التقرير إلى أن العراق سيبقى موحداً بالاسم والسبب في ذلك يعود إلى سيطرة تنظيم داعش على الجزء الغربي من البلاد وتمتع الأكراد بالحكم الذاتي في شمال العراق.&
&
وتحت عنوان "حالة العالم العربي اقتصادياً في 2016" يوضح التقرير أن المشاكل الاقتصادية في العالم العربي ستواصل تزايدها في عام 2016 بدلاً من تحسن الأوضاع. &ويتصدر هذه العوامل انخفاض أسعار النفط، والفشل المتواصل في تنويع مصادر الاقتصاد، واستمرار الحروب الأهلية وتأثيراتها الممتدة، وتدني مستوى الفرص التعليمية.
&
إلا أن دول الخليج ستتمتع بظروف أفضل مقارنة بغيرها من دول المنطقة وضمن إطار زمني أبعد قليلاً. ويؤكد التقرير أن هذه السيناريوهات تعتمد بذلك على حركة أسعار النفط، فإذا وصل سعر النفط إلى 45 دولارا للبرميل مثلاً فإن المنطقة ستعاني من عجز في رأس المال. أما إذا ارتفع سعر النفط ليتجاوز مستوى 70 دولارا للبرميل لفترة طويلة، فإن الدول المصدرة ستتمكن من جمع واردات خزينة تصل إلى 6 تريليون دولار على مدى 10-15 سنة قادمة. وفي حال عادت أسعار النفط إلى مستوى 100 دولار للبرميل فإن هذا الرقم سيرتفع إلى 9 تريليون دولار مما يمكن الحكومات حينها من التغلب على الكثير من الصعوبات.
&
وبحسب التقرير، يتوقع استقرار ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي في حال إعادة النظر في الدعم الحكومي أو فرض الضرائب. ويعتمد تأثير خفض أو وقف الدعم الحكومي وزيادة الضرائب على مدى التنفيذ الفعلي لهذه السياسات، وعلى مدى أهمية التغيرات الناجمة عنها وسرعة حدوثها.
&
وأشار التقرير الى&أن دولة الإمارات العربية المتحدة نجحت في رفع الدعم عن منتجات البترول دون مصاعب، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان مثل هذا التقدم سيمتد ليشمل دولاً أخرى. وفي حال انتشر تطبيق مثل هذه السياسات في أنحاء المنطقة فإن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى موازنات أكثر استقراراً وإن كان ذلك على حساب احتمال مواجهة بعض المصاعب.
&
وحول احتمال تراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب انخفاض أسعار النفط فأكد التقرير أن ذلك سيكون له أثر محدود على الدول التي تحرص على تنويع قاعدتها الاقتصادية مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر وغيرها من دول الخليج.&
&
أما أبرز التحديات التي تواجهها بعض دول المنطقة، فيتمثل في قضية اللاجئين التي ستشكل مزيداً من الضغوط الاقتصادية على دول مثل لبنان والأردن وكردستان وإمكانية توسعها لتشمل تونس ومصر وتركيا وإيران. وفي تحليل لواقع الاقتصاد المصري، يتوقع التقرير أن تشهد مصر تباطؤاً في النمو نظراً للتحديات المتزايدة في القطاع السياحي.&
&
ويتوقع التقرير بأن تتأثر دول المنطقة العربية بالتحديات الاقتصادية الداخلية التي يواجهها الاقتصاد الصيني والتي ستنعكس سلباً على الاستثمارات النفطية للصين. في المقابل قد تبدأ دول منطقة الشرق الأوسط باستقبال رؤوس الأموال الخاصة من الصين مع توقع استهداف هذه الأموال بشكل رئيس مشاريع التطوير العقاري الفاخرة التجارية منها والسكنية.&
&
أما حالة العالم سياسياَ في 2016 فيتوقع التقرير أن تستمر منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا وبحرا الصين الجنوبي والشرقي كمناطق صراع رئيسية ومناطق جيوسياسية ساخنة. ويستعرض التقرير السيناريوهات المحتملة للأزمة الأوكرانية مستبعداً أياً منها ومرجحاً بقاء الوضع على حاله.&
&
في المقابل يكشف التقرير استمرار توتر العلاقات الأميركية الروسية دون أي تصعيد ملموس مع تراجع الأزمة الأوكرانية عن واجهة الأحداث وعدم الوضوح في مستقبل العلاقات السياسية بين الطرفين. &&
&
وفي الشأن الإيراني يوضح التقرير أنه على الرغم من التزام إيران بشروط الاتفاق النووي إلا أنها لن تسعى إلى انفتاح أكبر على العالم على الأقل خلال عام 2016 نظراً للانقسامات السياسية داخل إيران.
&
أما في أوروبا فإن تزايد الهجمات من قبل الجماعات الإرهابية سيعمل على تعزيز مكافحة الإرهاب وزيادة العداء للمهاجرين.
&
ويرى التقرير أن حظوظ هيلاري كلينتون بدخول البيت الأبيض مرتفعة في 2016 وفي حال وصولها إلى الرئاسة فمن المتوقع أن تستمر في نفس نهج السياسة الخارجية الحالية مع احتمالية أكبر للتدخلات العسكرية المباشرة.&
&
وفي القسم الذي يتناول الأوضاع الاقتصادية لدول العالم في 2016، يستند التقرير الى قراءات صندوق النقد الدولي الذي توقع نمواً معتدلاً للاقتصاد العالمي في 2016 بواقع 3.6% مع تحسن متواضع في أوروبا ونمواً أبطأ في الأسواق الناشئة وفي الولايات المتحدة الأميركية. &ويشير التقرير إلى أنه من المرجح أن يزيد البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بنسبة 50-100 نقطة خلال العام 2016، قبل اتخاذ القرار حيال الخطوات المقبلة. وتعتمد زيادة إجراءات التشديد على قوة الاقتصاد الأميركي وعلى معدلات التضخم. وستواصل الهند تألقها في هذا الجانب، أما أداء الأسواق الناشئة ككل فسيبلغ 4.5% عام 2016.
&
ويحلل التقرير واقع ومستقبل الاتحاد الأوروبي فيشير إلى أن أوروبا تملك المقومات اللازمة لتحقيق تسارع في النمو خلال عام 2016. إلا أنها تعيش فوضى سياسية، ويشتت تركيزها احتمال إطلاق المملكة المتحدة استفتاءً حول مغادرة الاتحاد الأوروبي، كما أنها لا تزال تعاني من تداعيات مشاكل هيكلية أساسية في العملة الموحدة. وتسبب هذه العوامل مجتمعةً حالة من عدم الاستقرار وطرد للاستثمارات.
&
وبسبب استمرار تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي يتوقع التقرير أن أسعار النفط في حال ارتفاعها لن تعود إلى ما كانت عليه في السابق. ويرجح التقرير انتهاء الطفرة الاقتصادية الصينية ذات الرقمين متوقعاً استمرار الصين في مسارها الحالي على أن تصبح أكثر نشاطاً في المنطقة القطبية، وأن تواصل سياستها "حزام واحد طريق واحد" التي تهدف إلى تحقيق التكامل الاقتصادي على مساحة ضخمة في أوراسيا وأفريقيا.