تغيب أخبار مدينة (حديثة) العراقية الغربية ذات المائة الف نسمة التي يحاصرها تنظيم (داعش) منذ سبعة أشهر عن وسائل الاعلام، رغم أنها تعيش اوضاعًا سيئة ونقصًا في الغذاء، وأهلها يرفعون استغاثاتهم ويطالبون بفك الحصار عنها.

&بغداد: ما زالت مدينة حديثة بمحافظة الانبار الغربية الصامدة منسية، فشبابها يقفون على السواتر يقاتلون داعش منذ أشهر، وقد منعوا التنظيم المتطرف من دخولها، لكن أهلها يعانون الجوع &والكثير من العذابات، فالأخبار التي تأتي من هناك أو التي تحدث بها لنا بعض المصادر، هي أن أهل المدينة بلا طعام ولا غاز ولا نفط ولا حليب أطفال ولا دواء.
&
فالمدينة محاصرة من كل الجهات وصواريخ (داعش) تدكها، كما يؤكد آخرون أن الأسعار مرتفعة جداً، فيما يعرب البعض بأسف أن الأهالي الصابرين أخذوا يستخدمون نبات البرسيم (الجت) ويعطونه للأطفال!، الاستغاثة تضمنت مخاطبة تقول (مروءتكم يا أهل المروءة شوفوا لهم حلا).
&
ولأجل ذلك تم إطلاق مبادرة تضامن مع أهل المدينة، للصيام والدعاء لأهلها بأن يفرج الله عنهم "لان دعاء الصائم مستجاب بإذن الله تعالى ورب أشعث اغبر لو اقسم على الله لأبره .. نسأل الله تعالى ان يعين اهلنا ويفرج عنهم وان يجعل عملنا هذا خالصًا لوجهه تعالى وسببًا للتخفيف عن المستضعفين وتفريجًا لكربتهم .. وذلك أضعف الايمان".
&
تعيش واقعًا مأساويًا
&
فقد تحدث لـ "إيلاف" خالد الحديثي، أحد ابناء المدينة، بألم عما يحدث في مدينته مستغربًا عدم الاهتمام الحكومي بمعاناة الناس هناك، وقال: "حديثة تعيش واقعًا مأساويًا جداً، فهي محاصرة منذ سبعة أشهر، منذ يوم احتلت مدينة هيت والى الآن، فالطريق الغربي الذي يربطها بسوريا مغلق، وطريق الجزيرة الذي يربط حديثة ببيجي .. مغلق أيضًا، وكذلك طريق حديثة -هيت المؤدي إلى الرمادي مغلق".
&
وأضاف: "الحكومة إلى حد الآن لم تلتفت للأهالي بأي شيء، المواد الغذائية التي تأتي عن طريق بيجي وحدها التي تسمح بمرورها داعش ... تباع بأسعار فاحشة جدًا، فالطحين يباع بـ 150 الف دينار عراقي (نحو 120 دولارًا) للكيس الواحد، والسكر والرز بسعر 200 الف دينار (نحو 170 دولاراً)، وكذلك بقية المواد غالية جداً ..، فيما أصبح لتر البنزين يباع بـ 6 آﻻف دينار (نحو 4 دولارات)".
&
وتابع: "كل هذا والحكومة لم تلتفت لما تعانيه المدينة من نقص في الغذاء والدواء وكأنها مسألة إبادة جماعية مقصودة ، مدينة تعيش حصاراً ظالمًا منذ أشهر طوال، فماذا تتوقع أن يبقى من غذاء مخزون، وهي المدينة التي لم تسقط حتى الآن .. أترى هذا جزاء أهلها؟".
&
واضاف أن حديثة تذكر الجميع بمجاعات الصومال واﻻفارقة، المدينة الآن مكلومة، لأنها فقدت الكثير من أبنائها وأهلها، فيما تيبست أراضيها وجفت، ودمرت بساتينها بعد أن كانت زاهية.
&
تتعرض للهلاك&
&
ومن جهته، أكد خلف عبد الوهاب، من أهالي حديثة، أن المدينة المحاصرة تتعرض للهلاك، وقال: "حديثة مدينة صامدة بوجه الشر وترفض أن يدخلها الغرباء، مدينة الصمود &التي صغارها وكبارها يدافعون عنها منذ أشهر.. على الرغم من الصعوبات الحياتية التي يعيشونها والتي تجعل المدينة تتعرض للهلاك".
&
وأضاف: "أهلها الأبطال منعوا عناصر داعش من دخولها بشجاعتهم غير ابهين للجوع &والمصاعب لانهم لا يريدون &لها أن تنتهك من قبل الدواعش، لكن للأسف لا احد يتحدث في الاعلام عنها ولا عن انتصاراتها".
&
وتابع : "لا اعيش حاليًا في حديثة ولكنني على اتصال دائم مع اهلي هناك وأعرف الحالة المزرية التي يعيشها الناس، وقد نفد منهم الطعام وغلت الأسعار ودمرت البساتين، ولكن للأسف الناس يشكون الإهمال الحكومي لها".
&
حديثة مدينة شجاعة
&
&الى ذلك، استغرب الكاتب عبد الزهرة زكي من حال المدينة وقال: "لا ينبغي لمدينة مثل (حديثة) أن تظل تحت رحمة الدواعش ويحاصرها الجوع فتكابر عليه من دون تدخل جاد يعزها ويحفظ أهلها". واضاف: "كما تم انقاذ الناس في جبل سنجار فإن على طائرات الاميركيين والايرانيين والخليجيين والعراقيين الآن أن تفعل شيئاً لتبديد جوعها والمساعدة في تتويج نصرها. وختم &كلامه بالقول : حديثة مدينة شجاعة".
&
نداء اضعف الايمان
&
اما محمد آل جعفر الحديثي، فقد اطلق نداء قال فيه: "هذا نداء للجميع ممن يسكنون خارجاً أو بعيدًا عن مدينة حديثة ممن لا يستطيعون تقديم المساعدة لاهلهم بسبب الحصار الذي تتعرض له المدينة. نحن نعلم صعوبة ايصال المواد الغذائية والدواء الى مدينتنا حتى الاصوات لا تصل الى من يهمهم الامر مع الاسف".
&
واضاف: "اهلكم في حديثة في مأساة حقيقية منذ اشهر، اطفال رضع يعانون من الجوع فلا يجدون ما يسد جوعهم . يصبرهم اهلهم بالماء تارة ويجبرونهم على النوم تارة اخرى لينسوهم الجوع، وكبار السن يدعون على انفسهم بالموت لقلة الغذاء، قد لا نجد سبيلاً لعون اهلنا لكن اضعف الايمان هو ان نعيش احساس الجوع والعطش معهم ولو ليوم واحد او لبضعة ايام".
&
وتقع حديثة على ضفاف نهر الفرات على بعد260 كيلومتراً غرب العاصمة بغداد، ويبلغ عدد سكانها حوالي 100 الف نسمة وتمتد على نهر الفرات مسافة قدرها 25 كم، تسكنها عشائر مختلفة من ال جعفر و الراويين والعانيين والبونمر والبوغانم والموالى والبومفرج والجواعنة والطرابلة والحديثيين (السكان الاصليين) والبوحيات والبومحل والغرير والكرابلة والبوصگر والمحامدة والبياتيين.
&
وتمتاز مدينة حديثة بكثرة المثقفين من ادباء وشعراء، وكذلك بكثرة علاقات القرابة والمصاهرة بيت عشائر المنطقة إلى حد اتصاف الجميع بصفة المدينة حيث أصبح الجميع بالدرجة الأولى حديثيين .. وهي مدينة واسعة الاطراف ولها طرق متشعبة ويربطها بمحافظة صلاح الدين طريق قضاء البيجي وطرق متصلة إلى كل من سوريا والأردن والسعودية .. وطبيعة اراضيها القريبة من النهر زراعية خصبة جدًا ولكن مساحاتها قليلة نسبيًا وبقية الاراضي حولها صحراوية شاسعة تعتمد على الأمطار في ريها لذلك زراعتها ديمية علمًا أن هناك مشاريع للزراعة عن طريق الابار تعتمد بالشكل الأساسي على جهود الاهالي.