البحث عن الطائرة الماليزية التي فقدت قبل عام لم يسفر عن نتيجة، لكن عمليات البحث غير المسبوقة في حجمها في أحد أكثر الأماكن عزلة في العالم وفّرت معلومات ثمينة لعمليات الإنقاذ في المستقبل.


إيلاف - متابعة: فقدت الطائرة التي كانت تقوم برحلة بين كوالالمبور وبكين في الثامن من آذار/مارس 2014 وعلى متنها 239 راكبًا. وبعد عام على ذلك، ما زالت عائلات المفقودين تطلب تفسيرًا لهذه المأساة.

مسح غير مسبوق
وتواصل أربع سفن البحث في منطقة شاسعة تحت البحر في المحيط الهندي على بعد حوالى 1600 كلم عن الساحل، ولم تكن معروفة سوى من خرائط الأقمار الاصطناعية. وتنسق أستراليا عمليات البحث التي تشارك فيها دول عدة.

وقال مارتن دولان مدير المكتب الأسترالي لسلامة النقل، الذي يقود العمليات، إن "اتساع حجم المنطقة التي نغطيها غير مسبوق". أضاف "في الحد الأقصى، عندما كان الفرنسيون يبحثون عن طائرة الإير فرانس في المحيط الأطلسي في رحلتها بين ريو دي جانيرو وباريس كانوا يعملون في منطقة تعادل ربع المساحة" التي تشملها عمليات البحث عن الطائرة الماليزية.

تحطمت طائرة شركة إير فرانس، التي كانت تقوم بالرحلة 447، في حزيران/يونيو 2009، وعليها 228 راكبًا. ولم يعثر عليها سوى في نيسان/إبريل 2011. وتموّل أستراليا وماليزيا بشكل مشترك عمليات البحث للعثور على طائرة البوينغ، التي تبلغ ميزانيتها 120 مليون دولار أسترالي (84 مليون يورو). وتتركز هذه العمليات في "منطقة تحتل أولوية" تبلغ مساحتها 60 ألف كلم مربع. ويفترض أن تنتهي هذه العمليات في أيار/مايو.

خبرة محيطية
وبعد أشهر من الجهود، لم ترصد فرق الإنقاذ سوى بضع حاويات بحرية، لكنها تمكنت من رسم خرائط الأعماق للمرة الأولى. ومنطقة البحث بعيدة، إلى درجة أن السفن تحتاج ستة أيام لتصل إليها انطلاقًا من مرفأ فريمانتل في غرب أستراليا، حيث تتزود بالوقود.

ووسط رياح قوية شبيهة بـ"الأربعينات المزمجرة"، وهي الرياح العكسية القادمة من جهة الغرب التي تهب فوق المحيطات جنوب الكرة الأرضية، تم مد كابلات بطول عشرة كيلومترات مزودة بأجهزة سونار متطورة للتنقيب في أعماق المحيط المجهولة والمظلمة. وقد تكون الطائرة على عمق أربعة آلاف متر.

وقال مارتن دولان إن "ضوء الشمس لا يمكن أن يخترق أكثر من 300 إلى 400 متر من مياه البحر، ونحن نتحدث عن عمق يصل إلى أربعة آلاف متر (...) أي إننا نعمل في الظلام الدامس". وأضاف "لكن عند الحاجة يمكن لفرقنا أن تصوّر لقطات فيديو وتلتقط صورًا". وكشفت هذه المهمة غير المسبوقة في حجمها قلة المعرفة بالمحيطات.

وقال إيريك فان سيبيل عالم المحيطات في جامعة إمبريال كوليدج في لندن والأستاذ المساعد في جامعة نيو ويلز الجنوبية "نعرف عن القمر أكثر مما نعرف عن أعماق محيطاتنا، وخرائط القمر أدق بـ25 مرة من تلك التي وضعت للمحيطات". وأضاف إن المعلومات التي تم جمعها يمكن أن تقدم تفاصيل عن الحياة في الأعماق وعن ثروات معدنية محتملة.

دعم فرنسي
وأجبرت عملية البحث على مساحة شاسعة في منطقة معزولة المسؤولين على الابتكار لضمان صدقية المعطيات. وقال دولان إن نوعية المعلومات تحسنت. وأضاف المسؤول نفسه إن "الدروس التي يجب استخلاصها (...) هي أن تخطيط وتنسيق مثل هذه العمليات أمر معقد، ويتطلب جهودًا كبيرة. استعنا إلى حد كبير بخبرة زملائنا الفرنسيين في عمليات بحثهم عن الرحلة 447 لطائرة إير فرانس، وسننقل تجربتنا إلى الذين يمكن أن يحتاجوها".

ساهمت هذه المهمة أيضًا في البرهنة على فاعلية الجيل المقبل من أدوات الاسكتشاف مثل السونار التخليقي للتصوير تحت الماء. ومع أن عمليات البحث لم تسفر عن العثور على الطائرة، يبدو دولان واثقًا من جدوى المهمة. وقال "نظرًا إلى طبيعة معطيات الأقمار الاصطناعية لسنا متأكدين بالمطلق من أننا نبحث في المكان الصحيح، ولكننا فقط نرجّح ذلك". ورأى إيريك فان سيبيل أن الأمر أشبه بالبحث عن حمّالة مفاتيح في لندن في العتمة. لكنه أضاف "لكن بالتأكيد إذا لم نحاول فلن نعثر على شيء".
&