قال الحوثيون إن اعتراف الخليج بعدن عاصمة يمنية، والدعوة إلى نقل الحوار إلى الرياض خلطا الأوراق في اليمن، خصوصًا بعدما صفعهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي بهروبه المثير إلى عدن.


حيان الهاجري: تلقى دعوة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للسعودية لاستضافة حلقات الحوار الجارية في اليمن، من أجل إخراجها من صنعاء، العاصمة اليمنية التي يسميها هادي بـ "المحتلة"، أصداء مختلفة في طول البلاد وعرضها.

توجيه ملكي سعودي
فقد وجّه الملك سلمان بن عبد العزيز بنقل رغبة هادي إلى قادة دول مجلس التعاون، باستضافة الرياض لمؤتمر حوار يمني تحت مظلة مجلس التعاون، بحسب "الشرق الأوسط".

ووفقًا لبيان صدر مساء الأحد عن الديوان الملكي السعودي، فإن دول المجلس أبدت ترحيبها واستجابتها لطلب الرئيس اليمني بعقد المؤتمر في الرياض، على أن تتولى أمانة المجلس وضع كل الترتيبات اللازمة.

وقال البيان إن توجيه خادم الحرمين الشريفين يأتي استمرارًا لمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني الشقيق، "وانطلاقًا من أن أمن دول المجلس وأمن اليمن هو كل لا يتجزأ".

رسالة هادي
وكان الملك السعودي تلقى رسالة من الرئيس اليمني، طلب فيها استضافة الرياض لمؤتمر تحضره كل القوى اليمنية الراغبة في الأمن والاستقرار، قال فيها: "أخي صاحب الجلالة، لعلكم تتابعون الظروف الدقيقة والحرجة التي يعيشها أشقاؤكم في اليمن جراء الانقلاب الحوثي على الشرعية الدستورية، حيث أجبرنا الحوثيون على الخروج من صنعاء إلى جنوب اليمن (عدن) والتي تتمتع بظروف أفضل تمكننا من متابعة إدارة الدولة في هذا الوقت الصعب والحرج، ومن المنطلق نفسه نناشد إخوتنا في مجلس التعاون الخليجي باستمرار دورهم البناء، وذلك بعقد مؤتمر تحضره كل الأطياف السياسية اليمنية الراغبين في المحافظة على أمن واستقرار اليمن، تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي في مدينة الرياض.

بحيث يهدف المؤتمر إلى المحافظة على أمن واستقرار اليمن، وفي إطار التمسك بالشرعية ورفض الانقلاب عليها، وعدم التعامل مع ما يسمى بالإعلان الدستوري ورفض شرعنته، وإعادة الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الدولة، وعودة الدولة لبسط سلطتها على الأراضي اليمنية كافة، والخروج باليمن من المأزق إلى بر الأمان، بما يكفل عودة الأمور إلى نصابها، وأن تستأنف العملية السياسية وفقًا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، وأن لا يصبح اليمن مقرًا للمنظمات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة ومرتعًا لها".

مصيبة وانهيار
وصف الشيخ حسين حازب، عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام، نقل جلسات الحوار من صنعاء بالـ"مُصيبة"، معتبرًا أن هذا الأمر يشكل "كارثة وانهيارًا لكل شيء".

ونقلت التقارير عن هذا القيادي المؤتمري قوله إن دعوة هادي إلى نقل الحوار إلى الرياض "تدل على عجزه وعجز القوى السياسية من أن يصلوا إلى حل للمشاكل العالقة في اليمن، وهي محاولة مسبقة لتحميل أنصار الله مسؤولية انهيار الحوار، على اعتبار أن الحوثيين قد لا يقبلون بالذهاب إلى الرياض".

أضاف حازب: "خروج الحوار من صنعاء والدعوة إلى ذلك عجز وفشل ذريع للرئيس ولكل القوى السياسية من دون استثناء عن إدارة وقيادة هذا الوطن والحديث باسمه والحوار لأجله".

ودعا حاوب الشعب إلى تحديد خياراته مع هذه القوى، ومع هذا الرئيس، "إذا اعتبره رئيسًا، وإن قبل الأحزاب بنقل الحوار إلى الرياض، فهم بذلك قد خلعوا أنفسهم من الناحية الشرعية والدستورية والقانونية، ولم تعد لهم مشروعية".

مؤامرات تحاك
أما الحوثيون، فحذرت لجنتهم الأمنية العليا في بيان أصدرته مساء الأحد من جر اليمن إلى ميدان صراع إقليمي. وأوضحت أن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للحوثيين ستتخذ كل الإجراءات القانونية ضد من يهدد أمن الوطن واستقراره أو تسوّل له نفسه المساس بالأمن والممتلكات العامة والخاصة أو المؤسسات والمرافق الحكومية والمدنية والعسكرية، أو أيًا كان من المنشآت الاقتصادية والسيادية.

وجددت اللجنة في بيانها التأكيد على أهمية التزام القوات المسلحة والأمن ومنتسبيها بالتوجيهات الصادرة منها، ودعت جميع الأطراف السياسية الفاعلة إلى تجنيب البلاد الصراعات السياسية والحزبية، وأكدت أنها ستقوم بواجبها في تأدية مهامها بما يصون الأمن والاستقرار ووحدة البلاد في جميع المحافظات اليمنية.

كما دعت اليمنيين إلى الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد البلاد ومحاولات تحويلها إلى ميدان صراع إقليمي، في رد غير مباشر على دعوة هادي إلى نقل الحوار خارج اليمن.

صفعة جديدة
إلى ذلك، كان هروب وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة اللواء محمود الصبيحي إلى عدن، والتحاقه بهادي، الصفعة الثانية التي يتلقاها الحوثيون، بعد تمكن هادي من كسر الإقامة الجبرية التي كانت مفروضة عليه.

وعلمت صحيفة "الحياة" من مصادر حوثية مطلعة أن الجماعة تدرس مخططًا للتصعيد، للرد ميدانيًا على هروب الصبيحي وقبله الرئيس. ولم تكشف طبيعة المخطط الذي يُحتمل أن يكون على صلة بالتمرد الحالي لقوات الأمن الخاصة في عدن. واطلعت "الحياة" على تسريبات أمنية تحدثت عن وجود حوالى ألف مسلح حوثي في عدن، من عناصر "كتائب الحسين" (ميليشيا الجماعة الخاصة) يُقيمون في منازل "آمنة" منذ أشهر، وينتظرون التوجيهات لحسم أي مواجهة على الأرض.

خلافات متصاعدة
وكشفت مصادر يمنية مطلعة لصحيفة "العربي الجديد" عن الملابسات التي سبقت مغادرة الصبيحي صنعاء إلى مسقط رأسه في لحج الجنوبية، مشيرة إلى تصاعد خلافات الحوثيين مع قادة بارزين في الجيش على خلفية مضايقات وتدخّلات الجماعة، وطلبها توجيه حملة عسكرية للسيطرة على مأرب وتعز.

وقالت هذه المصادر إن الحوثيين طلبوا من الصبيحي أن يصدر قرارًا، بصفته رئيسًا للجنة الأمنية العليا، يتضمّن ترقية أربعة من القادة الميدانيين للجماعة إلى رتبة "لواء"، وتعيين قيادات موالية لهم في ألوية ووحدات عسكرية في مأرب وتعز والضالع. وهذه كانت من أسباب رفض الصبيحي الاستمرار في منصبه، إلى جانب استمرار الحوثيين بالتدخل في المعسكرات والمنشآت العسكرية، ومضايقاتهم المستمرة للضباط والموظفين العسكريين بتفتيشهم وفرض الرقابة عليهم.

وثائق سرية
وقالت تقارير يمنية إن اللواء الصبيحي وصل إلى عدن وبحوزته كشوفات سرية جدًا، خاصة بتشكيلات الجماعات القتالية التي تشكل الجيش الحوثي، وضمنها كشوفات بأسماء عملاء الحوثيين في المحافظات الجنوبية.

ونقلت هذه التقارير عن مصدر تأكيده أن الكشوفات تتضمن أسماء المتعاونين مع الحوثيين في المحافظات الشمالية، الذين تم إحلالهم بدلًا من آخرين، وبتنسيق كامل مع جماعة الحوثي، حيث تم إدراجهم ضمن كشوفات مرتبات وزارة الدفاع لما يسمي بـ"كتائب الدعم"، وعددها 40 كتيبة، بمجموعات كانت تصرف بنظر اللواء علي محسن ونجل الرئيس السابق علي صالح لمشايخ عدة، مثل صغير بن عزيز وأمين عاطف والعندولي وأبوعوجاء والوروري والدوحمي وهاشم الأحمر وغيرهم.

أشياء خفية
نقلت "الشرق الأوسط" عن الدكتور رياض ياسين عبد الله، وزير الصحة اليمني، تأكيده أن الجسر الجوي الذي فتحه الحوثيون مع إيران لا يتعلق بمعدات طبية أو إنسانية، كما هو مُعلن، "فمن جهتنا في وزارة الصحة لم نعلن رسميًا عن وصول مساعدات إنسانية، كما يدعي الانقلابيون، ولا يوجد أي شيء من هذا القبيل، وإنما هي أشياء خفية بهدف دعم الانقلابيين من قبل طهران".

ووصف عبد الله المرحلة الحالية بأنها "فاصلة" في تاريخ اليمن، بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء وضواحيها وصعدة والمحافظات المجاورة لها، "ومحاولة فرض هيمنتهم بالتعاون مع إيران بصورة مكشوفة وواضحة، خصوصًا بعد فتح جسر جوي، وحاول الحوثيون وضع غطاء لما يجلبونه إلى داخل البلاد، على أساس أنها مساعدات طبية، وفي الحقيقة لا نعتقد أن ما يدخلونه للبلاد هو مساعدات طبية، كما هو معلن، وإنما هي أمور مخفية، ولم نعلن نحن في وزارة الصحة عن أي معدات طبية أو أي تجهيزات أو أي مساعدات من بطانيات وغيرها من المستلزمات".

الكاوبوي الحوثي
أضاف عبد الله: "الوضع يتحسن بشكل يومي، خصوصًا أن هناك إجماعًا إقليميًا بقيادة السعودية ودول الخليج على دعم الشرعية، كما أن هناك إجماعًا دوليًا ايضًا، ويضاف إلى ذلك إجماع داخلي يمثله الشعب اليمني على مواجهة الانقلاب الحوثي، يتضح من خلال التظاهرات اليومية التي تعلن رفض الشارع اليمني للانقلاب على الشرعية".

وتابع: "يُفضل أن يكون الحوار في الخارج، لأن حوار الداخل، ولا سيما في صنعاء، لا فائدة منه، فهو على طريقة (كاوبوي) عندما يضع أحد المحاورين سلاحه على الطاولة أو على رأس الأطراف الأخرى في الحوار، ويطلب منهم الحوار أو إبداء الرأي، ووفقًا لهذه الاعتبارات فإن أي حوار في صنعاء هو حوار مسلوب الإرادة وحوار لن يؤدي إلا إلى نتيجة غير مفيدة للمصلحة العامة".

وختم قائلًا إن الحوار في الخارج ستكون له تبعاته الإيجابية، "لا سيما إذا كان تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي لتنفيذ الرؤية الحقيقية للمبادرة الخليجية، فالحوار السابق الذي أشرف عليه المبعوث الدولي احتوى على الكثير من الأخطاء والسلبيات، ونتمنى تلافي هذه الأخطاء من خلال الإشراف المباشر والحثيث من قبل مجلس التعاون الخليجي".

ضربات في البيضاء
ميدانيًا، شن "انصار الشريعة"، جناح القاعدة في اليمن، بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين هجومًا واسعًا من محاور عدة على اللواء 39 مدرع في أبين. وقالت تقارير إن الهجوم بدأ عند الثانية فجرًا، وتمكن المهاجمون من أسر أربعة جنود، والسيطرة على النقطة التابعة للواء بشكل تام.

وقالت مصادر قبلية في رداع إن رجال القبائل وعناصر تنظيم القاعدة شنوا هجمات الأحد على مواقع لجماعة الحوثي المسلحة في محافظة البيضاء في وسط اليمن، أدت إلى مقتل وجرح العشرات من ميليشيا الحوثي.

وقالت المصادر لوكالة الأناضول إن هجمات متفرقة شنها مسلحون قبليون، وآخرون من تنظيم "أنصار الشريعة"، على مواقع متفرقة للحوثيين في مديرية ذي ناعم في محافظة البيضاء، أوقعت قتلى وجرحى من الطرفين. وتشهد المنطقة هجمات متبادلة بين الطرفين، في ظل سيطرة الحوثيين على تلك المناطق، التي تنتشر فيها قبائل سنية، ترفض تواجد مسلحي الجماعة الشيعية في مناطقها.