نصر المجالي: تواصلت في الكويت ردات الفعل المؤيدة لطي النيابة العامة لملف (الشريط المزوّر) ومزاعم التخطيط لانقلاب ضد الحكم، حيث حسمت النيابة براءة رئيس الوزراء السابق ناصر المحمد ورئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي من تلك المزاعم، التي كان ساقها شريط أحمد الفهد.

ولعل أبرز رد جاء من جانب رئيس مجلس الأمة الأسبق البرلماني المخضرم أحمد السعدون على ما أعلنه الشيخ أحمد الفهد بعد حفظ قضية "شريط الفتنة"، حين خاطبه قائلاً:"لم يكن من المعروف عنك تأييدك للديموقراطية، ومن ذلك دورك الذي كنت تقوم به في مجلس الأمة بالتصدي للأعضاء ومواجهتهم، وإفشال محاولاتهم الاصلاحية، عندما كانوا يمارسون سلطاتهم الدستورية في مساءلة الوزراء أو رئيس الوزراء".

حسم الملف

وكانت النيابة الكويتية حسمت ملف مزاعم التخطيط لانقلاب ضد نظام الحكم، الذي كان أشغل الدولة الخليجية لعامين متتاليين، وقالت يوم الاربعاء إن "شريط الفيديو المسجل الذي استندت اليه التحقيقات مزور".

وألغى المدعي العام في الكويت جميع التحقيقات بشأن مزاعم التخطيط لانقلاب في البلاد عام 2013. حيث حسمت النيابة العامة قضية البلاغ المقدم من الشيخ احمد الفهد ضد الشيخ ناصر المحمد، ورئيس مجلس الامة السابق جاسم الخرافي، بإلغاء رقم الجناية وقيد الاوراق بدفتر الشكاوى الادارية وحفظها إدارياً.

وعن توعّد أحمد الفهد بـ "أدلة أخرى" تتعلق بـ "حالات فساد" تكشف الحقيقة الكاملة أمام الشعب الكويتي، و"تهز أركان الوطن ومؤسساته"، أكد احمد السعدون أن التوعد باعلان "أدلة أخرى" اذا صح "سيصحح المسار، ويهز أركان الفساد في الوطن ومؤسساته" وليس أركان الوطن.

&وكان أحمد الفهد أعلن بعد قرار النيابة العامة عن عزمه المضي قدمًا لكشف الحقيقة في هذه القضية وفك ما وصفه بـ"طلاسم المؤامرة" أمام المواطنين بعد أن تم اغلاق ابواب النيابة العامة أمامه قسرًا ، على حد تعبيره.

وبيّن الفهد أن النائب العام الكويتي علل حفظ البلاغ بأعذار واهية ومعلومات تخالف وقائع القضية وسير التحقيق فيها، مؤكدًا وجود تلاعب في التسجيلات والأدلة التي تقدم بها إلى النائب العام بهذا الخصوص.

إنعاش ذاكرة

وإلى ذلك، كما نقلت صحيفة (الرأي) الكويتية، فإن أحمد السعدون "أنعش" ذاكرة أحمد الفهد بـ "تواريخ محددة سابقة" تم تسريبها وتداولها منذ أشهر عدة لكشف أدلة للشعب "قيل إن ذلك سيكون في يناير الماضي، ثم قيل إنه سيكون قبل العيد الوطني وعيد التحرير، ثم قيل إنه سيكون بين تاريخي 2 و3 آذار (مارس) الجاري، ثم قيل إنه سيحدث بالتأكيد بين تاريخي 9 و10 مارس الجاري، حتى بلغ مقدار (تصديق) حدوث ذلك فعلاً من قبل بعض الأطراف، بمن في ذلك مسؤولون في تيارات سياسية وغيرهم، الى درجة صار بعضهم يؤكد وقوعها خلال (يومين) أو (ثلاثة) ويدعو الى سرعة التحرك الشعبي قبل فوات الأوان، أي قبل كشفها للشعب الكويتي".

واستطرد السعدون، "ولكن هؤلاء جميعًا صُدِموا عندما مرت الأيام التي بشّروا بها دون أن يثبتوا مصداقيتهم. أما بالنسبة لي فقد كنت وعلى فرض صحة (الأدلة الأخرى) أشكك بصحة ما كان يطرح من تواريخ ومواعيد، بل لم أكن أخفي خشيتي من أن الغرض من إثارتها وتحديد مواعيد لكشفها، إنما هو لخلق مناخ (تفاوضي) أفضل لبعض الأطراف".

طعن بالقضاء

وعلى هذا الصعيد، رأت مصادر قانونية كويتية أن بيان أحمد الفهد الذي رد فيه على النيابة العامة وإعلانها حفظ القضية يعتبر "طعناً مباشراً بالسلطة القضائية بالأسلوب التشكيكي الذي تضمنته العبارات الواردة فيه"، وإعلانه صراحة أن "الكثير من الشكوك داخلتني أثناء التحقيق في البلاغ منذ بدايته إلا أنني صممت مسمعي عمّا وصلني من معلومات تنفي حيادية التحقيق، ولكن وبعد أن تم حفظ القضية فإني أؤكد أنني ماضٍ قدماً لكشف الحقيقة واسترجاع ما تم سلبه".

واعتبرت المصادر أن "عدم تحرك النيابة العامة دفاعًا عن التشكيك بحياديتها يحمل أكثر من علامة استفهام"، مستغربة "صمت النائب العام، الذي بات مطالباً بالتحرك تجاه المساس الذي طال القضاء بشكل واضح في بيان الفهد".

وذكرت المصادر القانونية أن "تشكيك الفهد في حيادية النيابة العامة لا يجب السكوت عنه، ويستوجب، فضلاً عن تحريك دعوى قضائية في هذا الشأن، إصدار بيان واضح يضع النقاط على الحروف لمنع الإساءة إلى السلطة القضائية، والتي يؤمن الجميع بنزاهتها وحياديتها، ولا يجب أن يشكل قرار أتى على غير ما يشتهي الفهد دافعاً للتشكيك بها".

بيان أحمد الفهد

وكان الشيخ أحمد الفهد قال في بيان أصدره حول قرار النائب العام حفظ قضية (بلاغ الكويت) إنه كانت أمام النيابة أدلة كثيرة بإمكانها الاعتماد عليها لعدم حفظ البلاغ ضد الشيخ ناصر المحمد وجاسم الخرافي، ومنها حكم المحكمة السويسرية.

ولفت الفهد إلى أن النيابة لم تفحص الأشرطة الأصلية المتعلقة بالقضية، وأن النيابة العامة قررت حفظ البلاغ الذي قدمته ضد كل من الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح وجاسم محمد الخرافي بتهم واضحة وصريحة تتضمن الاعتداء على المال العام والتخابر مع دولة أجنبية والتآمر على قلب نظام الحكم وغسل الأموال وغيرها من جرائم، ومسببًا الحفظ إياه بأعذار واهية ومعلومات تخالف وقائع القضية وسير التحقيق فيها، على حد قوله.

واعتبر الفهد أن السند الرئيس للحفظ ، حسب ما ذكره النائب العام في بيانه،& هو تقرير الأدلة الجنائية التي زعمت أن الأشرطة غير أصلية في تقريرها.

وأضاف الفهد: "هذا التقرير الذي قدم بعد فحص أشرطة لم أكن أنا مقدمها للنيابة، وتم فحصها قبل حتى تقديمي للبلاغ، فالأدلة الجنائية فحصت أشرطة يزعم وزير الدولة الشيخ محمد عبدالله المبارك أنها هي الأشرطة التي كنت& قدمتها إلى رئيس مجلس الوزراء حين طلب أمير البلاد ذلك مني، نفس الأشرطة التي كان قد فحصها محمد العبدالله بواسطة شركات أجنبية بحسب ادعائه، وأكدت له شركة Nile Holding التي استعان بها أن الشريط أصلي لم يتم العبث به، وقام الوزير بتقديم تلك التقارير إلى النيابة وتمت مواجهتنا بها، وكان رئيس الوزراء ووزير الدولة قد أقرا بأن الشريط أصلي".

الأشرطة الأصلية

وتابع: كنت أكدت للنيابة العامة أن الأشرطة الأصلية التي صدر بموجبها الحكم السويسري، والتي تؤكد جميع التهم المذكورة، موجودة لدى المحكمة السويسرية، وعندما طلبت مني النيابة العامة بكتاب رسمي في 21 كانون الثاني/يناير 2014 أن أزودها بالأشرطة الأصلية والمستندات التي ذكرتها أثناء التحقيق والتي تثبت وجود تحويلات كبيرة بين المتهمين وأشخاص آخرين مشبوهين وجهات ما كان ينبغي لهم التعامل معها، أكدت للنيابة في كتاب رسمي بتاريخ 31 كانون الثاني (ديسمبر) 2014 أن المحكمة السويسرية على أتم الاستعداد للسماح للنيابة العامة بفض الأحراز والاطلاع على حافظة الأدلة التي بحوزتها بما فيها الشريط الأصلي، وقمت بتزويد النيابة بكتاب رسمي من المحكمة السويسرية وطلبت من النيابة تحديد موعد الانتقال إلى سويسرا وفقًا لنص المادة 77 من قانون الإجراءات الجزائية، وبعد صدور قرار الحفظ لا أجد تفسيرًا لامتناع النيابة العامة عن الانتقال إلى المحكمة السويسرية لتطلع النيابة على الأدلة بما فيها الشريط الأصلي وإثبات التهم.

وأكد أحمد الفهد: أن ثمة أدلة كثيرة كان بإمكان النيابة العامة الحصول عليها، منها شهود إثبات طلبناهم ولم يتم استدعاؤهم وتقرير أمن الدولة الذي تم العبث فيه وتجريده من محتواه، وتناقضات في أقوال الخصوم الذين أنكروا وجودهم في الأشرطة التي فحصتها الأدلة الجنائية على الرغم من وضوح الصورة، في الوقت الذي كان تشكيك الأدلة الجنائية في الصوت فقط، كما ذكر النائب العام في بيانه وليس في الصورة.

ماهية الدليل

وقال: بالمقارنة، ففي بلاغ ضد مجهول قدمه مجلس القضاء الأعلى، قامت النيابة بالانتقال إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى المملكة المتحدة قبل أن تحفظ البلاغ، بينما لم تقم في البلاغ الذي قدمته بالانتقال رغم أنني حددت المكان وماهية الدليل، ولا يخفى على النيابة العامة أهمية تلك الأدلة في مجرى التحقيق وإثبات التهم، لكل ذلك لم يكن هناك مبرر لعدم انتقال النيابة العامة، وهي الأمينة على الدعوى العمومية والحق العام.

وكشف الفهد: لقد داخلتني الكثير من الشكوك أثناء التحقيق في البلاغ منذ بدايته إلا أنني أصممت مسمعي عمّا وصلني من معلومات تنفي حيادية التحقيق، ولكن وبعد أن تم حفظ القضية فإني أؤكد أنني ماضٍ قدمًا لكشف الحقيقة واسترجاع ما تم سلبه.

وختم الفهد بيانه مذكّراً النائب العام باجتماعه الأخير معه"، حين طلب مني التريث في إظهار ما لديّ من أدلة أخرى تهز أركان الوطن ومؤسساته ووعدني أن تبذل النيابة كل السبل في استكمال الأدلة ومجريات التحقيق، إلا أنه وبعد أسبوعين من ذلك الاجتماع وبدلاً من أن يفي النائب العام بوعده، أصدر قراره بحفظ البلاغ".