&زوارة:&يتعامل المسؤولون الامنيون في مدينة زوارة الليبية، احد ابرز مواقع انطلاق رحلات المهاجرين الى اوروبا، مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية بموارد محدودة في ظل انحسار الدعم الرسمي بفعل استمرار النزاع المسلح في البلاد: زورق واحد، وسيارة واحدة.

&
وتضم زوارة التي تقع على بعد نحو 160 كلم غرب العاصمة طرابلس، و60 كلم عن الحدود التونسية، ساحلا يمتد على مسافة 77 كلم، وتمثل بذلك احدى نقطتي انطلاق رئيسيتين للمهربين الى جانب منطقة القره بوللي شرق طرابلس.
ويقول انور العطوشي امر "سرية اسناد حرس وامن السواحل" لوكالة فرانس برس "ليس لدينا اي امكانيات فعلية في ميناء زوارة البحري. هناك زورق واحد ورثناه عن النظام السابق، غالبا ما يتعطل، يغطي وحده ساحل زوارة بكامله".
&
ويضيف العطوشي وهو يقف الى جانب الزورق الرمادي الصغير على الرصيف البحري والذي يكاد لا يتسع لاكثر من عشرة اشخاص "هناك 15 عنصرا فقط يعملون بجهود ذاتية ويتركز عملهم على انقاذ المهاجرين من البحر واعادتهم الى الميناء ثم تسليمهم الى الاجهزة الامنية".
&
وتصطف في هذا الميناء الصغير مراكب صيد مختلفة الاحجام تعود الى ابناء المدينة، طلي معظمها باللون الازرق.
واوضح العطوشي "عندما تكون اعداد المهاجرين كبيرة، نستعين بهذه المراكب الخاصة بعد موافقة اصحابها".
&
وتشهد ليبيا فوضى امنية ونزاعا مسلحا سمحا بتزايد الهجرة غير الشرعية عبر سواحلها التي تفتقد الرقابة الفعالة في ظل الامكانات المحدودة لقوات خفر السواحل الليبية وانشغال السلطات بالنزاع المسلح الدائر في ليبيا منذ الصيف الماضي.
ومع ساحل طوله الف و770 كلم، تعتبر ليبيا نقطة انطلاق المهاجرين غير الشرعيين الذي يحاولون عبور البحر المتوسط في رحلة محفوفة بالمخاطر للوصول الى اوروبا. ولا تبعد السواحل الليبية اكثر من 300 كلم عن جزيرة لامبيدوسا الايطالية، التي تشهد كل عام وصول الاف المهاجرين غير الشرعيين.
&
وكانت ايطاليا دعت الاتحاد الاوروبي الاثنين الى اتخاذ "تدابير ذات مغزى" لمواجهة التدفق المستمر للمهاجرين في المتوسط، وذلك بعد انقاذ نحو ستة الاف من هؤلاء في نهاية الاسبوع الفائت.
وشرعت مؤخرا السلطات الليبية في طرابلس والتي لا يعترف المجتمع الدولي بشرعيتها، الى ابراز جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية عبر الاعلان عن كل عملية توقيف لمراكب مهاجرين، واصطحاب الصحافيين الى مراكز الايواء التي تضم نحو سبعة الاف مهاجر اوقفوا خلال محاولتهم الهجرة.
&
ورغم ذلك، يؤكد جهاز خفر السواحل التابع لهذه السلطة، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية المرتبط بوزارة الداخلية في حكومة طرابلس، ان السلطات الحاكمة في العاصمة تفتقد الى الامكانات للحد من محاولات الهجرة الى اوروبا والتي تشمل الاف الاشخاص اسبوعيا.
ويقول العقيد رضا عيسى امر القطاع الاوسط لحرس السواحل لفرانس برس "نستخدم في المنطقة الوسطى مركبين، وزوارق مطاطية صغيرة، معظمها متهالكة وغير مجهزة بل نحن ادخلنا عليها تعديلات تناسب عملياتنا في مكافحة الهجرة".
&
وتابع "نحتاج الى عشرة زوارق على الاقل متخصصة بهذه المسالة حتى نتمكن من الحد من الهجرة بشكل كبير".
وفي زوارة التي تشهد المناطق الواقعة الى جنوبها معارك يومية بين قوات "فجر ليبيا" التي تسيطر على معظم مناطق غرب ليبيا بما فيها هذه المدينة، وقوات الحكومة المعترف بها دوليا والتي تمارس عملها من شرق البلاد، منطقة ساحلية مهجورة تمتد على مسافة كيلومترات ولا تخضع للرقابة الفعالة.
&
ويدفع غياب الرقابة هذا التجار الى استغلال الفجوة الامنية لارسال قوارب المهاجرين من هذه المنطقة.
ويقول العقيد محمد سالم امر الغرفة الامنية المشتركة في زوارة "مهمتنا الاساسية حماية المدينة من اي خروقات امنية، وبينها الهجرة غير الشرعية، لكننا لا نملك شيئا لتحقيق ذلك. نحتاج مراكز ايواء، وميزانية كاملة، حتى اننا ندفع من جيوبنا الخاصة احيانا ثمن الغذاء للمهاجرين الذين نوقفهم".
&
ويضيف وهو يتحدث في غرفة صغيرة في مركز امني في المدينة "وجدنا فجاة انفسنا نتعامل مع قضية لم تستطع اكبر الدول الاوروبية الحد منها".
وتابع سالم "امكاناتنا بدائية جدا والحكومة لا تقدم شيئا (...) نحتاج الى سيارات دفع رباعي وزوارق وطيران ودعم مادي لايواء المجموعات التي يتم القبض عليها، واسلحة لمواجهة المهربين (...) واجهزة مراقبة الاتصالات واجهزة رؤية ليلية".
&
وذكر سالم ان في زوارة "سيارة واحدة، تتحرك، وتقبض، وتراقب".
ومنذ عهد معمر القذافي لم يكن الليبيون قادرين على السيطرة على حدودهم البرية التي يعبرها مئات الاشخاص القادمين خصوصا من جنوب الصحراء والحالمين بالهجرة غير الشرعية الى اوروبا.
وتتقاسم ليبيا حدودا برية بطول حوالى خمسة الاف كيلومتر مع مصر والسودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس.
&
واكبر تدفق للمهاجرين مصدره شمال النيجر حيث ينقل هؤلاء عبر شبكات من المهربين الذين يأتون بهم الى منطقتي الكفرة وسبها اللتين تعدان اهم مناطق تجمع المهاجرين في جنوب ليبيا.
وفي ظل نظام القذافي، كانت ليبيا تستخدم موضوع الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا، من خلال فتحها او إغلاقها صمام الخروج وفقا لتقدير حالة العلاقات مع الدول الأوروبية وخصوصا ايطاليا.
&
وياتي معظم المهاجرين من دول افريقية، بينها مالي وغانا وتشاد، لكن بعضهم الاخر ياتي من العراق الذي يشهد اعمال عنف متواصلة منذ العام 2003، وسوريا التي تعيش على وقع نزاع مسلح منذ 2011.
ويرى سالم انه حتى وان توفرت الامكانات، فان وقف الهجرة بشكل نهائي امر مستبعد.
ويوضح "لو جاء الاتحاد الاوروبي كله ووضع قطعه (البحرية) الواحدة الى جانب الاخرى، فلن يمكنه" وقف الهجرة غير الشرعية نحو سواحله.