استمرارًا لعمليات الاغتيالات والاعتداءات التي تطال الاعلاميين العراقيين، والتي راح ضحيتها ثلاثة خلال أسبوع واحد، فقد تعرض صحافيان شقيقان خلال الساعات الاخيرة إلى الطعن بالسكاكين، وعثر على ثالث مقتولاً في منزله.. فيما تشهد بغداد غدًا مؤتمرًا موسعًا لتعزيز القوانين والاجراءات التي تحمي الصحافيين.

لندن: أعلن في بغداد اليوم عن اصابة شقيقين يعملان في قناة فضائية عراقية بإعتداء بالسكاكين إستهدفهما أثناء مغادرتهما المكتب الخاص بالقناة وسط مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) الليلة الماضية.

وابلغ ذو الفقار الخفاجي مراسل قناة العهد الفضائية في بابل المرصد العراقي للحريات الصحفية التابع لنقابة الصحافيين العراقيين إنه وشقيقه علي الخفاجي المصور في قناة العهد الناطقة باسم مليشيا عصائب اهل الحق التي يتزعمها الشيخ قيس الخزعلي، قد غادرا مكتب القناة عند الساعة الثامنة بسيارتهما وقصدا شارع أربعين وسط المدينة لشراء بعض الحاجيات حين سمعا شخصين يناديان بإسم ذو الفقار، وأشار الخفاجي إلى أن الشبه الكبير بينه وشقيقه دفع بالمهاجمين إلى توجيه ثلاث طعنات بالسكاكين أصابت علي في ظهره وساقه ثم لاذا بالفرار بعد تجمع المواطنين القريبين من مكان الحادث.

واضاف ذو الفقار إنه خرج بمهام عديدة مع القوات الأمنية العراقية إلى جبهات عدة في الأشهر الماضية، وتعرض إلى تهديدات على صفحته الشخصية على الفيسبوك نتيجة تغطيته للمعارك في بعض المناطق الساخنة تتوعده بالتصفية.

وأشار إلى أنّ بعض التهديدات تضمنت مطالب بترك العمل في القناة التي تتبع لحركة عصائب أهل الحق، وهي مليشيا تقاتل ضد تنظيم "داعش" في شمال وغرب بغداد منذ أشهر عدة ضمن تشكيلات الحشد الشعبي. وتقوم الشرطة العراقية حاليًا باجراء تحقيقات مكثفة في الحادث، وهي تجمع قرائن وأدلة من مكان الحادث وتحاول تتبع خيوط الجريمة بغية الوصول إلى الفاعلين والجهات التي تقف خلفهم.

ودعا المرصد العراقي للحريات الصحافية شرطة بابل في بيان صحافي اليوم، تسلمت "إيلاف" نسخة منه، إلى الإسراع في الكشف عن الجناة خاصة وأن الإعتداء يأتي بعد أسبوع على حادث مماثل تعرض له الزميل حكمت الصافي مقدم البرامج في قناة الإشراق الفضائية وسط الحلة من خلال طعنه بسكين من قبل مجموعة مسلحة، ولم يتم الكشف عن الجناة حتى اللحظة.

مقتل مصور حربي في معارك شرق الفلوجة

وجاء حادث طعن الصحافيين بعد 24 ساعة من مقتل المصور الحربي ماجد الربيعي في معارك شرق الفلوجة بمحافظة الانبار الغربية.

وعبر المرصد العراقي للحريات الصحفية عن قلق بالغ جراء إستمرار قتل الصحافيين العراقيين، سواء الذين يعملون ويعيشون في مناطق تحت سيطرة تنظيم "داعش" أو الذين يرافقون القوات العراقية في معاركها ضد التنظيم المتطرف، وكان آخرها مقتل المصور الحربي ماجد الربيعي الذي يعمل لحساب فضائية عراقية وعدد من الوكالات الخبرية شرق الفلوجة.

وحيدر العوادي مراسل تلفزيوني أصيب قبل شهر في معارك في صلاح الدين، أبلغ المرصد أن زميله ماجد الربيعي الذي يعمل مصورًا لحساب قناة المسار الفضائية منذ عام 2007 وعدد من وسائل الإعلام المحلية أصيب بسلاح قناص تابع للتنظيم في معارك مدينة الكرمة شرق الفلوجة، حين كان يرافق القوات الأمنية التي تحاول من أسابيع تحرير المدينة التي تقع تحت سيطرة "داعش" وبقي تحت المراقبة والعلاج المكثف حتى فارق الحياة قبل يومين في مستشفى ببغداد، وهو متزوج ويعيل أسرة كبيرة تقطن جانب الرصافة من العاصمة.

&وأضاف أن ماجد الربيعي توجه يوم 29 من الشهر الماضي إلى مدينة الكرمة برفقة قوات عراقية إشتبكت مع "داعش" بشراسة، وكان الربيعي يقوم بالتصوير حين أصابته رصاصة من سلاح قناص في منطقة الركبة وأخرى في خاصرته لينقل على عجل إلى العاصمة بغداد في حال خطرة للغاية، ولم تتمكن الملاكات الطبية من إنقاذ حياته حتى فارق الحياة.

صحافي وجد مقتولاً بمنزله

ويأتي الحادث بعد ايام قليلة من مقتل رئيس مركز صحافة الحرب والسلام في بغداد عمار الشابندر بإنفجار مفخخة في منطقة الكرادة بوسط بغداد.. وبعد يومين من العثور على الإعلامي رعد الجبوري مقتولاً في منزله.

وطالب مرصد الحريات الصحفية وزارة الداخلية العراقية بالتحقيق بقضية مقتل الجبوري، الذي وجد&جيرانه جثته في منزله بعد يوم من اختفائه، فيما قال والده إن "رعد قتل في منزله عندما واجه اكثر من اطلاقة نارية، واحدة منها اخترقت قلبه وخرجت من ظهره".

ووجد اصدقاء وجيران الجبوري جثته في شقة له تقع في منطقة القادسية غرب بغداد بعد اختفائه لمدة يوم. وقال وعد الله الجبوري، وهو والد الضحية إن عملية قتل ابنه رعد الجبوري كانت متقنة ودقيقة وليست عملية انتحار مثلما روج لها البعض. وابلغ المرصد بأن "رعد قتل برصاصة في القلب ولكننا وجدنا رصاصة أخرى اصابت الوسادة التي كان ينام عليها واخرى اصابت&الكرسي الذي&كان بقربه".

وتقول التحقيقات الاولية للشرطة الجنائية المحلية إن "جثة الجبوري وجدت وهي مصابة باطلاقة واحدة في القلب، والمحققون اخذوا كشف الدلالة لمعرفة تفاصيل قضية مقتله، وانه مقتول بأسلوب إجرامي احترافي". والجبوري هو من مواليد مدينة الموصل، وحاصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الفرنسية، ويقدم برنامجاً اقتصادياً في قناة "الرشيد" الفضائية، وكان ينشط في كتابة المقالات في صحف محلية ودولية ابرزها صحيفة الزمان، ومعروف عنه دفاعه عن حقوق الإنسان.

280 صحافيًا عراقيًا واجنبيًا قتلوا منذ 2003

وبحسب الإحصائيات التي أجراها مرصد الحريات الصحافية منذ عام 2003، فقد قتل في العراق 280 صحافياً عراقيًا وأجنبيًا من العاملين في المجال الإعلامي ضمنهم 169 صحافياً و67 فنيًا ومساعدًا إعلاميًا لقوا مصرعهم أثناء عملهم الصحافي.

كما يلف الغموض العديد من الاعتداءات، التي تعرض لها صحافيون وفنيون لم يأتِ استهدافهم بسبب العمل الصحافي. كما تعرض 74 صحافياً ومساعداً إعلامياً إلى الاختطاف، قتل اغلبهم ومازال مصير 14 منهم مجهولاً. ولم يكشف القضاء ولا الجهات المعنية عن مرتكبي الجرائم، التي يتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم،&لا يزال العراق على مدار العقد الماضي يتصدر مؤشرات الإفلات من العقاب.
&
مؤتمر موسع لتعزيز قوانين واجراءات حماية الصحافيين

وازاء استمرار عمليات القتل والاعتداء التي يتعرض لها الصحافيون في العراق، تشهد العاصمة العراقية بغداد غدًا السبت مؤتمرًا وطنيًا لدعم الصحافة وحرية التعبير في هذا البلد، الذي يشهد العديد من حوادث القتل ضد الصحافيين والتضييق على وسائل الإعلام.

ويستهدف المؤتمر تقريب وجهات النظر بين المؤسسات الإعلامية الوطنية والصحافيين من جهة، والمنظومة السياسية والقوى الفاعلة من جهة ثانية، حيث سيناقش قضايا عدة من أهمها: دعم القوانين التي تحمي الصحافيين وتوفر لهم ضمانات الوصول إلى مصادر المعلومات.. والتأكيد على أن يقوم مجلس النواب بتشريع القوانين الضامنة للحريات، وأن تكون ملزمة في هذا الشأن ومتابعة بشكل حثيث.. والعمل مع الحكومة على تنفيذ حقيقي وفعّال للتشريعات الداعمة للحريات الصحفية وعدم التهاون في ذلك.. وكذلك دعوة الوزارات كافة ومؤسساتها إلى تسهيل مهمة الصحافيين وعدم وضع العراقيل في طريقهم.

كما سيعمل المؤتمر على ادانة كل أشكال الإعتداءات والإنتهاكات ضد الصحافيين من أي جهة تبدر، وعدم غض الطرف عنها مهما كانت الأسباب.. ودعوة جميع الأطراف الفاعلة لإعتبار الصحافيين ووسائل الإعلام شركاء في بناء الوطن وعدم إغفال دورهم لأسباب سياسية، أو مصلحية ضيقة.. وتثمين دور القضاء العراقي، الذي مارس مهامه بنزاهة ومهنية، ورد أغلب الدعاوى القضائية المرفوعة ضد صحافيين ووسائل إعلام.. والدعوة إلى وضع ميثاق شرف مهني يجمع وسائل الإعلام كافة لدعم القضية الوطنية.. اضافة إلى دعم المنظمات المعنية بحرية التعبير وحماية الصحافيين... والعمل على ضمان حقوق أسر الصحافيين الذين استشهدوا أثناء تأدية الواجب الصحفي.. وتشكيل لجنة متابعة مشتركة لمتابعة الوصايا، التي يخرج بها المؤتمر، وتفعيلها في الفترة المقبلة.