مع اقتراب موعد انعقاد قمة كامب ديفيد بين الرئيس الأميركي وقادة دول مجلس التعاون الخليجي،&تزداد التكهنات حول القضايا الملحة التي ستطرح على طاولة المحادثات من قبل الجانبين.

خاص إيلاف من نيويورك: أيام قليلة وتبدأ اجتماعات القمة الأولى من نوعها بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين وعمان) والرئيس الأميركي باراك أوباما والتي ستعقد في واشنطن في البيت الابيض يوم ١٣ مايو، والمنتجع الرئاسي في كامب ديفيد يوم ١٤ مايو.

صرح المتحدث الرسمي للبيت الابيض "چوش إيرنست" أن هذه الاجتماعات ستتيح الفرصة للزعماء للتباحث حول الوسائل التي تمكنهم من تعزيز الشراكة وتعميق التعاون الأمني. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الرئيس أوباما باستضافة زعماء دوليين في كامب ديفيد بعد اجتماعات القمة لدول مجموعة الثماني (G8) في عام ٢٠١٢، وفي ذلك دلالة واضحة على رغبة اوباما في قضاء وقت مع القادة الخليجيين بعيدًا عن الرسميات في البيت الابيض.

تأتي اجتماعات القمة الخليجية الأميركية في توقيت هام، حيث تزداد المخاوف من الإتفاق النووي مع إيران وتأثيره على الصراع والتوازن في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط عامة، ولكن أضف ايضًا إلى ذلك ازدياد خطر الإرهاب المتمثل في تنظيمي داعش والقاعدة، اللذين يزداد نفوذهما مع تأجج الصراع في اليمن وسوريا وشمال العراق ورغبة الأطراف الخليجية في الحصول على ضمانات أمنية، والتي يجب أن تحل محل "اتفاق الچنتلمان" القائم ويتم استبدالها بإتفاقية دفاع مكتوبة وتتمثل في قيام الولايات المتحدة بالدفاع عنهم في حالة تعرضهم الى عدوان خارجي، كما قال السفير يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن.

تنقسم الآراء حول فكرة توقيع معاهدة دفاع مشترك بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي يمكن تقسيمها الى ثلاثة اتجاهات، بينما يرى "ديريك شوليت" مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الأمن الدولي أنه ليس من المطروح أن تكون هناك معاهدة دفاع مشترك بين اميركا والخليج على نسق البند الخامس لمعاهدة الناتو، والتي تعامل أي إعتداء على أي دولة عضو هو إعتداء على جميع الأعضاء، ولكن من الممكن التفكير في نوع من الضمانات والآليات المبتكرة التي من الممكن أن تقوم بتهدئة مخاوف الشركاء الخليجيين.

ويرى "مارتن أنديك"، المبعوث السابق للرئيس أوباما للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، أن ازدياد خطر الارهاب من قبل تنظيم داعش واستغلال إيران حالة الفوضى الإقليمية من أجل تحقيق طموحاتها في الهيمنة، وكذلك احتمالات الإتفاق النووي بين الدول الخمس الكبرى زائداً واحداً، تجعل من الضروري على ادارة الرئيس أوباما أن تقوم بإعطاء ضمانات استراتيجية الى حلفاء واشنطن في الخليج.

وعلى الجانب الآخر، يرى السفير السابق "ريتشارد لوبارون"، الخبير في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي في مجلس الأطلنطي، أن فكرة وجود معاهدة دفاع مشترك مع دول الخليج هي فكرة سابقة لأوانها ومعقدة وتخطئ في الحاجة الى ضرورة تحقيق مصالح أمنية ضيقة الى حد ما مع مصلحة أوسع من معاهدة الدفاع المشترك تتمحور حول حماية قيم مشتركة موجودة في الميادين السياسية لنظم جميع الأطراف.

ولكن هل يوجد تصور واضح للشراكة الاستراتيچية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي؟

القمة القادمة بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة توفر فرصة كبيرة إلى الطرفين لخلق شراكة استراتيجية قوية وتلبية الحاجة إلى العمل المشترك في سوريا والعراق واليمن، وأيضا ستوفر الفرصة للتعامل مع التحديات التي تمثلها إيران في المنطقة بجانب طموحها في تطوير السلاح النووي.

ويحدد&أنتوني كوردسمان"، رئيس مشروع التقييم الاستراتيچي في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن، المخاطر الناجمة عن السياسات الإيرانية في المنطقة وخاصة في مجال تطوير صواريخ كروز، والصواريخ طويلة المدى، وكذلك التهديدات التي تقوم بها إيران في الحرب غير المتكافئة خاصة في البحر.

ويرى "كوردسمان" أن هناك حاجة الى إنشاء قوة خليجية قابلة للتشغيل المتبادل ودمج القوات التقليدية لجعل قوات مجلس التعاون الخليجي تحالفاً عسكرياً حقيقياً، حيث إن الانقسامات الحالية بين وداخل دول مجلس التعاون قد حدت بشكل كبير الفاعلية العسكرية لهم وتتطلب العمل الحقيقي لإنتاج تحالف أقوي واكثر اتحاداً مع وجود المؤسسات اللازمة لإنجاحها.

ويعبر السفير يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في واشنطن، عن فقدان صبره من بطء وتيرة مبيعات السلاح الاميركي، مبرزًا أن القوات الخليجية تقاتل على جبهتين في نفس الوقت أولها ضد داعش في سوريا، وثانيها ضد الحوثيين في اليمن، ويتساءل كيف في مثل هذه الظروف ما هي السرعة التي تتم بها تلبية طلباتنا؟ وما هي السرعة التي تتم بها&الاستجابة لنا اذا كنا في تحالف؟ موضحا أن مثل هذه الأشياء تمثل احباطاً لنا منذ فترة طويلة.

وأضاف أن القوات الإماراتية قد حاربت بجانب القوات الأميركية في ست حروب حتى الآن، وأن ذلك يجب أن يؤخذ في الإعتبار عند التعامل مع الاحتياجات الخاصة لنا والخروج بآلية لذلك.

كلا الطرفين يأتي الى القمة بأچندات مختلفة، بينما يأتي القادة الخليجيون الى قمة كامب ديفيد برغبة أكيدة في تحجيم القدرات الإيرانية وتغيير موازين القوى في الحرب الأهلية السورية ضد نظام بشار الأسد والوصول الى حل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تجد أن الجانب الأميركي يتمنى الخروج من مستنقع السياسة في الشرق الأوسط وإقامة محور في آسيا التي تمثل له الأهمية القصوى في السياسة الخارجية والاقتصادية خلال القرن الواحد والعشرين، مما يجعل من الصعب تصور كيف تستطيع القمة الرمزية الخليجية الاميركية أن تحقق متطلبات الاطراف المعنية طبقًا الى رأي تاكيه"، الخبير في الشؤون الإيرانية وكبير المستشارين السابق في الخارجية الاميركية.

ختامًا، لا يستطيع أحد التكهن إلى أي نتيجة يمكن الخروج بها من القمة المرتقبة، ولكن علي أي حال يوجد اتفاق على الأقل أن التهديد الإيراني مازال يمثل عثرة في سبيل الاستقرار في المنطقة، ولا يمكن اغفال التهديدات التي تمثلها إيران من الناحية العسكرية في اطار الحرب غير المتكافئة والاستفزازات التي تقوم بها قواتها البحرية في الخليج والمياه الدولية، وكذلك قدراتها في تطوير أسلحة كيماوية وبيولوجية اذا تم التوصل الى اتفاق لكبح طموحها النووي موقتًا على المدى المتوسط.