بغداد: تقوم القوات العراقية والحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية، بحشد عناصرها في محافظة الانبار لبدء عملية سريعة لاستعادة مركزها الرمادي التي سيطر عليها "داعش"، في ما اعتبرته واشنطن "انتكاسة" في مواجهة التنظيم.

وتسعى الحكومة العراقية الى الاستفادة من عامل الوقت لمحاولة استعادة المدينة، التي تبعد 110 كلم الى الغرب من بغداد، قبل أن يتمكن التنظيم من تعزيز دفاعاته في المدينة غالبًا عبر تفخيخ الطرق والمنازل. ولجأ التنظيم الى هذا الاسلوب بشكل مكثف في مناطق اخرى يسيطر عليها، ما كان يعيق تقدم القوات التي تحاول استعادتها ويكبدها خسائر كبيرة في الارواح.

وسيطر التنظيم على الرمادي بالكامل الاحد، اثر انسحاب القوات الامنية في وجه هجوم بدأ مساء الخميس، في ابرز تقدم له في العراق منذ حزيران (يونيو) 2014. وشكل هذا التقدم ودفع الحكومة بالحشد الشعبي في معارك الانبار ذات الغالبية السنية، نكسة لاستراتيجية رئيس الوزراء حيدر العبادي المدعومة اميركياً، بناء قوى مختلطة مذهبيًا لقتال الجهاديين.

وامر العبادي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، "بتحديد خطوط صد جديدة في الرمادي لاعادة تنظيم وانتشار القوات المقاتلة لمواجهة عصابات داعش (الاسم الذي يعرف به التنظيم)"، بحسب ما اعلن مكتبه مساء الاثنين.

واجتمع العبادي الاثنين بقيادة الحشد "لوضع الخطط اللازمة والعمل مع القوات المسلحة والامنية لاستعادة المناطق التي تم الانسحاب منها". ويتألف الحشد بمعظمه من فصائل شيعية تتلقى دعمًا مباشرًا من ايران التي التقى وزير دفاعها حسين دقهان العبادي في بغداد الاثنين.

وشكل تنامي دور هذه الفصائل منذ هجوم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق في حزيران/يونيو، تحفظ واشنطن التي تقود منذ الصيف تحالفًا دوليًا يشن ضربات جوية ضد مناطق سيطرة التنظيم في العراق وسوريا.

وكانت واشنطن تحض حكومة العبادي على دعم العشائر السنية المناهضة للتنظيم في الانبار ودعمها لمواجهته، كما فعلت بعضها في الرمادي التي سيطر التنظيم على احياء في اطرافها منذ مطلع 2014.

وتأتي الموافقة على دخول الحشد الانبار بعد اشهر من تحفظ سياسيين سنة ومسؤولين محليين تخوفًا من حصول انتهاكات او تكرار عمليات النهب التي يتهم بعض عناصر الفصائل الشيعية بارتكابها في معارك سابقة، لا سيما في مدينة تكريت السنية التي استعادتها القوات مطلع نيسان/ابريل.

وانتقد مسؤولون في الفصائل خلال اليومين الماضيين، العبادي والسياسيين الذين رفضوا مشاركتهم، محملين اياهم مسؤولية سقوط الرمادي. وبدأت فصائل منذ مساء الاحد، ارسال تعزيزات الى الانبار تمهيدًا للمشاركة في أي عملية عسكرية لاستعادة الرمادي ومناطق اخرى في المحافظة التي يسيطر التنظيم على مساحات واسعة منها.

ويقول الباحث في معهد واشنطن للدراسات مايكل نايتس ان "الحكومتين الاميركية والعراقية تبدوان على الموجة نفسها بضرورة شن هجوم مضاد على الرمادي قبل أن يعزز التنظيم" دفاعاته في داخلها. واعتبرت واشنطن الاثنين سقوط المدينة "انتكاسة"، مبدية في الوقت نفسه ثقتها بأن السيطرة عليها ستستعاد.

واعرب وزير الخارجية جون كيري عن "ثقته الكاملة" باخراج الجهاديين من الرمادي "خلال الايام المقبلة". وقال الاثنين خلال مؤتمر صحافي في سيول "لدي الثقة على المدى البعيد. لكن نعم، ستكون هناك اوقات مثل امس في الرمادي وستكون هناك بعض التحديات الصعبة امامنا".

الا ان السيطرة المباغتة للتنظيم على المدينة وانسحاب القوات الامنية منها،&تتطلب اعادة تخطيط قبل الاقدام على أي عملية عسكرية. وقال قائد شرطة المدينة اللواء الركن كاظم الفهداوي لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن عناصر من الشرطة والقوات الخاصة يتجمعون في منطقة حصيبة الشرقية، على مسافة نحو سبعة كلم شرق الرمادي.

واوضح "هذه المنطقة ستكون نقطة انطلاق لعمليات عسكرية لتحرير مدن الانبار"، مؤكداً أن "العملية العسكرية لتحرير الرمادي والانبار لن تبدأ الا بعد تأمين متطلبات ومستلزمات المعركة بالكامل".

وانسحبت القوات الامنية من المدينة بشكل شبه فوضوي وسريع، تاركة خلفها بعض التجهيزات العسكرية وعناصر محاصرين. وبثت "قناة العراقية" التلفزيونية الاثنين لقطات لما قالت انها عملية انزال عسكري لانقاذ 28 ضابطًا وجنديًا بقوا معزولين في حي الملعب بالرمادي.

ونشر عبر منتديات الكترونية جهادية، صوراً مما قيل انها "غنائم" من مقر اللواء الثامن، احد ابرز المقرات العسكرية في الرمادي. وبدت في الصور دبابتان على الاقل وعربات مدرعة واسلحة وذخائر.

وتقدر السلطات ان الهجوم ادى الى مقتل نحو 500 شخص من المدنيين وعناصر القوات الامنية. واعلنت الامم المتحدة الاثنين ان نحو 25 الف شخص فروا من الرمادي جراء الهجوم، في ثاني موجة نزوح من المدينة منذ نيسان/ابريل.

وقالت منسقة الشؤون الانسانية في المنظمة ليزا غراندي إن "الاولوية حاليًا هي مساعدة الناس الذين يهربون من الرمادي"، مشيرة الى أن "الآلاف اضطروا للنوم في العراء بسبب عدم وجود اماكن يبيتون فيها".
ونزح اكثر من 2,8 مليون عراقي جراء العنف منذ مطلع 2014.
&