ذكرت مجلة "ديرشبيغل" الألمانية أن مستقبل الديمقراطية التركية يتوقف على المعارض صلاح الدين دميرتاز، وتقول إنه يستطيع الوقوف في وجه الرئيس رجب طيب اردوغان الذي يسعى لتكريس السلطة في يديه.
&
بيروت: إذا نجح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تحت لواء الحزب الحاكم أن يضمن الفوز في الانتخابات المقررة الشهر الجاري، فإنه من المرجح أن يعدل الدستور لترسيخ سلطته. لكن صلاح الدين دميرتاز قد يكون الرجل الوحيد القادر على منع أردوغان من تنفيذ هذا المخطط.
&دميرتاز بنظر الكثير من الاتراك المعارضين هو الرجل الذي يفترض أن ينقذ تركيا من اردوغان.
هذا الرجل يعمل وفقاً لمبدأ "الإنسانية العظيمة"، أي شعار حزب الشعب الديمقراطي، وهو تحالف بين حزب الاقاليم الديمقراطية والجماعات اليسارية التركية بقيادته الشخصية.&
&
&محام&
&
دميرتاز (42 عاماً) محام وناشط حقوقي، من أصول كردية من ديار بكر، وأخذ مؤخراً لقباً جديداً يضاف إلى سيرته الذاتية أي "منافس الرئيس"، إذ أنه ترشح للمنصب، أملاً في انهاء السلطة المطلقة لحزب العدالة والتنمية الحاكم .
وفقاً لصحيفة "ديرشبيغل" الألمانية، فإن نجاح هذا الرجل أو فشله يمكن أن يقرر ما إذا كانت تركيا سوف تصبح في نهاية المطاف أرض أردوغان - أو ما إذا كانت الديمقراطية لا تزال تحظى بفرصة أخيرة.
&
ليبرالي&
&
يمكن اختصار مبادئ دميرتاز على أنها ليبرالية ومؤيدة لأوروبا، مما يثبت أنه بديل لسياسة أردوغان المستبدة والاستفزازية. هذا الواقع دفع الخصوم إلى توجيه سهامهم لدميرتاز واتهامه بأنه إرهابي يهدف إلى إلحاق الأذى بتركيا.
&
&
بين المطرقة والسندان
&
دميرتاز عالق بين شقين، فهناك قطبان لا بد من أن يتوحدا إذا كان يسعى للفوز في الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من الشهر الجاري.
في الثمانينات، تم إدخال مبدأ "10%" إلى السياسة التركية، الذي ينص على أن المرشحين يحتاجون للوصول إلى 10 ٪ &من الأصوات الشعبية للدخول في الحكومة. واتخذت هذه الخطوة من اجل منع الأحزاب الكردية من دخول البرلمان.&
لكن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن حزب الشعب الديمقراطي لديه ما بين 9 و11 ٪. &كما أنه تجرأ بالفعل على خوض الانتخابات ضد أردوغان أثناء الانتخابات الرئاسية في الصيف الماضي، حيث حصد 9.8 ٪ من الاصوات.
هناك الكثير على المحك بالنسبة لأردوغان، فحزب الشعب الديمقراطي يمكنه القضاء على حلمه الذي يعتمد على استخدام التعديل الدستوري للاستيلاء على السلطة الحكومية من رئيس الوزراء واعتماد النظام الرئاسي، وإن تحقق ذلك &فهذا سيتيح &لأردوغان الحكم لعقد آخر.
&
أما إذا حصد دميرتاز وبقية أعضاء حزبه أكثر من 10٪ من الأصوات، سوف يحصلون على ما لا يقل عن 50 نائباً في البرلمان. حزب العدالة والتنمية، الذي يدير البلاد بمفرده منذ عام 2002، لن يكون له الأغلبية، لا سيما وأن الاستطلاعات الجديدة تشير إلى ان حظوظه تقف عند 40 ٪.
&
حياة سوداوية في سطور
&
خلال طفولته، يذكر دميرتاز انه رأى جنودا يضربون مجموعة من الأكراد مما اثار في داخله غضباً كبيراً. والأكثر من ذلك، فقد حكم على شقيقه لعدة سنوات في السجن على خلفية اتهامه بأنه عضو في حزب العمال الكردستاني، على الرغم من أنه شارك فقط في تظاهرة.&
يتذكر دميرتاز ان أسرته كانت فقيرة ولم تتمكن من تعيين محام لابنها، مما دفع به صوب دراسة القانون، والعمل لصالح منظمة حقوق الإنسان في دياربكر، حيث فضح التعذيب الذي تمارسه قوات الأمن. وفي كل مرة، كان يتم استدعاؤه والتحقيق معه من قبل الشرطة.
&
"داعم للتنظيمات الارهابية"
&
قصة دميرتاز تدل على مدى قوته، لكنه يرفض أن تكون أصوله هي التي تعرّف عنه، فالصراع الكردي، بعد كل شيء، لا يزال موضوع استقطاب. كما أنه يصف أردوغان بأنه "داعم للتنظيمات الارهابية" وأنه رئيس دمية في يد زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، المسجون وراء القضبان منذ عام 1999.
دميرتاز يعرف ان تعبئة الناخبين الاكراد لن تكون كافية لتحقيق الفوز، وأن بعض الأتراك سوف يغيرون رأيهم ويصوتون ضده عندما يدخلون مراكز الاقتراع، ولذلك فهو يحاول تخليص نفسه من صورته كسياسي كردي ويضع نفسه على أنه معارض لأردوغان.
&
"بلادنا تغيرت"
&
يقول دميرتاز: "منذ أن دخل أردوغان الساحة السياسية، تغيرت بلادنا. أردوغان أصبح أكثر سلطوية من أي وقت مضى".
تستعر اليوم المعركة الانتخابية في تركيا، مما دفع بأردوغان لاستغلال المسألة الكردية لإثارة مخاوف العديد من الأتراك. على الرغم من أنه يجب أن يكون محايداً كرئيس للبلاد، إلا أنه يغذي منذ أسابيع حملة انتخابية شرسة تضمن 400 مقعد لحزب العدالة والتنمية.
&
وعلى عكس الانتخابات السابقة، فإن حزب الشعب الديمقراطي لم يقدم أيا من المرشحين المستقلين في السباق. إذا لم يحصل على 10 ٪، فلن يكون ممثلاً في البرلمان على الإطلاق. وهذا من شأنه إعطاء حزب العدالة والتنمية أغلبية مضمونة.
ويقول دميرتاز"أردوغان ليس مهتماً بالديمقراطية ويريد أن تكون تركيا لأهل السنة، ولذلك فهو يستخدم التقوى لدعم صورته وليصبح اكثر قوة"، مشيراً إلى أنه من الناحية الأخرى يريد إرساء نمط جديد من السياسة، يعتمد على "مبادئ العلمانية والمساواة لجميع الأديان والآراء في تركيا".
وأضاف أنه إذا نجح حزب الشعب الديمقراطي في الوصول الى البرلمان في أنقرة، سيسعى لوقف تمدد أخطبوط "السلطة الاردوغانية"، لكن في حال لم يحالفه النجاح، فهذا يعني ان أردوغان سيصبح الرئيس المستبد لفترة طويلة، ما ينبئ أيضاً بنهاية عملية السلام. الانتخابات هي الوسيلة لمنع هذا الاحتمال، وأداة التغيير الوحيدة لتركيا.
&