يأتي قانون الحريات الأميركي الذي وقع عليه باراك أوباما تشريعًا قديمًا في ثوب جديد، إذ يمنح وكالة الأمن القومي الأميركية سلطات استفادت منها لمراقبة مكالمات الأميركيين الهاتفية، تحت ذريعة مكافحة الارهاب.

واشنطن: وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما الثلاثاء مشروع "قانون الحريات"، الذي صوت عليه الكونغرس الأميركي لإصلاح برنامج المراقبة الحكومي الذي تنصت على ملايين السجلات الهاتفية الخاصة بمواطنين أميركيين.

ويفرض هذا القانون الجديد قيودًا على عمل أجهزة الاستخبارات، فينص على نقل مهمة تخزين المعطيات إلى شركات الاتصالات الخاصة، مبددًا بذلك مخاوف الأميركيين من مراقبة تمارسها حكومتهم عليهم، ويلزم وكالات الاستخبارات استصدار مذكرة قضائية للاطلاع على مضمون الاتصالات من تلك الشركات. إلا أن القانون هذا يمنح وكالة الأمن القومي مجددًا سلطة مطاردة المشتبه بأنهم يخططون لأعمال إرهابية، وإخضاعهم للتنصت.

نافذة جديدة

صوت مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية 77 صوتًا ضد 17 لصالح القانون الجديد، الذي نال في 13 أيار (مايو) الماضي موافقة مجلس النواب بأغلبية 338 صوتًا مقابل 88. ويمثل إقرار هذا القانون انتصارًا للديمقراطيين وانتكاسة للجمهوريين، كما يفتح نافذة جديدة لوكالة الأمن القومي لمواصلة عملها الاستخباري، في وقت فشل أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي الأحد& الماضي في التوصل إلى اتفاق لتمديد العمل ببرنامج جمع البيانات الهاتفية الذي تقوم به الوكالة.

يذكر أن العمل بقانون "باتريوت أكت" الذي أقره الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، انتهى فجر الاثنين الأول من حزيران (يونيو).

وقد صرح حينها السناتور ريتشارد بور، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، قائلًا: "اعتبارًا من مساء الأحد 31 أيار (مايو) لن تستطيع وكالة الأمن القومي استخدام قاعدة بيانات الاتصالات الهاتفية الأميركية".

استئناف سريع

وفي بيان أصدره البيت الأبيض قبيل توقيع القانون، قال أوباما إن الإدارة الأميركية ستستأنف برنامج المراقبة المحلي سريعًا.

وجاء في البيان: "بعد تأخير لا ضرورة له، وبعد توقف لا مبرر له عند سلطات الأمن القومي ذات الأهمية، ستعمل إدارتي على جناح السرعة لضمان أن تكون لدى موظفي الأمن القومي مرة أخرى الأدوات الضرورية الكاملة التي يحتاجونها لمواصلة حماية بلدنا".

ويعتبر أوباما أن هذا التشريع الإصلاحي حل وسط بين الحفاظ على الخصوصية والحفاظ على برنامج مهم لحماية الأمن القومي للبلاد. ويغير "قانون الحريات" الجديد السياسة الأمنية التي سادت إثر هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وينهي النظام الذي كشفه المتعاقد السابق بوكالة الأمن القومي إدوارد سنودن.

الارهاب ذريعة

تعقيبًا على هذا القانون، أكد سنودن أن الحكومة الأميركية تدعم عودة برنامج المراقبة الجماعي تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

وقال سنودن اللاجئ في روسيا: "السلطات الأميركية تستخدم الإرهاب لإعادة العمل على الرقابة الجماعية، رغم اعترافها بأنها غير قانونية وغير فعالة، والقانون الذي تعتمده واشنطن غير فعال في مكافحة الإرهاب".

وكان سنودن سلم صحيفتي واشنطن بوست الأميركية وغارديان البريطانية مواد سرية حول قيام المخابرات الأميركية والبريطانية بمراقبة المواطنين عبر شبكة الانترنت. كما سرب سنودن معلومات عن برامج أميركية سرية للتنصت على المكالمات الهاتفية للمواطنين، ومراقبة نشاط مستخدمي الانترنت في العالم كله.