بعيداً عن الاستقبالات الرسمية والإجراءات البروتوكولية التي تتخذ خلال زيارات الدولة لرؤساء الدول، فإن الأضواء تركزت على جانب آخر من زيارة الرئيس المصري الحالية لألمانيا وهي الأولى من نوعها له.&
&
مع الترحيب الرسمي بزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من جانب حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلا أن هناك مقاطعة لها من جانب البرلمان، وكذلك انتقادات من جانب قطاعات شعبية عريضة بسبب احكام الإعدام ضد قيادات (الإخوان) وكذلك عدم إجراء انتخابات برلمانية إلى الآن.&
&
ولوحظ أن جماعة (الإخوان) المحظورة في مصر، وجدت في الزيارة ضالتها للتعبير عن غضب مباشر ضد الرئيس السيسي مستغلين بذلك الأجواء الديموقراطية في ألمانيا التي لم تكن تحسب حساباً لذلك على ما يبدو.&
يذكر أن موضوع حقوق الإنسان في مصر مطروح بقوة على أجندة القمة الألمانية ـ المصرية، وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت، قال إنه سيتم تناول موضوع حقوق الإنسان في مصر، خلال اللقاء الذي سيجمع المستشارة الألمانية والرئيس المصري.
&
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية سوسن شبلي، قالت إن موضوع حقوق الإنسان يتم تناوله في اللقاءات التي تجمع مسؤولي الوزارة مع المسؤولين المصريين.
&
فوضى صحافية&
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) في تقرير لها أن فوضى دبت بين صحافيين مصريين وقعت خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة الألمانية برلين الأربعاء.
جاء ذلك عندما طلبت صحافية مصرية مناوئة للرئيس السيسي وتقيم في ألمانيا، في أعقاب انتهاء المؤتمر، تمكينها من توجيه سؤال داخل مبنى المستشارية، ولما لم يسمح لها بذلك هتفت المرأة التي كانت ترتدي غطاء للرأس "السيسي قاتل.. السيسي فاشي".
&
وعندئذ انتفض الوفد الصحافي المصري واقفا وهتف بصوت واحد :"تحيا مصر تحيا مصر"، وكان ممثلو وسائل الإعلام المصرية يشيرون بغضب في أثناء ذلك إلى المرأة التي جرى اقتيادها. وغادر السيسي وميركل القاعة سريعا.
يشار إلى أن أغلب الصحافيين المصريين خرجوا على المألوف أثناء المؤتمرات الصحافية داخل دار المستشارية، حيث كانوا يصفقون بصوت عال للسيسي أثناء تصريحاته. وقد بذل المسؤولون عن وسائل الإعلام في دار المستشارية جهودا لتهدئتهم.
&
انقطاع البث&
وهذه الحادثة يبدو أثرت على انقطاع البث المباشر للمؤتمر الصحافي الذي عقده السيسي وميركل، عن المشاهدين في مصر عقب اللقاء الذي عقدوه سويًا، خلال زيارته الرسمية لبرلين، ثم أعيد البث بمترجم آخر، وكاميرا تصوير من زوايا مختلفة، وهو ما أثار جدلًا حول أسباب هذا الانقطاع.
&
وبررت صفاء حجازي، رئيس قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري، الموقف بقولها إن ذلك أمر معروف ومتداول لدى الجميع، حيث إنه يتكرر في المباريات الدولية واللقاءات العالمية، نتيجة الإشارات التي تنقلها الأقمار الصناعية للتلفزيون.
ونفت حجازي في تصريح لموقع (الوطن) الالكتروني، أن يكون سبب هذا الانقطاع وجود عطل بالتلفزيون أو انقطاعا& في الكهرباء، أو خطأ فنيًا أثناء نقل البث، أو إثر سوء تعامل بشري من أحد العاملين بالجهاز، مؤكدة استياءها من تلك الاتهامات التي لحقت بالتلفزيون نتيجة هذا الانقطاع.
&
تصعيد الإخوان&
وإلى ذلك، فإن أنصار جماعة الإخوان في ألمانيا استقبلوا السيسي باحتجاجات في العاصمة برلين، التي وصلها الأخير مساء أمس الثلاثاء في مستهل زيارة رسمية.&
&
وقالت وكالة أنباء (الأناضول) التركية إن الطائرة التي أقلت الرئيس المصري والوفد المرافق له، هبطت في الجزء العسكري من مطار "تيغيل" بالعاصمة برلين، وعقب توجهه إلى فندق "أدلون" الذي سيقيم فيه خلال زيارته استقبله عدد كبير من المعارضين له بوقفة احتجاجية أمام الفندق المذكور.&
&
وقالت الوكالة التركية إن الجهات المعنية اضطرت إلى إدخال الرئيس المصري والوفد المرافق له من الباب الخلفي للفندق بدلا من الباب الرئيسي، تحاشيا لمواجهة المحتجين المحتشدين أمام الفندق وهم يرتدون قمصانا عليها إشارة "رابعة" التي ترمز إلى ميدان "رابعة" المصري الذي شهد مقتل كثير من المعارضين للانقلاب العسكري في مصر.&
واخذ المحتجون يرددون هتافات مناهضة للرئيس المصري ولنظام حكمه، وذلك من قبيل: "أخرج من ألمانيا يا سيسي"، و"أطفالنا يريدون الحياة، ولماذا ميركل صامتة"، "السيسي قاتل الأطفال"، و"مرسي هو قائدنا"، و"مرسي المنتخب بطريقة ديمقراطية هو رئيسنا".&
&
إضراب عن الطعام
وفي أول اعتصام وإضراب عن الطعام أعلنته مجموعة من المصريين، أمام مبنى المستشارية الألمانية& احتجاجاً على زيارة الرئيس السيسي إلى ألمانيا، افترش المحتجون الأرض ورفعوا لافتات كتبوا عليها عبارة: "ميركل.. لا تُدخلي ألمانيا في المجزرة.&
وقال رئيس جمعية الاتحاد المصري الألماني من أجل الديمقراطية علي العوادي المشارك في الاحتجاج، إن مصر تدار منذ سنتين من قبل نظام عسكري، مضيفًا: كما لقي نحو سبعة آلاف شخص مصرعهم خلال هاتين السنتين، جراء الإجراءات القاسية للسيسي، فضلًا عن إرسال 42 ألف آخرين إلى السجون.
&
وقال العوادي إن الإضراب بدأ وسينضم إليه الكثيرون، مشيرًا إلى أن الاحتجاج سيتواصل ليومين أو ثلاثة، بهدف لفت الأنظار إلى الوضع في مصر، مبينًاً أنهم يهدفون إلى إلغاء لقاءات السيسي المزمع أن يجريها في برلين.&
ونقلت نشرة موقع (التقرير) عن العوادي قوله إنهم لن يتناولوا الطعام خلال الاحتجاج، وسيكتفون بشرب المياه في المساء، لافتًا إلى أن احتجاجات أخرى سيتم تنظيمها في برلين خلال زيارة السيسي.
&
وأضاف العوادي أنه رغم كافة الضغوط إلا أن ميركل دعت السيسي إلى ألمانيا، قائلًا: لم نفهم إجراء هذه الدعوة من قبل دولة تُدار بالديمقراطية.&
&
رئيس البرلمان
ومن جهته، الغى رئيس البرلمان الألماني نوربيرت لامرت لقاءه مع السيسي، واعتبر المتحدث باسم (الإخوان) علي العوادي أن هذا الإلغاء يعد مهماً من ناحية حقوق الإنسان، والديمقراطية، وحرية التعبير.&
وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت، علق على قرار رئيس البرلمان الألماني نوربيرت لامرت، إلغاء لقائه المخطط له مسبقاً مع السيسي، قائلاً إنه لن يقيّم القرارات والإعلانات الصادرة عن الهيئات الدستورية الأخرى للحكومة.&
&
وقال سيبرت إن الحكومة الألمانية تقوم بتقييم وضع حقوق الإنسان في مصر في جميع اللقاءات التي تجمعها مع المسؤوليين المصريين، معربًا عن ثقته في أن ذلك الموضوع سيتم تناوله.&
&
وقال نوربيرت لامرت إن سبب إلغائه اللقاء المخطط مع السيسي، خلال زيارة لألمانيا، عدم وجود أي موضوع ضمن أجندته يمكن أن يناقش معه، وذلك بعد التطورات الأخيرة في مصر التي تشمل قرارات الإعدام.
وذكر لامرت أنه كان يفترض لدى وصول طلب اللقاء به، حدوث مستجدات في المسائل السياسية في مصر قبل زيارة السيسي لبرلين، مبينًا أنه اعتقد بوجود حاجة للتباحث في مواضيع الانتخابات بمصر التي يجب إجراؤها منذ زمن طويل بعد حل البرلمان المنتخب، وقال لامرت: ” إن المستجدات الأخيرة في مصر أظهرت بشكل واضح عدم وجود أي تطور ديمقراطي في المجال السياسي؛ وبالتالي فلم يبق أي أرضية للقاء، ولا أعرف ما سأبحثه مع السيسي”.
&
أحكام الإعدام&
وتطرق لامرت إلى أحكام الإعدام والسجن التي طالت عددًا كبيرًا من الأشخاص، بينهم أول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي، قائلًا: إن مؤسسات حقوقية معترف بها دوليًا أعربت عن قلقها حول مشروعية تلك القضايا، واستقلالية المحاكم في ما يخصها.&
وتابع رئيس البرلمان: رغم إشارتي أن مصر تعد بلدًا شريكًا وهامًا في منطقة صعبة للغاية؛ إلا أن شكل وكثافة لقاءاتنا واتصالاتنا، مرتبط بالمعايير السياسية الدنيا التي يجب أن توليها البرلمانات الأهمية.
وأكد لامرت ضرورة عدم تجاهل حقوق الإنسان، ومواضيع مختلفة عند بذل الجهود من أجل استقرار المنطقة، مضيفًا أنه لا يمكن التفكير بالتنازل عن حقوق الإنسان من أجل الاستقرار.&
&وختم لامرت: مصر كأي بلد لديه الحق في اتخاذ قراراته الداخلية، ولكن مر إلى يومنا، الكثير من الوقت بعد حل البرلمان المنتخب، وعزل الرئيس المنتخب، والتصريحات بشأن إجراء التغيرات المطلوبة.
&