في الذكرى الرابعة لمحاولة اغتياله، خسر علي عبدالله صالح كل ألقابه السياسية والعسكرية بسبب تحالفه مع ميليشيا الحوثي الانقلابية، وبقي له لقب واحد: المخلوع.
&
الرياض: قبل أربع سنوات من اليوم تعرض الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح لمحاولة اغتيال، حين استهدفه انفجار ضخم&في 3 حزيران (يونيو) 2011 في جامع النهدين، داخل مبنى دار الرئاسة اليمنية جنوب صنعاء، إلا أن هذه الذكرى مرت هذا العام مختلفة، مع نقل صالح بندقيته إلى كتف الحوثيين الانقلابيين، والتسبب بدمار البلاد ومعاناة العباد.
&
نجا
&
محاولة اغتيال المخلوع صالح حينها، قلبت سير العملية السياسية في اليمن. فقد نجا صالح وقتل 9 من حراسه ورئيس مجلس الشورى السابق عبد العزيز عبد الغني. نجا من الموت ولم ينجُ من التنحي عن السلطة.
حتى اليوم، تبقى تفاصيل محاولة الاغتيال لغزًا من ألغاز السياسة المتقلبة في اليمن وتاريخ صالح نفسه. فهذه المحاولة الجريئة وغير المسبوقة التي تعرض لها صالح داخل جامع النهدين، ومعه كبار المسؤولين في حكومته، جرت في أوج ثورة الشارع اليمني الذي خرج في شباط (فبراير) 2011 مطالبًا برحيل صالح عن الحكم، بعد 33 عامًا في السلطة، خلفت بلدًا مدمرًا ببنية تحتية هشة ونسبة فقر مرتفعة.
فالأمم المتحدة تقول إن 35 ٪ من الشعب اليمني كان يعيش دون خط الفقر في العام 2011.
وترددت روايات أن محاولة الاغتيال تمت بواسطة صاروخ موجه أطلق من إحدى المناطق القريبة من دار الرئاسة. وتعرض صالح لحروق بليغة، فاستقبلته المملكة العربية السعودية وعالجته حتى تعافى من إصابته.
&
مراوغ&
&
ابتعد صالح عن المشهد إذ كان يخضع للعلاج، ثم ظهر في تموز (يوليو) 2011 في الرياض بعد علاجه، رغم أن الكثير من الناس لم يصدقوا أن صالح عاد إلى الحياة مجددًا. وتوقع المراقبون حينها أن يعلن صالح تطليق العمل السياسي، غير أنه بدأ يناور للحصول على حصانة قانونية من الملاحقة القضائية له ولعدد كبير من أفراد أسرته وأتباعه ورموز نظامه. عملت السعودية ودول الخليج على إقناع الأطراف اليمنية بتلك الحصانة، حرصًا على اليمن ومنعًا للاقتتال داخلها، مقابل تنحي صالح عن السلطة.
ووقّع صالح في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) اتفاق نقل السلطة سلميًا تحت بنود "المبادرة الخليجية"، وقبِل بنقل سلطاته إلى نائبه، الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، الذي انتخب رسميًا من قِبل الشعب اليمني في 21 شباط (فبراير) 2012.
&
شريك في الانقلاب
&
لكن صالح لم يكف عن عرقلة التسوية السياسية الحالية في ضوء "المبادرة الخليجية" وآليتها التنفيذية، عبر مسؤولين موالين له في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، أتى بهم إلى السلطة إبان فترة حكمه.
وتنقل "الشرق الأوسط" عن مراقبين في الشأن اليمني قولهم إن التطورات والأحداث التي يمر بها اليمن منذ منتصف العام الماضي وحتى اليوم بينت أن صالح كان شريكًا حقيقيًا للحوثيين في التخطيط للانقلاب على السلطة الشرعية والدستورية منذ مغادرته السلطة في 2011، وإن هذا التخطيط كان عسكريًا واقتصاديًا وإعلاميًا وعلى شتى الصعد، بدليل التنسيق الواسع والكبير بين الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح في القوات المسلحة اليمنية.
هذه التحركات تتناقض مع ما كان صالح يعلنه من اتهامات للحوثيين بتقويض أمن البلاد وخوضه ضدهم ست حروب، بدءًا بالحرب الأولى التي اندلعت في منتصف العام 2004، وانتهت بمقتل زعيم الحوثيين السابق، حسين بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الميليشيا الحوثية الحالي، عبد الملك الحوثي.
&
تحالف "حوعفاشي"
&
وبعد أن بدا جهد صالح واضحا لإجهاض العملية السياسية، حاول المجتمع الدولي ردعه عبر فرض عقوبات أممية بحقه، في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ضد صالح وعبد الخالق الحوثي وأبو علي الحاكم، القائد الميداني لجماعة الحوثي. وطوال الفترة الماضية، حاول صالح التنصل من الانقلاب العسكري الذي قاده الحوثيون على الرئيس هادي، رغم أن كل المؤشرات والوقائع بينت تواطؤ القوات الموالية له في الجيش والأمن والسماح للحوثيين بالسيطرة على محافظة عمران، ثم العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي.
ومع تطورات الأحداث، أصبحت القوات الموالية للمخلوع صالح جزءًا أساسيًا من عملية تمرد ميليشيا الحوثي، بظهور تحالف الحوثي - صالح، أو "حوعفاشي"، كما بات يعرف في الأوساط اليمنية، وذلك نسبة إلى الحوثي وعفاش، وهو لقب أسرة صالح.
وبعد قصف منزله من قبل قوات التحالف في 10 أيار (مايو) الماضي، خرج صالح على قناة تلفزيونية يمتلكها وأعلن صراحة تحالفه مع الحوثيين.
&
خسر ألقابه
وبحسب تصريحات مع عدد من السياسيين اليمنيين الذين طلبوا من&"الشرق الأوسط" عدم ذكر أسمائهم، فإن صالح خسر لقب الرئيس السابق، ولقب الزعيم الذي أطلقه عليه أنصاره، أو أطلقه على نفسه بعد خلعه من السلطة، كما خسر كل الألقاب السياسية والعسكرية.
وبات صالح، في ضوء مشاركة قواته في غزو المحافظات اليمنية، شخصية متمردة. وبهذه التحركات تبخر حلم صالح أن يتسلم نجله الأكبر، العميد أحمد علي عبد الله صالح، الرئاسة بسقوط مشروع التوريث وخلع صالح، ثم بالعقوبات الدولية التي فرضت على نجله أحمد من قبل مجلس الأمن الدولي.
&