وجد المخلوع صالح نفسه منبوذًا، بعدما رفضت قوات التحالف عروضه ببيع حليفه الحوثي مقابل نجاته السياسية من العقاب، وبعدما هددته الحكومة الشرعية بملفه مع "القاعدة"، وبعدما حاصر الحوثيون مقراته إثر إعلان العديد من قياداته تأييد الشرعية.
الرياض: هدّدت حكومة اليمن الشرعية الرئيس المخلوع علي صالح بفتح ملفاته الأمنية التي تؤكد علاقاته بتنظيم "القاعدة"، مؤكدةً أن لا فرصة لأي حوار معه في المستقبل، وأنه سيكون خارج أي تسوية سياسية يمنية تعيد البلاد إلى حالة السلم الأهلي، بعد الأحداث الجارية الآن.
فتح ملفات
وهذا التأكيد كان جليًا في حديث رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني، خلال مؤتمر صحافي عقده في لندن الأحد، عبر فيه عن قلق حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي من استغلال "القاعدة" لما يجري اليوم على الساحة اليمنية.
وقال: "الحوثيون وصالح يحاولون زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، وصالح يستغل علاقته بالقاعدة لتحقيق أهدافه"، مشددًا على رفض أي دعوة تخرج من صالح لإجراء محادثات سلام، "فهذه الدعوات غير مقبولة بعد كل هذا الدمار الذي سببه، ولا مكان لصالح في أي محادثات سياسية في المستقبل، كما لا إبرام أي اتفاق مع الحوثيين قبل انسحابهم من المدن التي يسيطرون عليها".
تقرير أممي
وكانت "تلغراف" البريطانية نشرت تقريرًا&في 31 آذار (مارس) الماضي، قالت فيه إن تقريرًا صادرًا عن مجلس الأمن الدولي، أعدته مجموعة من الخبراء الأمنيين، أكد لقاء صالح وسامي ديان، زعيم "القاعدة في شبه جزيرة العرب" باليمن، داخل القصر الرئاسي بصنعاء في العام 2011، أي تزامنًا مع اندلاع التظاهرات الشعبية الداعية لعزل صالح.
كما أكد التقرير الأممي أن هذا اللقاء تم بحضور محمد ناصر أحمد، وزير الدفاع اليمني آنذاك، وطلب خلاله زعيم تنظيم القاعدة في اليمن من صالح سحب جيشه من أبين، القريبة من عدن، والتي تطل على منفذ بحري، فوافق صالح وسحب قواته من المحافظة، ليسيطر عليها تنظيم "القاعدة" في أيار (مايو) 2011 بيسر وسهولة. وقد بقيت تحت سيطرته لسنوات.
كما أشار تقرير الخبراء إلى أن صالح حلّ وحدة مكافحة الإرهاب التي شكلتها حكومات غربية ضد "القاعدة" في اليمن، والتي كان يرأسها يحيى صالح، ابن شقيقه، تسهيلًا لعمل التنظيم.
توتر حوثي - صالح
ويبدو أن ليس هادي وحكومته فقط من ينبذ صالح، فالحوثيون أيضًا ينفضون يدهم منه، خصوصًا بعد انكشاف عروض قدمها صالح لدول التحالف العربي، قدم فيها حلفاءه الحوثيين على طبق من فضة.
فقد تصاعدت حالة التوتر بين ميليشيا الحوثي وصالح، بعد نصب مسلحين حوثيين نقاط تفتيش قرب منزله في شارع حدة بصنعاء، ومنزل نجله العميد الركن أحمد صالح في حي فج عطان، ومحاصرة منازل قيادات بارزة في حزب المؤتمر الشعبي العام، كانت أعلنت تأييدها للشرعية اليمنية، ممثلة بالرئيس هادي.
هذا، وقد عقدت اللجنة الثورية العليا للحوثيين اجتماعًا مع رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات العامة والاستفتاء، لمناقشة استعداد اللجنة للتسريع باتجاه إجراء الانتخابات. وقد نسبت "الشرق الأوسط" إلى مصادر مطلعة قولها إن الحوثيين يسعون إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية، "لتثبيت شرعيتهم، ولوضع المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع".
أسر قيادي حوثي
ميدانيًا، الوضع محتدم في مأرب، إذ يريد الحوثيون التقدم باتجاه هذه المحافظة النفطية، من دون جدوى بفضل المقاومة الشرسة التي تبديها قبائل منطقة صرواح، التي عززت قواها بمقاتلي القبائل الداعمة للشرعية. وشنت قوات التحالف هجماتها على مواقع الحوثيين قرب صرواح، لمنعهم من التحرك أو تمرير الأسلحة.
ونقلت الصحيفة نفسها عن مصدر من مأرب، وصفته بالمطلع، تأكيده أنباء أسر علي الزراعي، القيادي في ميليشيا الحوثي، بعدما حاصره مقاتلون قبليون مناصرون للشرعية في مأرب، ومعه 6 من مرافقيه، وأجبروهم بعد مواجهة عنيفة على تسليم أسلحتهم والاستسلام.
وأشار المصدر نفسه إلى حصول انشقاقات عسكرية مؤكدة في صفوف المتمردين الحوثيين والقوات الموالية لصالح، لكنها غير معلنة، لرغبة المنشقين في ترتيب أوضاعهم، خوفًا من تعرض ذويهم للأذى.
وتعرض المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم في صنعاء لخسائر فادحة بالقصف المدفعي العنيف الذي شنه مناصرو هادي، إذ سقط منهم عشرات القتلى، في ظل تقدم ميداني لقوات هادي بدعم من غارات جوية تشنها طائرات التحالف.
التعليقات