نصر المجالي:&لفت انتباه المراقبين الهجمة الإعلامية والسياسية من جانب إيران ضد قرار السعودية تعيين ثامر السبهان سفيراً معتمداً لدى العراق ليكون أول سفير دائم للمملكة في بغداد، منذ انقطاع العلاقات الثنائية بين البلدين إثر الغزو العراقي للكويت عام 1990.
وفي شكل لافت، لوحظ أن وسائل الإعلام الإيرانية وبتوجيهات عليا على ما يبدو بدأت تتابع بشكل مكشوف وتنشر تقارير عن خلفية السفير السبهان وتاريخه العسكري، وكأنه سيكون سفيراً معتمداً في طهران وليس بغداد، أو كأنه السفير الوحيد في العالم يأتي من خلفية عسكرية.
وقال دبلوماسيون أمام "إيلاف" في تعليق على الموقف الإيراني: يبدو أن الجمهورية الإسلامية، لا تتدخل بشكل سافر في الشأن الداخلي العراقي، بل أيضاً أعطت نفسها الحق في القرارات السامية لدى دول الجوار.
ونبه هؤلاء الدبلوماسيين إلى أن غالبية أعضاء السلك الدبلوماسي الإيراني من خلفيات استخبارية وأمنية وخصوصاً من الحرس الثوري.&
ويبدو أن مجمل التقارير التي نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية في موضوع السفير السعودي الجديد في بغداد الذي كان ملحقاً عسكرياً في لبنان، كانت مصادرها أجهزة الاستخبارات الإيرانية أو الحليفة لها في الإقليم وخصوصا في سوريا أو لبنان.

الحاكم الشرعي&
كما يلاحظ أن طهران التي أعطت لنفسها الحق كـ(حاكم شرعي) في العراق تؤكد هذا الحق بالحديث نيابة عن العراق، حين تكتب تقول وسائل إعلامها "إن من حق العراق ووفقا للقوانين والأعراف الدبلوماسية أن يرفض هذا السفير ويطالب السعودية بتعيين سفير آخر مكانه، كما أن من حق السعودية الا تحتج على الاعتراض العراقي".&
وتقول التقارير الإعلامية الإيرانية إنه فور إعلان السعودية اسم سفيرها لدى العراق حتى تعالت موجة من الاعتراضات من مختلف الاحزاب والشخصيات السياسية العراقية، التي رأت في هذا الاختيار "خطة سعودية لقيادة التكفيريين من داخل العراق، دون الحاجة الى وسطاء ينقلون تعاليمها الى اذرعها التكفيرية في هذا البلد".&
&
خلفية السبهان&
كما أعطت وسائل الإعلام الإيرانية لنفسها الحق في تقييم خلفية السفير السعودي ثامر السبهان بما يحلو لها من المعلومات، إذ تقول: السبهان الذي لم يعمل يوماً في السلك الدبلوماسي، متورط في تبني جبهة النصرة الإجرامية في سوريا"، واعتبرت انه "يليق بالسبهان قيادة معركة وليس سفارة"، كما أنها "تساءلت عن الاسباب التي تدفع العراق لقبول عسكري بدلا من رجل دبلوماسي".
يشار هنا إلى أن ثامر السبهان وهذا ليس سرًّا "كان قبل تعيينه سفيرا لبلاده في العراق، عمل ضابطا في مواقع مختلفة في القوات المسلحة السعودية، وهو يحمل رتبة عميد ركن وشغل منصب الملحق العسكري لبلاده لدى لبنان، كما نال وسام (تحرير الكويت) ووسام (عاصفة الصحراء) ووسام (الامتياز والجدارة) من وزارة الدفاع الأميركية.
دعت كتلة المواطن التابعة لرئيس المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم، اليوم، الحكومة العراقية إلى عدم الموافقة على السفير السعودي الجديد في العراق وذلك لعدم كفاءته.
&
ضغط إيراني&
ولا يتوقف التدخل الإيراني في شأن السفير السعودي عند حدود التقارير الإعلامية، بل انه تجاوز الحدود للضغط على حلفائها من الكيانات السياسية في العراق لرفض السفير السبهان.&
وأصدرت ثلاثة كيانات عراقية وثيقة الصلة بطهران، بيانات أو آراء وتصريحات كلها تصب في خانة دعوة الحكومة العراقية لرفض أوراق اعتماد السفير السبهان.&
ففي بيان صحافي قال صلاح العرباوي عضو (ائتلاف المواطن) الذي يتزعمه عمار الحكيم: إن السفير السعودي المعين في العراق شخصية غير مؤهلة ولا يتمتع بالمواصفات المطلوبة لشخصية السفير".
ودعا البيان إلى استبدال السبهان &بشخصية تكون مؤهلة للعمل كممثل للدبلوماسية السعودية في العراق، واضاف "على وزارة الخارجية عدم الموافقة على السفير السعودي وعليها ان تطالب باستبداله".

دولة القانون&
أما كتلة (دولة القانون) التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، فقد دعت رئاسة الجمهورية للتريث في تصديق أوراق اعتماد السفير السعودي.&
واعتبرت كتلة دولة القانون النيابية أن السبهان سيكون رجل أمن عسكريا وليس رجل سياسة قادرا على تصحيح العلاقات بين البلدين.
وقال رئيس الكتلة علي الأديب في بيان، إن "المعلومات الاولية الواردة عن ثامر السبهان الذي رشحته السعودية ليكون سفيرا لها في بغداد غير مطمئنة، وفي حال صحة سيرته الذاتية المنشورة عنه يصعب على العراق القبول به كسفير للمملكة".
ودعا الأديب وزارة الخارجية العراقية الى "التثبت من صحة المعلومات قبل المضي في اجراء الموافقة النهائية لانه في حال قبوله سيكون رجل امن عسكري وليس رجل سياسة دبلوماسي قادر على تصحيح العلاقات بين البلدين".
وأضاف "في الوقت الذي نؤكد فيه وندعم الحكومة العراقية في توجهها لتعزيز العلاقات مع دول الجوار، لن نسمح بما يمكن ان يكون مصدر قلق لشعبنا المبتلى بوضعه الأمني الاستثنائي، الأمر الذي يزيد تعقيد المشهد السياسي العراقي"، داعيا رئاسة الجمهورية الى "التريث بالتصديق على اوراق اعتماده والمطالبة بتغييره".
&
كتلة بدر&
من جانبها، طالبت كتلة بدر النيابية، وزارة الخارجية العراقية بالتريث في قبول أوراق السفير السعودي لدى العراق وجمع المعلومات عنه، معتبرة أن السفارة ستكون مكتبا عسكريا تلتقي فيه الشخصيات القريبة من تنظيم (داعش).
وقال رئيس الكتلة قاسم الأعرجي في بيان، "إننا ندعو الخارجية العراقية الى التريث بقبول السفير السعودي السبهان"، مطالبا إياها بـ"جمع المعلومات عنه".
وأضاف الاعرجي أن "ما وصلتنا من معلومات تدل ابتداء على ان السعودية غير جادة بإعادة العلاقات الدبلوماسية، سوى ان يكون لها مكتب عسكري تتم فيه اللقاءات مع الشخصيات القريبة من داعش".
&وتوقع الأعرجي أن "فتح السفارة سيعقبه فتح قنصلية في اربيل، ما يسهل للقيادات المتطرفة الاجتماع واللقاء بالطرف السعودي الذي ما زلنا ننظر اليه بأنه داعم للإرهاب في العراق".
&
نبذة&
وفي الختام، يشار إلى أن السفير ثامر السبهان من مواليد 1967 وهو يحمل شهادة بكالوريوس علوم عسكرية من كلية الملك عبد العزيز الحربية العام 1988. وترقى الى رتبة نقيب عام 1994، وكانت آخر رتبة عسكرية هي (العميد ركن) كما عمل ملحقا عسكريا في سفارة السعودية في لبنان.&
وكان السبهان تولى عدة مناصب من بينها قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية، قائد فصيل في السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية، قائد فصيل في سرية التدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة في الرياض، مساعد قائد السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية في الرياض، قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للامن والحماية.
&