الخرطوم: لا يكف الرئيس السوداني عمر البشير عن تحدي المحكمة الجنائية الدولية التي اصدرت مذكرتي توقيف بحقه للاشتباه بارتكابه جرائم حرب وابادة في دارفور، وقد منع الاحد موقتا من مغادرة جنوب افريقيا، في محاولة من منظمة غير حكومية لدفع سلطات بريتوريا لاعتقاله وتسليمه الى القضاء الدولي.

وانتخب البشير (71 عاما) الذي يحكم السودان منذ 25 عاما، لولاية رئاسية خامسة في نيسان/ابريل الماضي بعد ان حصل على 94 في المئة من اصوات الناخبين في عملية اقتراع قاطعتها المعارضة.

ويتحدى الرئيس السوداني، العسكري ذو الخلفيات الاسلامية والذي تولى الحكم اثر انقلاب في العام 1989، المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2009 حين اصدرت اول مذكرة توقيف بحقه لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور في غرب السودان التي تشهد نزاعا دمويا منذ العام 2003. وفي العام 2010، اصدرت المحكمة مذكرة ثالثة بحق البشير تتهمه فيها بارتكاب ابادة.

ومنذ صدور المذكرتين، حدّ البشير من رحلاته الى الخارج مفضلا زيادة دول لم توقع على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية. الا انه زار اربع دول على الاقل موقعة على وثيقة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، ومن بينها جمهورية الكونغو الديموقراطية ونيجيريا ومالاوي وجيبوتي.

وقبل اعادة انتخابه زار البشير كل من السعودية ومصر غير الموقعتين على ميثاق المحكمة الجنائية.

وفي نهاية العام 2014، دانت المدعية العام في المحكمة الجنائية عدم تعاون الامم المتحدة واعلنت تعليق التحقيقات حول اتهامات ارتكاب جرائم حرب في دارفور. وانتقدت مجلس الامن الدولي بسبب عدم اهتمامه بالقضية المرتبطة بنزاع اسفر وفق الامم المتحدة عن مقتل اكثر من 300 الف شخص وتشريد مليونين آخرين.

والفضل في تمكن البشير من البقاء طويلا& في السلطة يعود الى علاقاته القوية مع الجيش.

والبشير متزوج من امرأتين وليس لديه اولاد، وقد ولد في العام 1944 لعائلة تعمل في الزراعة في قرية حوش بنقاء التي تبعد 150 كلم شمال الخرطوم.

وفي 30 حزيران/يونيو 1989، قاد البشير انقلابا عسكريا ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطيا برئاسة الصادق المهدي. ودعمته وقتها الجبهة الاسلامية القومية بقيادة حسن الترابي، الذي اصبح اليوم من اكبر معارضيه.

وتحت تأثير الترابي، قاد البشير السودان، المقسم بين شمال بغالبيته المسلمة وجنوب بغالبية مسيحية، نحو حكم اسلامي اكثر تشددا.

&واستضاف البشير في التسعينات زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن الذي طرده لاحقا بطلب من الولايات المتحدة.

وردا على اتهامات عدة من بينها انتهاك حقوق الانسان، فرضت واشنطن حصارا تجاريا على السودان في العام 1997.

ووصلت التوترات بين البشير والترابي الى اقصاها في اواخر التسعينات، اذ انه وفي محاولة منه لاخراج السودان من عزلته، عمد في العام 1999 الى الاطاحة بالترابي من دائرته المقربة.

وفي العام 2005 وقع اتفاق السلام مع متمردي الجنوب الذي انهى عقدين من الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب وفتح الطريق امام استفتاء انتهى في العام 2011 بحصول جنوب السودان، حيث تتركز الحقول النفطية، على الاستقلال.

وبالرغم من اتهامات المحكمة الجنائية الدولية له، عزز البشير حكمه اذ منحه البرلمان صلاحيات واسعة.

ومنذ العام 2011، واجه البشير حركة تمرد بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق.

وفي السنوات الاخيرة، وجد البشير نفسه امام تحديات اخرى. وقد تعرض الاقتصاد السوداني لنكسة قوية بعد الانقسام عن الجنوب اذ خسر حوالى 75 في المئة من احتياطاته النفطية.

وفي الثاني من حزيران/يونيو خلال اداء اليمين الدستوري تعهد البشير بـ"فتح صفحة جديدة" لبلاده مؤكدا انفتاحه على الحوار مع الغرب.

وفي محاولة منه للانفتاح على الخارج، انضم البشير في ربيع العام 2015 الى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن.

واعلنت المحكمة الجنائية الدولية الاحد انها ذكرت جنوب افريقيا في 28 ايار/مايو بواجبها القانوني بصفتها عضوا في المحكمة لتوقيف البشير خلال مشاركته في قمة الاتحاد الفريقي في جوهانسبرغ. بعد ذلك، اصدرت محكمة في جنوب افريقيا، تقدمت امامها منظمة غير حكومية بدعوى قضائية، قرارا بمنع البشير موقتا من مغادرة البلاد طالما القضاء لم يبت في طلب المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله.