فاز اندريه أزولاي بجائزة شمال - جنوب 2014، التي يمنحها مجلس أوروبا، واستلمها من رئيس الجمهورية البرتغالية أنيبال كافاكو سيلفا. وأبرز من فاز بها ميخائيل غورباتشوف، وكوفي أنان.

الرباط: تسلم اندريه أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، الثلاثاء في العاصمة البرتغالية لشبونة جائزة شمال - جنوب 2014، التي يمنحها مجلس أوروبا، من يدي رئيس الجمهورية البرتغالية أنيبال كافاكو سيلفا.

ومنحت جائزة شمال - جنوب لأزولاي تقديرًا له على إسهامه في إحلال السلام في الشرق الأوسط، وخصوصًا تعزيز المصالحة بين اليهود والمسلمين، واعترافا بدوره في خدمة النهوض بالحوار الثقافي في حوض المتوسط.

فائزون

جرى خلال الحفل الذي نظم في مجلس الجمهورية، والذي حضره الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربجورن جاغلاند، ورئيسة البرلمان البرتغالي اسونسياو ايستيف، ورئيس اللجنة التنفيذية لمركز شمال جنوب جان-ماري هيدت، ووزير الخارجية البرتغالي روي ماشيت، وسفيرة المغرب في لشبونة كريمة بن يعيش، ومجموعة من الشخصيات السياسية والأكاديمية والثقافية والدبلوماسية والاعلامية، منح جائزة شمال - جنوب ايضًا للدكتورة مورا لانتش، الطبيبة الجراحة الآيرلندية، عضو البعثات الطبية (مريم)، اعترافًا بجهودها وتفانيها في النهوض بحقوق الانسان، لا سيما من أجل كرامة الأشخاص المعوزين.

ويعتبر أزولاي ثاني شخصية مغربية تنال هذه الجائزة بعد رئيس الوزراء المغربي الاسبق عبد الرحمن اليوسفي في العام 1999. ومن بين الأسماء التي توجت بالجائزة، منذ انطلاقها، التونسية سهير بلحسن، رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان (2011)، والرئيس البرازيلي السابق لويس إناسيو دي لولا دا سيلفا (2010)، والرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف (2009)، والرئيس البرتغالي السابق جورج سامبايو (2008)، وكوفي أنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة (2007).

كل شيء ممكن

يجرى منح هذه الجائزة، التي يرصدها مركز "شمال – جنوب" الذي يوجد مقره في البرتغال، سنويًا منذ إطلاقها في 1995 لشخصيتين تميزتا بانخراطهما الاستثنائي في النهوض بالتضامن بين الشمال والجنوب، خصوصًا في مجال حماية حقوق الإنسان، والدفاع عن الديمقراطية التعددية، وتحسيس الرأي العام بقضايا التضامن العالمي.

ويتم اختيار الفائزين، كل سنة، بعد مداولات لجنة مكونة من أعضاء مكتب مركز "شمال – جنوب" والمجلس العام.

واعرب أزولاي في كلمة بالمناسبة عن سعادته العميقة واعتزازه، وتأثره لكون "الحملة" التي سار فيها منذ أكثر من نصف قرن اختارت معسكر المقاومة، "حتى لا يجرى استغلال أدياننا وتاريخنا وهوياتنا، أو يجرى اتخاذها رهينة من قبل أي كان".

أضاف: "لقد كان لي، من خلال ما منحني إياه بلدي المغرب، شرف تجسيد فن كل شيء ممكن. فالمواطن المغربي الذي أجسده هو على حد سواء يهودي وأمازيغي وعربي، فأنا موجود وأقاوم هذا التقهقر الذي يقوض ويضعف المجتمع الدولي".

تمازج الأديان

واعتبر أزولاي أنه من الضروري القيام بالقياس الدقيق لهذا الانقسام، وهذا التراجع الذي يغذيه نفي الآخر، مضيفًا: "العدو الحقيقي والوحيد للإنسان هو الجهل"، كما جاء على لسان الفيلسوف العربي والمتوسطي الكبير إبن عربي.

وبعد أن ذكر بالأحداث المأسوية التي وقعت في اقل من اسبوع في تونس والكويت وفرنسا والصومال ومصر، أكد أزولاي: "لا يمكننا اليوم الاحتفال بالحوار والتسامح والسلام، والبقاء في موقع المتفرج السلبي على هذا التقهقر".

أضاف: "يتعين على مجتمع الأمم أن يعيد بناء نفسه، لاسترجاع الحداثة الاجتماعية التي ميزت العلاقات الدولية، منذ أمد غير طويل".

وأكد أن المغرب كانت لديه الشجاعة والقدرة المتبصرة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتقديم دستور لشعبه، تمت المصادقة عليه في تموز (يوليو) 2011، وهو يشير إلى أن المغرب المعاصر تشكل تاريخيًا من الحضارات الأمازيغية واليهودية والعربية الإسلامية ومن هويته الحسانية، "وهذه الحقيقة شهدتها أرض الإسلام، إسلام التنوير والحداثة".

التطور السلمي

ونوه الرئيس البرتغالي بأهمية الدور الذي يضطلع به أزولاي في تعزيز الحوار بين الثقافات والتقارب بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهي المنطقة التي قال إنها ما زالت تواجه تحديات كبرى. وأشاد الأمين العام لمجلس أوروبا بريادة الملك محمد السادس، الذي عمل على نهج حكامة ترتكز على الإصلاح الدائم والتطور السلمي والتوافقي للمجتمع المغربي.

وبموازاة مع مساره البارز في مجال الاقتصاد، كرس أزولاي حياته لتعزيز الحوار بين الثقافات والشعوب وبين النساء والرجال في حوض المتوسط. وسبق له أن تولى منصب رئيس مؤسسة آنا ليند الأورو- متوسطية للحوار بين الثقافات 2008-2014.

وأصبح أزولاي منذ 2005 عضوًا في المجموعة رفيعة المستوى لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة. كما يرأس اللجنة التنفيذية لمؤسسة الثقافات الثلاث والديانات الثلاث، ومقرها في إشبيلية - إسبانيا، وهو واحد مؤسسي مجموعة علاء الدين لتعزيز التفاهم المتبادل والعلاقات الثقافية بين المجتمع الإسلامي وبقية دول العالم.