يبحث الشارع العراقي عن تفسير للجملة التي قالها محافظ بغداد اثناء تفقده لبيوت، سقطت عليها قنبلة من طائرة سوخوس حربية، إثر خلل فني في منطقة النعيرية ببغداد، حين وصف الطيار بأنه (سيّد ومن جماعتنا) في اشارة إلى شيعيته.

بغداد: أعرب عراقيون عن دهشتهم واستغرابهم للتصريح الذي أدلى به محافظ ‫بغداد من التيار الصدري علي التميمي، اثناء تفقده المكان الذي سقطت فيه قنبلة على عدد من البيوت في منطقة النعيرية ببغداد، ما أدى الى مقتل عدد من ساكنيها، والذي قال فيه (الأرواح تعوض والمنازل تعوض والطيار سيد من جماعتنا)، مشيرين إلى ان التعبير لم يخنه بقدر ما صدر كلامه عفويًا، تأكيدًا على روح المحاصصة التي تتسيد العراق حاليًا، فيما اشار البعض إلى ان المحافظ كان يقصد &تطييب الخواطر، وتهدئة وطمأنة الآخرين أن الحادث لم يكن مقصودًا، وهو يصف طيار النعيرية بـ (سيد ومن جماعتنا)، لكن البعض وجد أن التصريح في غاية الخطورة، وانه هزّ العراق كله، من حيث لم يقدّر المحافظ خطورة قوله (سيّد ومن جماعتنا).
ويطلق العراقيون لقب السادة على من يقولون إنهم من ذرية اهل بيت النبي محمد ويجلون لهم تقديرًا واحتراماً لنسبهم "الشريف" كما يعتقدون.
&يذكر أن قنبلة من طائرة حربية عراقية نوع سوخوي سقطت على ثلاثة منازل في منطقة النعيرية شرقي العاصمة بغداد، اثر خلل فني في الطائرة التي كانت عائدة من عمليات قصف لمواقع تنظيم داعش فعلقت &احدى القنابل نتيجة لخلل فني واثناء عودتها إلى قاعدتها سقطت على المنازل، مما تسبب بوقوع خسائر مادية وبشرية.
&
كلمة عفوية&
وأكد محمود المفرجي، محامٍ، أن التعبير لم يخن المحافظ بل جاء كلامه عفويًا، وقال: لا اعرف كيف استساغ المحافظ الكلمة وقالها بهذه البساطة، فقد استغربت جدًا عندما سمعته يقولها، فلا اعرف بالضبط ماذا يقصد، هل ان الطيار (سيد) ولا يجوز لأحد ان يشكك فيه او يتهمه بالفعل العمد، وهل ان الضحايا سيذهب دمهم هدرًا اذا ما كان الطيار سيدًا ؟
واضاف: لا اعتقد ان التعبير خان المحافظ بقدر ما جاءت كلمته عفوية للتأكيد ان المحاصصة ما زالت تمزق البلد، فهذا من جماعته وذاك ليس من جماعته، وهو أمر مؤسف حقيقة لأن على المسؤول ان ينظر إلى الجميع على انهم منه وله.
&
لا يجيدون التصريحات المباشرة
اما الكاتب اياد الزاملي، رئيس تحرير صحيفة كتابات الالكترونية، فقد اشار إلى سوء المستوى الثقافي لدى المسؤولين العراقيين، وقال: كثير من المسؤولين العراقيين لا يجيدون التصريحات المباشرة على الهواء، لأنها ببساطة تفضح مستواهم الثقافي وفقر لغتهم في التعبير، لذا نجدهم يرتجلون دون أن يدققوا في معاني ما يصرحون به، وكأن الذي يسمعهم فقط هم بسطاء الناس، ولايدركون أن من يسمعهم ايضا غير هؤلاء، فنجدهم يتعرضون إلى السخرية والتهكم في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع العراقي ايضًا .
واضاف: &تصريح محافظ بغداد الأخير، الذي يصف فيه الطيار الفاشل الذي أسقط صاروخاً على ابناء بلده مدافعًا عن نوايا الطيار هذا بأنه (سيد ومن جماعتنه) وكيف تعرض لعاصفة من الانتقادات من قبل الكثيرين، وبدلاً من أن يعالج تصريحه هذا، او يعتذر منها، راح وكتب على صفحته الشخصية على الفايسبوك، واصفاً الذين تهكموا عليه أو انتقدوه بالهمج والرعاع ! .. هذا هو للأسف المستوى الثقافي واللغوي للمسؤولين العراقيين، نقول لهذا المحافظ ولغيره، لاسيما الذين لايجيدون التصريحات السليمة المباشرة، أن يلتزموا الصمت ويتركوا هذا إلى مكاتبهم الإعلامية المبتلاة بهم.
&
لا لوم عليه&
اما سعاد مهدي، موظفة، فقد أكدت أنها تجد الأمر عاديًا، لأن الواقع العراقي هكذا، وقالت: طبيعة المشاكل في العراق تحتم عدم وجود ثقة بين الأطراف السياسية وليس بين المواطنين الاعتياديين، فأية حادثة تقع، يشار إلى الطرف الآخر بارتكابها، وهذا امر مفروغ منه وعشناه طوال السنوات الماضية، لذلك يظل الظن سيد المواقف، ولهذا جاءت مقولة محافظ بغداد لطمأنة الآخرين أن الحادث غير متعمد
وليس كالسيارة المفخخة التي تفجر في مناطق هذه الطائفة أو تلك.
وأضاف: لا يلام المحافظ، لأن هذا هو الواقع السيئ الذي ارتضيناه وهذه ثقافتهم التي وجد عليها السابقون لهم، واتمنى ان تتم مناقشة هذا التصريح من أجل اعادة صياغة سياسة البلد عسى ان نتفادى مثل هذه التصريحات المقززة .
&
فقدان للثقة&
من جانبه قال حسين الرشيد، طالب دراسات عليا، ان السبب يكمن في عدم وجود الثقة، وقال : محافظ بغداد عند زيارته لمكان الحادث يقسم للناس أن الطيار سيد ومن جماعتنا ... ترى ماذا سيحدث لو كان الخطأ قد حصل من طيار من الرمادي او الموصل وليس من جماعة الضحايا.. وكيف سيكون رد الفعل لو سقطت القنبلة في الكاظمية وعلى مقربة من ضريح الامام الكاظم لاسمح الله، فتخيل لو كان الطيار الذي ألقى صاروخه بالخطأ على حي سكني من الطائفة السنية، كيف ستكون ردة فعل محافظ بغداد، الذي قال عن هذا الطيار انه " سيد ومن جماعتنا"، ما يعني انه لا جناح على الطيار فهو بريء من القصد وما حصل هو خلل فني بحت.
واضاف: اعتقد ان هذا يؤكد عدم وجود ثقة بين الطوائف، وكل طائفة تنظر إلى الاخرى بعين الشك والحذر والخوف من الآخر، وما صدر من المحافظ هو الحقيقة فلو أن الصاروخ سقط على بيوت في مدينة من الطائفة الاخرى لتم اتهام الطيار بالتعمد .
&
كيف تعوض الأرواح؟
إلى ذلك استغرب علي حسين، مدير تحرير جريدة المدى، تصريح المحافظ، وقال انه أثار حفيظة الكثير ممن يتابعون تصريحات ، حين قال امس عن الطيار الذي اطلق الصاروخ بالخطأ على منطقة النعيرية "إنه سيد من جماعتنا"، وفاته أن يخبرنا هل باقي الطيارين ممن يعملون ليل نهار في الحرب ضد داعش هم ليسوا "من جماعتنا"؟ وفاته ايضًا أن يقول لنا كيف يمكن ان تعوض الأرواح؟ هذه مسألة سأشكره عليها مرة ومرتين.
واضاف: &يجب ان اكتب شاكرًا للسيد المحافظ ملاحظته القيمة في تقسيم الشعب إلى "جماعتنا" و "جماعتهم ".
&