وقعت الأطراف الليبية المشاركة في مفاوضات منتجع الصخيرات المغربي (ضواحي الرباط) بالأحرف الأولى على مسودة اتفاق السلم والمصالحة المقترحة من طرف الأمم المتحدة مساء السبت وسط غياب وفد المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته (برلمان طرابلس)، أحد الطرفين الرئيسيين للحوار.


حسن العلوي: يعني التوقيع بالأحرف الأولى عدم قابلية المسودة الرابعة المعدلة التي اقترحتها الأمم المتحدة لإدخال تعديلات جديدة عليها، وإرجاء مناقشة النقاط الخلافية حولها الى حين مناقشة الملاحق المرتبطة بهذا الاتفاق، وذلك في جولات جديدة من المفاوضات تعقد بعد عيد الفطر.

وكان برلمان طرابلس أعلن الثلاثاء رفض هذه المسودة ل"غياب نقط جوهرية" فيها، مؤكدا رغم ذلك استعداده للمشاركة في جلسات جديدة للحوار في المغرب.

وأشرف على حفل التوقيع بالأحرف الاولى بيرناردينو ليون الوسيط الدولي في الازمة الليبية، وصلاح الدين مزوار ، وزير الخارجية والتعاون المغربي، ورشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب (الغرفة الاولى& في البرلمان) ومحمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين ( الغرفة الثانية ).

وحضر حفل التوقيع وفد مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق) المعترف به دوليا، وممثلون عن المجالس البلدية لمدن مصراته وسبها وزليتن وطرابلس المركز ومسلاته، اضافة الى ممثلين عن حزب "تحالف القوى الوطنية" وحزب "العدالة والبناء"، وكذلك ممثلين عن المجتمع المدني ونواب مستقلين ومنقطعين.

كما حضر الحفل& السفراء والمبعوثون الخاصون الى ليبيا، والذين يمثلون كلا من فرنسا وأميركا وألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا والبرتغال وتركيا ومصر وقطر والمغرب، اضافة الى ممثل الاتحاد الأوروبي في ليبيا.&

تجدر الإشارة الى ان من أهم النقاط الخلافية بين وفدي برلمان طبرق وبرلمان طرابلس ، تركيبة مجلس الدولة، حيث أوضحت الأمم المتحدة أنه "ستجري& معالجة هذه النقطة تفصيلا بأحد ملاحق الاتفاق"، ودعت كافة الأطراف إلى تقديم مقترحاتهم حول هذا الشأن مع مراعاة مبادئ التوافق والتوازن وعدالة التمثيل".

وقال بيان رسمي صادر عن البعثة الأممية للدعم في ليبيا الليلة الماضية ان "قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة، أمر متعارف عليه ويحفظ للأطراف حقها في الاستمرار في التفاوض حول تلك التحفظات حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق".

من جهته، خاطب وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار& الليبيين بالقول مباشرة ومن دون مقدمات "إن العالم كله ينظر إليكم في هذه اللحظة. أنتم الآن مركز اهتمام دوائر القرار العالمي لأنكم، أنتم، الان، تصنعون التاريخ، أنتم الآن تصنعون ليبيا الجديدة.تطوون صفحة وتفتحون أخرى. صفحة بأبعاد تاريخية واستراتيجية كبرى، لأنها لا تعني ليبيا وحدها،بل تعني منطقة المتوسط كلها،تعني القارتين الأفريقية والأوروبية،تعني شمال إفريقيا،تعني الاتحاد المغاربي،تعني العالم العربي، وتعني العالم ككل بفعل الترابط في مختلف المجالات".

وزاد مزوار قائلا " لقد تابعنا منذ البدء اشتغالكم في أجواء لم تكن سهلة، وتفهمنا في كل اللحظات المعاناة العميقة لكل واحد منكم في البحث عن الوئام والتوافق، أمام تشعب الإشكالات واختلاف الرؤى والتقديرات، وأمام الإرث الثقيل، والصعوبة الطبيعية في البناء"، مشيرا الى ان البناء "يحتاج لإرادات قوية ولكثير من التسامح، ولقبول الآخر كما هو، لا كما نريده أن يكون، وكنتم أهلا لهذا الرهان، وتغلبت إرادة البناء على نوازع الهدم".

وذكر مزوار ان الليبيين بتوقيعهم بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق السياسي يكونون قد أنجزواالخطوة الحاسمة، وتكون ليبيا أمام ميلاد جديد"، موضحا انه "اذا كان بعض إخوانكم وإخواننا في المؤتمر الوطني العام قد ساهموا إلى جانبكم في بناء هذا المسار، فإننا واثقون أن غيابهم اليوم مجرد كبوة فارس، لن يتأخر في الالتحاق بباقي إخوته، ولن يرضى لنفسه،ولشعبه أن يخلف الموعد مع اللحظة التاريخية لتأسيس ليبيا الجديدة".

وناشد وزير خارجية المغرب وفد المؤتمر الوطني العام أن يسارع لاحتلال المكان الوحيد الذي يليق بهم" أي هذا المكان بين إخوتهم وذويهم،ويضعوا توقيعهم على انطلاق ليبيا الأمل".

واوضح مزوار قائلا " إننا بمقدار ما نستبشر خيرا بهذا الإنجاز ونفخر به، بقدر ما ننوه بالدور الكبير والمضني الذي قامت به بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، خاصة السيد برناردينو ليون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الذي لم يذخر جهدا في سبيل تقريب وجهات النظر بصبر وبصيرة وأناة".

وجدد مزوار التأكيد على& أن المملكة المغربية، بالتزامها الثابت إلى جانب الشعب الليبي الشقيق، إنما تبقى وفية لمبادئها في الدعم والمساندة وبذل كل ما تستطيع في سبيل تحقيق الوئام، مع الاحترام التام لاستقلالية القرار الليبي، بما يخدم السلم والازدهار لهذا البلد الشقيق وللمنطقة ككل.

وقال مزوار "سنكون دائما نعم الأخ الصادق، وستبقى أرض المملكة المغربية& تلك الخيمة المفتوحة دائما وفي كل الظروف، لكم ومن أجلكم، لتحقيق الكرامة والعزة التي كانت وستبقى عناوين ليبيا والشعب الليبي، في لحظات الرخاء كما في لحظات الشدة، يحذونا في ذلكم فخرنا بكونكم، وأنتم توقعون هذه الوثيقة بالأحرف الأولى، تقدمون نموذجا للمناطق الملتهبة في وطننا العربي، ونتوق لليوم الذي يحذوكم فيها إخوة آخرون نتألم أيما ألم لما آلوا إليه من تمزق".