دوفر: ينتظر مئات المهاجرين الساعين إلى عبور القنال الانكليزي او ما يطلق عليه في فرنسا بحر المانش، في مركز اعتقال في قلعة سابقة مطلة على البحر يمثل غالبا نهاية مريرة لرحلة طويلة. فالقادمون الجدد ينقلون بالحافلات الى مركز اعتقال في دوفر اقيم في قلعة سابقة تهيمن على المرفأ يحيط بها ممر مائي وسياج عال واسلاك شائكة وكاميرات مراقبة.

هذا المركز الشبيه بالسجن يتسع لما يصل الى 316 شخصا ممن قدموا طلبات لجوء او رفضت طلباتهم، رغم ان الاعداد الدقيقة للمغادرين والواصلين يوميا تبقى سرا. اضافة الى البالغين، هناك ايضا مئات الفتيان الذين يتمكنون من العبور بحرا او بالقطار مختبئين بين حمولات البضائع. وتقول السلطات المحلية ان تزايد اعداد الاطفال المتسللين يفوق قدرتها.

وقال بول كارتر رئيس المجلس المحلي لكنت الذي يطلب مساعدة الحكومة البريطانية في مواجهة تزايد اعداد المتسليين "لم تعد لدينا القدرة على استيعاب الكثير في الاسابيع القادمة اذا ما استمر تزايد الاعداد كما في الاسابيع القليلة الماضية". وتضاعف عدد طالبي اللجوء لديهم تحت سن الثامنة عشر بمقدار الضعف& ليصل الى 605 في الاشهر الثلاثة الماضية، مما جعل المجلس في عجز مقداره 5,5 ملايين جنيه استرليني.

ومنظمة كومباس فوسترينغ التي تعنى بايجاد مساكن للشبان، قالت انها سجلت زيادة بخمسة اضعاف في اعداد الاطفال الذي يصلون بمفردهم كطالبي لجوء. وقبل عام كانت المنظمة تتلقى ملفات 34 شخصا من السلطات شهريا، ليصبح هذا العدد حاليا 140. وغالبية هؤلاء الاشخاص صبيان، بعضهم لا يتجاوز عمره 12 عاما.

وقال مصدر لوكالة فرانس برس ان "اكثر من مئة" مهاجر اعتقلوا بعد وصولهم على متن قطار شحن في يوم واحد هذا الاسبوع، في حين كان لا يتجاوز هذا العدد بضعة اشخاص قبل تصاعد الازمة. والوصول الى مرفأ دوفر او محطة القطار في فولكستون في الطرف الجنوبي الشرقي لانكلترا، هو هدف المهاجرين الذين يخيمون في بلدة كاليه الفرنسية على بعد 34 كلم في الجانب الاخر من القنال.

وشاهد مصور وكالة فرانس برس في الساعات الاولى من يوم الجمعة مهاجرين متعلقين بسقف بشاحنة تغادر محطة يوروتانل بعدما قاما بالرحلة على الشاحنة المتوجهة من كاليه. وتصاعدت ازمة المتسللين في كاليه، حيث بلغت محاولات التسلل اكثر من الفي محاولة كل ليلة لعبور النفق تحت البحر، فيما الحكومتان على جانبيه تتعهدان بتعزيز الاجراءات.

ويواجه المتسللون البالغون الذين يقبض عليهم، الاعتقال لفترات طويلة ريثما تتم دراسة طلباتهم للحصول على لجوء او هجرة، فيما تتم اعادة كثيرين الى ديارهم او الى الدولة الاوروبية التي وصلوا اليها. والمتطوعون الذين يعملون على الواصلين الجديد يقولون ان المهاجرين غالبا ما يكونون منهكين بعد الرحلة وليسوا في وضع يسمح لهم بعرض قضيتهم امام السلطات البريطانية.

وقالت رجا جبريل التي تساعد مواطنيها القادمين من السودان وجنوب السودان "هؤلاء الاشخاص في اكثر الاحيان هم في حالة صدمة". واضافت "يصلون في دولة مختلفة بثقافة ولغة مختلفتين. فقدوا اصدقاء واقارب في البحر المتوسط". وتابعت "احيانا تجد على البعض آثار تعرضهم للجلد او جروح او رصاص". وتساعد جبريل مواطنيها على التواصل مع شبكات دعم محلية والتعرف الى الاجراءات التي ينبغي عليهم اتباعها.

وينظر البعض من طالبي اللجوء الى بريطانيا بوصفها ملاذا يقدم فرص التعليم والعمل بأجور مرتفعة، رغم ان هذه ليست بالضرورة نهاية الرحلة المحفوفة بالمخاطر. وتقوم جمعية كنت لمساعدة اللاجئين الخيرية، بتقديم المساعدة الى المعتقلين في مركز دوفر في العثور على تمثيل قانوني.

وبحسب بيت كينان الذي يعمل على احدى القضايا فان نظام الهجرة البريطاني "يضطهد فعليا" طالبي اللجوء بخلق عراقيل بيروقراطية. وقال لوكالة فرانس برس ان النظام "يعمل كعدو ويسعى لجعلهم ينهارون ويستسلمون ويعودون الى اي مكان فروا منه اساسا". واضاف "من الاسفل الى الاعلى هناك منحى من عدم التصديق وما عليك سوى الانزلاق في مسألة تقنية لتدق المسامير في نعشك".
&