وصف وزير الخارجية البريطاني إيران بالدولة المارقة، لكنه أبدى تفاؤلًا في أن تغير سياستها التوسعية بعد اندماجها ثانية في المجتمع الدولي.

الرياض: أكد فيليب هاموند، وزير الخارجية البريطاني، أن بلاده لا تتساهل مع الإرهاب الذي تدعمه إيران من خلال مجموعات عدة، واضقًا إيران بأنها "دولة يجب أن تكون نافذة بشكل طبيعي في المنطقة، لكن ستبقى دولة مارقة إذا حاولت أن تفرض هذا النفوذ من خلال دعم الإرهاب".

الشأن الإيراني

وشرح هاموند، في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط"، تصور لندن في التعامل مع طهران بعد الاتفاق النووي، مع التأكيد على استراتيجية طويلة الأمد في حماية أمن الخليج. وقال: "ما دامت القضية النووية معلقة، فمن المستحيل على المجتمع الدولي أن يتواصل بطريقة عملية مع إيران. بعد إبرام هذا الاتفاق، وبعد أن تلتزم إيران بتعهداتها بموجب الاتفاق، هناك إمكان للمجتمع الدولي للتواصل مع إيران حول قضايا أخرى، بما فيها تدخلها في شؤون دول أخرى في الخليج".

أضاف هاموند واصفًا النظام الإيراني: "هذا ليس نظامًا بصوت واحد، هناك أصوات مختلفة. هناك متشددون وإصلاحيون، وعلينا أن نأمل أن الإصلاحيين الذين يريدون أن تلعب إيران دورًا أكثر إيجابيًا سيكسبون النقاش. لكن هذا الأمر لن يحدث بين ليلة وضحاها، وليس مؤكدًا أن يحدث بالطريقة التي نأملها. أعتقد أنه سيكون من الجيد لإيران والمنطقة إذا قررت إيران أن تكون لاعبًا أكثر تواصلًا وأن تلعب دورًا أكثر إيجابية. هذا لا يعني أن إيران ستتخذ خطًا دائمًا تتفق معه دول الجوار أو ترضى عنه، وعلينا أن نتوقع اختلافات قوية في وجهات النظر".

محفزات الاتزان

وتابع هاموند: "ما دامت إيران تسعى لتطبيق موقفها السياسي من خلال تمويل ودعم مجموعات إرهابية، فسيبقى الغرب والمجتمع الدولي واقفين إلى جوار شركائنا وحلفائنا في الخليج في مقاومة هذا الأسلوب. وإذا كانت إيران، على مر الزمن، تظهر إرادة في التخلي عن استخدام ودعم الإرهاب كأداة لسياسة الدولة، وتبدأ في خوض النقاش الدولي السياسي بأسلوب مقبول، فسيكون ذلك خطوة إيجابية جدا إلى الأمام. ولكن لا يمكننا أن نضمن ذلك".

ويميل هولاند إلى التفاؤل في مسألة تخلي إيران عن سياستها الارهابية، "فالتاريخ يقول لنا إن كل الدول التي تندرج في النظام الدولي، ولديها مصلحة مع النظام الدولي، ويرون إمكانية الاستثمار في بناهم التحتية ويرون مواطنيهم وهم يسافرون في الخارج ويرون زوارًا دوليين في المنطقة، كل هذا يجعل لديهم حافزًا في لعب دور أكثر اتزانًا في المجتمع الدولي".

أمن واحد

وكرر هاموند التأكيد: "إننا سنقف إلى جوار شركائنا الخليجيين في مواجهة التدخل الإيراني في شؤونهم الداخلية وحماية سيادة أراضي الدول الخليجية، والقاعدة البحرية في البحرين نموذج على ذلك، ونحن نتحدث مع شركاء في الخليج حول إمكانية أن نقوم بمزيد من عمليات نشر قوات برية للقيام بتدريب القوات الخليجية، ولدينا قدرات جوية نتوقع أن تكون أكثر دوامًا مستقبلًا".

ووافق هاموند على أن الحروب التقليدية ليست هي القلق الرئيس، "وهذا أمر ليس فقط في الخليج، فعلى سبيل المثال التركيز في أوروبا الآن على الحروب الأحادية الجانب، استخدام وكلاء يمكن نكران دعمهم، مثلما نرى روسيا تفعل في أوكرانيا. وربما من أهم عناصر تعاوننا مع دول الخليج في مجال مكافحة الإرهاب والدفاع الإلكتروني، وهي مجالات جديدة في الدفاع وأقل تقليدية وليست ظاهرة أمام الشعوب مباشرة، ولكنها جزء كبير من الأمن. وعلينا أن نشرح لشعوبنا أن الدفاع والأمن باتا بشكل متزايد مخفيين عن الأنظار، وليسا عبر معدات عسكرية. ونحن نقوم بهذه العمليات بشكل ناجح مع شركائنا في الخليج، وهي علاقة متبادلة، إذ هي تساعد الدول الخليجية على أن تحمي أمنها. ولكن لأن التهديدات التي نواجهها مشتركة، على سبيل المثال تهديد المتطرفين، فيعني أن ذلك يساعد في حماية أمننا. هذه ليست أعمالا خيرية، بل الأمر تعاون نتبادل الاستفادة منه".

أضاف: "بات من الواضح أن أمن الخليج من أمننا، وحماية أمن الخليج جزء من حماية أمننا، خصوصًا من حيث مواجهة التطرف والتهديدات الإلكترونية، ولدينا رؤية لعلاقاتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي ستطمئن حلفاءنا على المدى القصير حول إيران، لأن هناك شكوكًا عالية تجاه إيران ونحن نفهم ذلك، وتصرفات إيران في السابق تعني أن علينا أن نكون حذرين جدا تجاهها، لكن نأمل على المدى الطويل أن تظهر بريطانيا شريكًا أساسيًا دائما لدول مجلس التعاون الخليجي، وهي تعمل مع دول المنطقة لمعالجة التهديدات الحقيقية من المجموعات غير التابعة للدولة، وعلى رأسها التطرف".

الحل السوري الأفضل

وفي ما يخص الوضع السوري، شدد هاموند على أن لإيران وروسيا دورا في سوريا لا يمكن تجاهله. وأضاف هاموند: "بالطبع دور إيران تاريخيًا كان لمساندة نظام بشار الأسد، وبالطبع نحن ندين نظام الأسد ونؤمن بأنه من أجل تقدم سوريا إلى الأمام نحن بحاجة إلى انتقال سياسي في سوريا بسرعة. ولكن الواقع هو إذا كنا نحب ذلك أم لا، إيران مع روسيا لاعبان مهمان ونافذان في سوريا، والواقع هو أن أفضل طريقة للتوصل إلى تغيير في سوريا يعتمد على إقناع روسيا وإيران بأن تعملا مع لاعبين آخرين في المنطقة للتوصل إلى حل مبني على التنازل. وهذا لن يكون على الأرجح الحل الذي كنا نحن أو الولايات المتحدة أو السعودية قد نقترحه، ولكنه سيكون الحل الذي يمكننا جميعا أن نعترف بأنه الحل الأفضل للشعب السوري من الوضع الراهن".

وفي العراق، قال هاموند إن بلاده تلعب دورًا أساسيًا في التحالف ضد داعش، "ونحن مصرّون على استمرارنا في هذا الدور في العراق وسوريا لهزيمة داعش، ونحن ملتزمون بذلك، وقد تحدث وزير الدفاع مايكل فالون عن توسيع دورنا، ورئيس الوزراء أيضًا تحدث عن هذا الدور وإمكانية اتخاذ خطوات إضافية في سوريا. نحن واضحون بأنه من الضروري هزيمة داعش في العراق وسوريا، وسيتطلب الأمر عملًا عسكريًا.

تهديد استراتيجي

وعن اليمن، قال هاموند للشرق الأوسط: "هناك تهديد استراتيجي لشبه الجزيرة العربية، ونحن ندعم التحالف الذي تقوده السعودية ونقدم مساعدات مباشرة من خلال شبكة الاتفاقات القائمة مع السعودية في المنطقة، بما في ذلك العلاقة حول دعم القوة الجوية الملكية السعودية والحملة الجوية السعودية. لكننا واضحون في أن هناك حاجة إلى حل سياسي للوضع في اليمن الذي يعطي كل الأطراف الشرعية دورًا في مستقبل البلاد. وإذا عدنا إلى أيلول (سبتمبر) 2014، عندما تم التوصل إلى اتفاق صنعاء، كان هناك ملامح اتفاق لجلب كل اللاعبين الشرعيين للعملية السياسية. وعلينا أن ننعش المسار السياسي الآن، بالإضافة إلى معالجة الأزمة الإنسانية في اليمن".

أضاف: "من المهم جدا، للمصالح الاستراتيجية البعيدة الأمد لدول مجلس التعاون الخليجي وشبه الجزيرة العربية كلها، أن تتم معالجة الأزمة الإنسانية في اليمن. السماح لكارثة إنسانية في اليمن قد يخلق ظروفًا تؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة لجيل كامل، وهذا أمر يجب أن لا نسمح به. يجب أن نعمل معًا لدعم التحالف وإعادة إحياء المسار السياسي ورد إنساني طارئ. ونحن نرى عملًا جيدًا على المسارات الثلاثة من خلال عملنا مع الولايات المتحدة والسعودية، وغيرها من المسارات".