وسط اجراءات امنية مشددة وانتشار لقوات مكافحة الشغب، خرج مئات الالاف من العراقيين في تظاهرات احتجاج مسائية في عموم البلاد الجمعة مدعومين بالمرجعية الشيعية العليا مطالبين بإصلاح النظام السياسي ومكافحة الفساد ومعالجة تردي الخدمات وتفشي البطالة في حين اعلن رئيس البرلمان عن البدء باستجواب الوزراء الذين يتهمهم المحتجون بالفساد.
أسامة مهدي: أكد رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري تخصيص جلسة المجلس المقبلة الاسبوع المقبل لمناقشة مطالب المتظاهرين ووضع سقوف زمنية لتحقيقها.
وشدد الجبوري في كلمة متلفزة تابعتها "إيلاف" على ضرورة انهاء وجود الفاسدين الذين بددوا اموال الشعب العراقي.
وقال ان مجلس النواب سيخصص الجلسة المقبلة لمناقشة مطالب المتظاهرين ووضع سقوف زمنية لتحقيقها. وحيا المتظاهرين في ساحات الرأي الحر، داعيا إياهم الى التزام السلمية وعدم السماح بالفوضى لأنها ستصب في مصلحة داعش بحسب قوله.
واكد رئيس البرلمان ان طلبات المتظاهرين مشروعة ولا يمكن تجاهلها، وقال "لن نتردد في مسائلة اي مسؤول سرق او بدد قوت الشعب"، داعيا المتظاهرين الى "الاستمرار بالمطالبة بحقوقهم المشروعة فالدستور العراقي ضمن حق التظاهر والمطالبة بالحقوق مع ضرورة الاخذ بنظر الاعتبار الظرف الاقتصادي الصعب للبلد".
واشار الى ان الشعب هو مصدر السلطات موضحا ان مجلس النواب سيشرع في استجواب جميع الوزراء والمسؤولين الاخرين المتهمين بالفساد و لن يتردد في مساءلة اي مسؤول سرق او بدد قوت الشعب.
وفي وقت سابق اليوم شدد السيد احمد الصافي معتمد السيستاني خلال خطبة الجمعة على ان المطلوب الان من رئيس الوزراء حيدر العبادي وهو المسؤول التنفيذي الاول في البلد ان يكون اكثر جرأة وشجاعة في خطواته الاصلاحية وان لايكتفي بالقرارات والاجراءات الثانوية التي اعلنها مؤخرا وانما اصدار قرارات مهمة واجراءات صارمة لمكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ودعا السيستاني العبادي الى الضرب بيد من حديد على كل من يعبث بأموال الشعب والعمل على الغاء جميع الامتيازات غير المقبولة التي منحت لمسؤولين سابقين وحاليين.
وشدد بالقول ان المطلوب من العبادي ايضا ان يضع القوى السياسية امام مسؤولياتها ويفضح من يعرقل مسيرة الاصلاح ايا كان وفي اي موقع كان وان يتجاوز المحاصصة الطائفية والحزبية وان يتققدم لاصلاح مؤسسات الدولة وتعيين الشخص المناسب في المكان المناسب وان لم يكن منتم لاي من احزاب السلطة الحالية وبغض النظر عن انتمائه الطائفي اوالقومي وان لايتردد في ازاحة من لا يكون في المكان المناسب وان كان مدعوما من القوى السياسية وان لا يخشى اعتراضهم.
وفور صدور موقف المرجع السيستاني، اعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي قائلا "اعلن عن التزامي الكامل بالتوجيهات القيمة للمرجعية الدينية العليا التي عبرت عن هموم الشعب العراقي وتطلعاته، واتعهد بالإعلان عن خطة شاملة للإصلاح والعمل على تنفيذها وادعو القوى السياسية الى التعاون معي في تنفيذ برنامج الاصلاح".
&
مئات الاف يتظاهرون من أجل الإصلاح&
&
وبعد ساعات من اطلاق موقف السيستاني انطلق مئات الالاف من العراقيين في بغداد ومدن العراق الاخرى في مظاهرات حاشدة مطالبين بالاصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين ومعالجة البطالة وتردي الخدمات والنقص في الكهرباء.
وشهدت ساحة التحرير وسط بغداد تجمع حشود من المواطنين رافعين الاعلام العراقية وشعارات تطالب بمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.
وذلك وسط اجراءات امنية مشددة حيث اغلقت القوات الامنية المنطقة الخضراء حيث سكن كبار المسؤولين ومقار معظم مؤسسات الدولة ورئاساتها الثلاث وعدد من السفارات الاجنبية وكذلك الجسور المؤيدة الى الساحة.
&
وفي مدينة البصرة اقصى الجنوب العراقي، تجمع الالاف من ابناء المدينة في اعتصام مفتوح امام مبنى ديوان المحافظة للمطالبة بتحسين الخدمات ومحاربة الفاسدين من المسؤولين في دوائر الدولة.
وقال احد المشاركين في الاعتصام للوكالة الوطنية العراقية للانباء "ان المعتصمين يطالبون بالغاء التعرفة الكمركية الجديدة وليس تأجيل العمل بها فقط بالاضافة الى تفعيل البنود الدستورية المتعلقة بعدم السماح للاجهزة الامنية باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين وتقديم الجناة المتورطين بدماء المتظاهر منتظر الحلفي الذي لقي مصرعه في تظاهرات المدينة الى العدالة".
واضاف أن هناك مطالبات تتعلق بالجانب الخدمي منها ضرورة اجراء اصلاحات عاجلة وسريعة في قطاع الكهرباء ووضع حد لازمة ملوحة المياه عن طريق انشاء سد في شط العرب بالاضافة الى ملاحقة الفاسدين من المسؤولين والموظفين في الدوائر الحكومية.
كما شهدت مراكز المحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات احتجاج مماثلة رفعت المطالب نفسها في اول تظاهرات واسعة بهذا الشكل منذ خروج تظاهرات عام 2011 ضد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وللاسباب نفسها.
لكن احتجاجات مدينة كربلاء شهدت اعمال عنف حين حاول المئات من المتظاهرين اقتحام مبنى مجلس المحافظة فيما قامت قوات مكافحة الشغب بمنعهم من ذلك.
وتوجه المتظاهرون نحو مبنى مجلس المحافظة في محاولة منهم لاقتحام مبنى المجلس وسط غضب عارم وتنديد بسوء الخدمات والفاسدين غير ان قوات مكافحة الشغب قامت باطلاق الرصاص المسيل للدموع وعمل جدار بشري لمنعهم من ذلك.
كتل تعرض استقالة وزراءها
وفور دعوة المرجع السيستاني اليوم للعبادي الى الضرب بيد من حديد على المفسدين وان يكون اكثر جرأة وشجاعة في تنفيذ اصلاحات حقيقية، بدأ السياسيون والنواب والقوى السياسية ركوب موجة الاصح من خلال تأكيد عمها لمطالب المرجع وتعاونها مع العبادي اضافة الى عرض قوى اخرى تقديم وزراءها لاستقالاتهم.
فقد دعت كتلة المواطن النيابية الممثلة للمجلس الاعلى الاسلامي برئاسة عمار الحكيم وزرائها الى تقديم استقالاتهم الى رئيس الوزراء حيدر العبادي كبادرة لدعم الاصلاح الذي تطالب به المرجعية الشيعية العليا.
وقالت الكتلة في بيان انها "وعلى ضوء توجيهات المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة اليوم، نعلن تمسكنا بتوجيهاتها ونؤكد على ضرورة ان تكون هذه التوجيهات منهاج عمل للحكومة ولمجلس النواب والقوى السياسية".
وشددت على ضرورة "تظافر الجهود لمحاربة وايقاف الفساد المستفحل في مؤسسات الدولة وبشكل غير مسبوق،" داعية "على رئيس الوزراء الإعلان عن مواطن الفساد وتقديم المفسدين والمتسببين لهدر المال العام الى العدالة اي كان انتمائه".
كما اكدت على ضرورة ان يكون للحكومة برنامج اصلاح واضح يضع الحلول والمعالجات ويحقق العدالة المرجوة بين أبناء الشعب العراقي، داعية وزرائها بالدرجة الاولى وبقية الوزراء الى وضع استقالاتهم تحت تصرف العبادي كبادرة لدعم الخطوات الاصلاحية.
وطالبت الكتل السياسية بدعم رئيس الوزراء في الخطوات الاصلاحية التي طالبته بها المرجعية الشيعية.
ولكتلة المواطن ثلاثة وزراء هم في النفط عادل عبد المهدي والنقل باقر جبر الزبيدي والشباب والرياضة& عبد الحسين عبطان.
ومن جهته اكد حزب الدعوة الاسلامية بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي "تاييده لتوجيهات المرجعية العليا التي جاءت عبر خطبة الجمعة اليوم ويؤكد التزامه بتنفيذ هذه التوجيهات ويدعو جميع القوى السياسية للالتزام بها واتخاذها برنامج عمل لاصلاح الاوضاع في العراق".
اما ائتلاف العراق فقد أكد دعمه وتضامنه مع التظاهرات الاحتجاجية في بغداد والمحافظات.
وقال رئيس الهيئة السياسية للائتلاف رجل الاعمال فاضل الدباس في بيان انه يراقب عن كثب الاوضع السياسية في بغداد والمحافظات ويؤمن ان التظاهرات السلمية هي بداية الطريق الصحيح الذي يحقق المطالب المشروعة للشعب العراقي ويعزز وحدته الوطنية ارضا وشعبا لان الشعب العراقي هو مصدر الحياة ومصدر السلطات وهو القادر الوحيد على رسم الطريق الصحيح الرافض للمحاصصة الطائفية والحزبية وتجذير التعايش السلمي والاجتماعي والحفاظ على الوحدة الوطنية والتمسك بالهوية العراقية.
واشار الى ان قيادات وتنظيمات وجماهير وضع كل امكاناته وما يملك تحت تصرف المتظاهرين في بغداد والمحافظات، معلنا وضع حصته في مجلس الوزراء المتمثلة بوزارة البيئة تحت تصرف المتظاهرين وتنازله عنها لهم ليختاروا من يمثلهم فيها كوزير على اساس الكفاءة والنزاهة، مؤكدا انه بذلك يتحقق مطلب يسير الا وهو كسر طوق المحاصصة الطائفية.
واشار الى انه وجه وزير البيئة قتيبة الجبوري لتقديم استقالته.
التعليقات