في 4 أيلول (سبتمبر) الجاري، سيصل العاهل السعودي إلى واشنطن للقاء الرئيس باراك أوباما، مسلحاً بمعرفة وخبرة عميقة في العلاقة الأميركية ـ السعودية. فهو يتابع هذه العلاقة عن كثب منذ ستينات القرن الماضي وزار الولايات المتحدة عدة مرات، ومن المنتظر أن تكون قمة الكبار هذه، استثنائية بكل المقاييس، نظرا إلى التحديات الاستثنائية التي تعيش على وقعها منطقة الشرق الأوسط.


خاص بإيلاف - من واشنطن: يمكن أن تكون القمة المقبلة بين العاهل السعودي الملك سلمان والرئيس الاميركي اوباما في 4 ايلول/سبتمبر حدثاً تاريخياً مثلما كان اللقاء الأول بين مؤسس المملكة الملك عبد العزيز والرئيس فرانكلين روزفلت في الأربعينات، الذي أرسى أساس العلاقة السعودية ـ الاميركية منذ ذلك الحين.

ولم يتعين قط على جميع لقاءات القمة السابقة بين الولايات المتحدة والعربية السعودية ان تتعامل مع هذا الحجم من المخاطر والأزمات التي يتعين على هذه القمة ان تتعامل معها.& فهذا اللقاء يأتي في وقت يسود الشرق الأوسط التشظي والفوضى والعنف.

الحل يمر عبر الرياض

وثمة مصلحة ترتبط بالأمن القومي لكل من العربية السعودية والولايات المتحدة إزاء الأزمات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين مقترنة بالاتفاق النووي مع ايران والحملة ضد الارهاب.

النووي وداعش على طاولة القمة السعودية الأميركية

وأصبحت ادارة اوباما تدرك ان هذه القضايا لا يمكن ان تُحل من دون العربية السعودية. يضاف الى ذلك ان الولايات المتحدة خلصت الى ان عليها ان تعزز تعاونها العسكري وتقدم اسلحة أكثر تطورا لدول مجلس التعاون الخليجي.

وستؤكد الولايات المتحدة للعاهل السعودي تنفيذ الالتزامات التي اتخذتها على عاتقها في قمة تموز/يوليو في كامب ديفيد مع قادة مجلس التعاون الخليجي. كما ستؤكد الولايات المتحدة للملك ان الوجود العسكري الأميركي في منطقة الخليج لن ينخفض بل سيزداد.

خبرة سلمان

ويأتي العاهل السعودي الى أميركا مسلحاً بمعرفة وخبرة عميقة في العلاقة الأميركية ـ السعودية. فهو يتابع هذه العلاقة عن كثب منذ ستينات القرن الماضي وزار الولايات المتحدة عدة مرات.

والأرجح ان معرفته بهذه العلاقة تفوق معرفة سابقيه.& كما يأتي للقاء اوباما من موقع قوة، ومن شأن هذا ان يدفع اوباما الى الجلوس والاستماع لآراء الملك وتحليله حول اوضاع المنطقة وسبل التعاطي مع هذه التحديات.

وينبغي ان يكون هذا اللقاء ايجابياً بين ملك ذي رؤية يعتبر مستمعاً ممتازاً ورئيس يعتبر مستمعاً كبيراً ايضاً.

ولا شك في ان اوباما سيستمع الى آراء الملك وبصيرته. فهناك قلة من القادة على الساحة الدولية اليوم لديهم معرفة الملك سلمان وبصيرته في الشرق الأوسط.

ولعل الملك سلمان هو الزعيم العربي الوحيد الذي يستمع اليه اوباما بانتباه حول قضية فلسطين، وقد يكون قادرا على اقناع الرئيس بأن يطلق عملية السلام مجددا على أقل تقدير.

وتاريخياً كان السعوديون، ابتداء بالملك عبد العزيز وابنائه فيصل وفهد وعبد الله، يقدمون طروحات قوية الى الرؤساء الاميركيين بشأن القضية الفلسطينية.

ويجب ان نتذكر ان الملك الراحل فهد قام بدور اساسي في تثقيف الرئيس كارتر بالقضية الفلسطينية.

النفوذ السعودي

ويتضافر موقع العربية السعودية الجغرافي مع كونها البلد الاسلامي الأقوى نفوذا وثروتها النفطية الهائلة لجعلها أهم بلد في المنطقة من المنظور الجيوـ سياسي والجيو ـ اقتصادي والجيو ـ بترولي، واوباما يفهم ذلك.

وكل الحديث عن كون ايران وتركيا واسرائيل الدول الأهم في الشرق الأوسط حديث باطل، لأن هذه الدول كلها لا تضاهي المملكة بأهميتها لمصلحة الأمن القومي الأميركي والاقتصاد الاميركي واستقرار الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على الحفاظ على سعر النفط عند مستوى معقول.

ورغم ارتفاع انتاج النفط الصخري تبقى السعودية القوى النفطية العظمى في العالم بحكم امداداتها الضخمة وكلفة انتاجها المتدنية. فان انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يكلف غالياً ولا يمكن ان يُستدام إذا هبط سعر النفط الى أقل من 40 دولارا للبرميل.&

قمة مصيرية

اجمالا يمكن لقمة الملك سلمان والرئيس اوباما ان تعيد بناء العلاقة الاميركية ـ السعودية لعقود قادمة وتعيد الاستقرار الى المنطقة.

ولهذا السبب يريد اوباما هذه القمة وهو يريدها ان تكون قمة ناجحة بلقاء منتج ومثمر مع الملك.

وتعتمد تركة اوباما في مجال السياسة الخارجية على نتيجة لقاء القمة. وكما ورد اعلاه فان هذا اللقاء لقاء تاريخي ويمكن ان يمهد لمشاورات اميركية ـ سعودية أفضل حول جميع القضايا السياسية، بما فيها التعاون العسكري والاقتصادي.

كما ستحقق القمة مزيدا من التنسيق في محاربة الارهاب وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش".

وأخيرا فان القمة ستؤكد مجددا التزام الولايات المتحدة بتعزيز الأمن لمجلس التعاون الخليجي ومزيد من التشاور بشأن ايران الذي كان غائباً في السنوات الثماني الماضية عندما كانت ادارة اوباما تتفاوض مع ايران دون ان تضع العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي في صورة هذه المفاوضات.