أظهر أول مؤتمر عراقي من نوعه حول ظاهرة التحرش الجنسي أن 77 بالمائة من العراقيات يتعرضن للتحرش خاصة الموظفات والطالبات، ودعا الى تغليض العقوبات القانونية ضد المتحرشين وتكثيف حملات الوعي المجتمعي حول سلبية هذه الظاهرة.
أسامة مهدي من لندن: في المؤتمر الأول عن ظاهرة التحرش في المجتمع العراقي بمشاركة قيادات نسائية ونشطاء واكاديميين ومثقفين وممثلي منظمات مجتمع مدني عقد منتدى الاعلاميات العراقيات بالتعاون مع مبادرة التضامن مع المجتمع المدني العراقي مؤتمره السنوي في بغداد اليوم حيث اطلق نتائج استبيانه الذي اجراه حول ظاهرة التحرش كاسرا بذلك حاجز الصمت حول أخطر ظاهرة اجتماعية وصفها المؤتمر بأنها جريمة العصر التي تنتهك مشاعر وأجساد 77% من النساء العراقيات اللواتي أعلن معاناتهن من ظاهرة التحرش.
انتقادات لتجاهل الظاهرة
انتقدت رئيسة منتدى الاعلاميات، نبراس المعموري، في كلمتها عدم الاهتمام الكافي بظاهرة التحرش الجنسي على المستوى الرسمي ومحاولة إنكارها، مشددة على أن هذه الظاهرة تستحق الاهتمام والعمل على نشر الوعي والتحرك لمواجهتها تشريعياً.
واوضحت انه تم توزيع الاستبيان على 300 عينة عشوائية شملت بغداد وضواحيها واستمر بها العمل على مدى 6 اشهر واظهرت ان 91% من البمحوثات قد اكدن ان العادات والتقاليد اثرت في عدم الافصاح عن حالات التحرش التي تعرضن لها، فيما قالت نسبة 98% من المبحوثات على ضرورة ايجاد قانون يعاقب المتحرش.
واظهر الاستبيان ايضا ان 79% من المبحوثات فضلن الاستمرار بالعمل رغم تعرضهن للتحرش خوفا من قطع راتبهن، فيما اشارت 35 % من البحوثات بانهن لا يفصحن عن تعرضهن للتحرش خوفا من الفضيحة و26% منهن قلن ان المجتمع لا ينصف المراة ولا يدعمها و22% منهن اوضحن ان الجاني يفلت من العقاب.
واظهرت النتيجة العامة للاستبيان ان 77% من النساء العراقيات قد تعرضن للتحرش الجنسي بينهن&57%&تعرضن لتحرش لفظي و20% لتحرش جنسي و5% منهن تعرضن للتحرش داخل البيت بينما تعرضت 7% منهن للتحرش من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فيما كانت اعلى للنسبة للنساء اللواتي تعرضن للتحرش الجنسي للاعمار 31-40 واغلبهن من الموظفات والطالبات و55% من المبحوثات تعرضن للتحرش في الشارع والسوق.
واكدت 12% من البحوثات انه ترتب على التحرش بهن اضرار جسدية. واكدت 22% من النساء اللواتي تعرضن للتحرش انه قد تم قطع رواتبهن بسبب عدم الاستجابة لرغبات المسؤول.
أعمار المتعرضات للتحرش والمتحرشين
ومن خلال ربط متغير عمر المرأة مع نسبة النساء اللواتي تعرضن للتحرش اتضح ان 36% من النساء اللواتي تعرضن للتحرش تتراوح اعمارهن بين 31و40 عاما، ونسبة 33% من النساء اللواتي تعرضن للتحرش تترواح اعمارهن بين 21 و30 عاما، فيما ظهر ان 40%& من الرجال الذين قاموا بالتحرش تتراوح اعمارهم بين 18و30 عاما و39% منهم تتراوح اعمارهم بين 31و40 عاما.
ومن خلال ربط متغير نسبة التحرش مع عمر المتحرش اتضح ان 39% ممن اقدموا على التحرش الجنسي اعمارهم تتراوح بين 31و40 عاما اما التحرش اللفظي فكانت اعلى نسبة لاعمار الرجال الذين مارسوه تترواح بين 18و30 عاما.
الاثار المضرة على النساء
حول تأثير عمليات التحرش على ضحاياها فقد اظهر الاستبيان ان 58% من المبحوثات اللواتي تعرضن للتحرش اكدن بتعرضهن لازمة نفسية و60% قلن ان اعتماد وزارة التربية الفصل بين الجنسين اثر في ارتفاع ظاهرة& التحرش، فيما اكدت 70% منهن بان الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة الفقر وعزوف الشباب عن الزواج اثر في ارتفاع ظاهرة التحرش.
واشارت 81% من المبحوثات انهن مع تغيير المناهج الدراسية لغرض التوعية والحد من ظاهرة التحرش، و69% منهن اكدن بان وجود التمييز على اساس النوع الاجتماعي في مؤسسات الدولة ادى الى ارتفاع هذه الظاهرة، بينما قالت 48% منهن بانهن تعرض لضغوطات لغرض تحقيق مكاسب لمن يرأسهن في العمل، في حين اكدت 84% على اهمية وجود الباحثة الاجتماعية في المدارس والكليات& ودوائر الدولة.
وعزت نسبة كبيرة من النساء المبحوثات تزايد حالات التحرش الجنسي الى الاوضاع الامنية وقالت 78% منهن بان تردي الاوضاع الامنية والفوضى ادى الى ارتفاع نسبة التحرش، و49% منهن أشرن الى أن النزعة الطائفية لدى البعض اثرت على ارتفاع نسبة التحرش.
شهادات حية
&
عرض المؤتمر شهادة حية مسجلة لاحدى ضحايا التحرش بالاضافة الى جلسات الاستماع لبعض ضحايا التحرش، ومن جهته اشار وكيل وزارة الثقافة فوزي الاتروشي الى أن نسبة التحرش الجنسي ترتفع بقوة في كل المجتمعات التي تتسم بالانغلاق الشديد والفصل بين الجنسين مطالبا الجميع بالتكاتف للحد من هذه الظاهرة من خلال التوعية والتثقيف، موضحا أن هذه الحوادث يُحرّم الحديث فيها وتحاط بسرية تامة وتكتم شديدين وهو أمر خاطئ حيث يجب الاعتراف بها ووضع الحلول لها.
وطالب المؤتمر في توصيات اصدرها في ورقة عمل قانونية قدمتها الدكتورة بشرى العبيدي بتعديل قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 لتجريم التحرش الجنسي لانه يضم تجريما ضعيفا وعقابا غير رادع لشكل واحد من اشكال التحرش وهو الفعل الفاضح المخل بالحياء وذلك ضمن المواد 400 الى 404.
واكد على ضرورة جعل القوانين والسياسات والممارسات الوطنية تتفق مع الالتزامات الدولية من خلال الغاء جميع التشريعات التي تتضمن تمييزا ضد المرأة وضمان أن تتفق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان.
تكثيف الحملات ضد التحرش
واعتبر المؤتمر التحرش صورة من صور العنف الاجتماعي المضر بالنساء من خلال ورقة عمل قدمتها الدكتورة& بسمة الاوقاتي لتحليل نتائج الاستبايان من الناحية الاجتماعية حيث اشارت الى أن هناك عددا من الأثار النفسية التي تصاب بها ضحايا التحرش مشددة على اهمية تكثيف الحملات التي تبحث في هذه الظاهرة الخطيرة والالتزام بالصراحة والشفافية والتثقيف والتوعية عبر وسائل الإعلام وفي المدارس والجامعات وتوفير خطوط ساخنة مع المختصين النفسيين لمساعدة الضحايا لتجاوز الآثار النفسية والعصبية للتحرش، اضافة الى مساعدة ضحايا العنف الأسري والحد من ثقافة الفصل بين الجنسين في المدارس، والتأكيد على ضرورة الحد من البطالة والفقر وعزوف الشباب عن الزواج من خلال تبني الحكومة لاستراتيجية اقتصادية ناجحة.
اما رئيسة لجنة المرأة في وزارة الثقافة تضامن عبدالمحسن فقد اكدت ان ظاهرة التحرش تفاقمت بسبب غياب القوانين الرادعة والعقوبات اضافة الى قلة الوعي المجتمعي في سلبية هذه الظاهرة واشارت باصابع الاتهام الى وزارة المرأة التي تشكلت منذ عشر سنوات ولم تسن اي قانون يحمي المرأة.
العراق ثاني دولة في نسبة التحرش الجنسي
يذكر ان العراق يعتبر ثاني دولة في العالم بنسبة التحرش حسبما خلصت اليه الاحصائية التي قدمها منتدى الاعلاميات العراقيات.
وقد تجاوز عدد النساء الارامل والمطلقات في العراق المليون امرأة فيما يقدر عدد النساء النازحات من مناطق المواجهات العسكرية مع تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" بحوالي المليون ونصف المليون امرأة يعشن اوضاعا صعبة في اماكن نزوحهن.
وفي آخر احصاء اعلنته وزارة التخطيط العراقية في 25 من الشهر الماضي فقد اشارت الى ان عدد سكان العراق العام الماضي 2014 قد بلغ 36 مليون نسمة شكل الذكور نسبة 51 في المائة اذ بلغ عددهم 18.319 مليون نسمة فيما كانت نسبة الاناث 49 في المائة بعدد 17.685 مليون نسمة.
التعليقات