سبق للنائبة اليسارية الالمانية سارة فاغنكنيشت أن اتهمت أميركا وحلفاءها بدعم داعش بشكل غير مباشر. وهي تطالب أميركا اليوم بتحمل المسؤولية المالية والأخلاقية تجاه موجات اللاجئين إلى أوروبا.

رفعت سارة فاغنكنيشت وزميلها ديتمار بارش، نائبا رئيس كتلة حزب اليسار الألماني، رسالة إلى الحكومة الألمانية تدعوها إلى مطالبة الولايات المتحدة بتحمل قسطها من المسؤوليتين الاخلاقية والمالية عن استقبال وايواء موجات اللاجئين القادمة إلى أوروبا عبر المتوسط.

وطرحت فاغنكنيشت المذكرة في اجتماع كتلة حزب اليسار في البرلمان الألماني، بهدف رفع المذكرة إلى المستشارة انجيلا ميركل باسم حزب اليسار، إذ من المنتظر أن يعقد التحالف الحكومي بين الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي لوضع سياسة مشتركة تجاه الموقف الأوروبي من اللاجئين.
&
مكافحة الأسباب
&
وتتهم المذكرة الولايات المتحدة بتحمل المسؤولية عن السياسة التي أدت إلى زعزعة أمن المنطقة، وأدت إلى تمكين الميليشيات الإرهابية من فرض وجودها، وأطلقت بالتالي موجات اللاجئين من المنطقة إلى أوروبا. وقالت: "ان عصابات اجرامية مثل الدولة الإسلامية تم دعمها بالمال والسلاح، واستخدمت أيضًا، بشكل غير مباشر، ومن قبل دول حليفة لألمانيا، وهو ما عرّض الملايين من سكان المنطقة للحروب الأهلية".
&
أضافت المذكرة: "لو أن الحكومة الألمانية تتمتع بشيء من الشجاعة لطالبت الولايات المتحدة باعتبارها المسبب الرئيس لمأساة اللاجئين، بتحمل قسطها من كلفة ايوائهم".
&
وطالبت فاغنكنيشت الحكومة الألمانية بوقف صادرات السلاح إلى المناطق الملتهبة. ومعروف أن الحكومات الألمانية المتتالية، منذ هيلموت شميدت، تعتمد سياسة وقف صادرات السلاح إلى مناطق النزاعات.
&
إلى ذلك، طالبت المذكرة ألمانيا بمكافحة أسباب الهجرة في البلدان المصدرة لها عن طريق المساهمة في بناء وتطوير اقتصاديات هذه البلدان. ورأت مذكرة حزب اليسار أن ترفع ألمانيا حصتها المالية في برنامج التغذية التابع للأمم المتحدة، وأن ترفع نسبة المساعدات المخصصة للتنمية في البلدان الفقيرة إلى 0,7% من إجمالي الناتج القومي الألماني.
&
قوة عظمى تتوارى
&
تحت هذا العنون كتب سيفيرين فايلاند في مجلة "دير شبيغل" محملًا الولايات المتحدة المسؤولية غير المباشرة عن موجات اللاجئين المتوجهة إلى أوروبا عمومًا، وإلى ألمانيا خصوصًا. وواقع الحال أن الصحافة الألمانية أثارت العديد من التساؤلات حول موقف الرئيس الاميركي باراك اوباما، الذي امتدح موقف انجيلا ميركل الإنساني من اللاجئين، ولم يتطرق إلى دور بلاده في تقديم العون لأوروبا. وكتب فايلاند أن مشكلة اللاجئين ليست مشكلة ألمانية، كما قال رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور اوربان، وإنما مشكلة أطلسية (تتعلق بحلف شمال الأطلسي).
&
واعتبر الكاتب، إذا صحت إحصائيات صحيفة غارديان البريطانية، عن استبقال الولايات المتحدة& 1500 لاجئ سوري في العام 2011،"نكتة"، لأن مدينة برلين بمفردها استقبلت 1500 لاجئ سوري في شهر تموز (يوليو) الماضي.&
&
وتشي كافة المعطيات حول السياسة الخارجية الاميركية بأن القضية الأساسية بالنسبة لهم هي ليست استقبال واسكان اللاجئين السوريين، وإنما استقرار سوريا. وهذا جيد، بحسب رأي الكاتب، لكنه لا يعدو كونه موقفًا نظريًا، لأن سكان سوريا تولوا الموقف العملي بأنفسهم، لأنهم فقدوا الأمل وصاروا يغادرون البلد.
&
إتهم الكاتب الولايات المتحدة بتقديم نفسها "كبش فداء" وليس مسببًا للمأساة، واستشهد بتصريح جوش ارنست، المتحدث الصحافي للبيت الأبيض، الذي قال إن أوروبا تملك المقومات الكافية لاحتواء مسألة اللاجئين. وبحسب فايلاند، من يتحدث بهذه اللهجة يتعارض مع مبدأ التضامن الديمقراطي بين بلدان الأطلسي.
&
قائمة حساب متأخرة
&
من ناحيته، وصف ميشائيل لودرز، الخبير الألماني المعروف بشؤون الشرق الأوسط، موجات اللاجئين تجاه أوروبا بأنها قائمة حساب متأخرة لسياسة التدخل الاميركي في شؤون المنطقة، وفي العراق كمثل. وقال لودرز لاذاعة "دويتشلاندزفونك": "الولايات المتحدة مسؤولة عن الأزمات في الشرق الأوسط".
&
وذكر أن الأوروبيين يتحملون قسطًا من المسؤولية لأنهم لا يمتلكون سياسة خاصة بهم تجاه الشرق الأوسط، وغالبًا ما تكون سياساتهم تابعة للموقف الاميركي.
&
وأضاف: "كان الأحرى بالأوروبيين أن يقولوا لا لحرب إردوغان ضد حزب العمال الكردستاني، لكنهم لم يفعلوا ذلك".
&
لا أحد يعرف، بحسب رأي الخبير، ماذا سيحصل في العراق وسوريا، والمنطقة ككل، خلال السنوات القادمة، لكن الثابت هو أن المآسي الانسانية ستتواصل. ولا بد للأوروبيين من الضغط على الولايات المتحدة كي تتحمل قسطها من المسؤولية.