طالبت مجلة الطبيب الألماني بتحسين الرعاية الصحية للاجئين السوريين، وتستشهد بدراسة هولندية تقول إن استعداد اللاجئين للانتحار يزيد 10 مرات عن المعدل الطبيعي.

وجدت مجلة الطبيب الألماني (ارتزته بلاتر) من واجبها، بمناسبة 10 أيلول (سبتمبر) اليوم العالمي للوقاية من الانتحار، مطالبة السلطات الألمانية بتحسين الخدمات الطبية للاجئين الذين يجرى تجميعهم في القاعات الرياضية والمخيمات التي اقيمت على عجل. ونقلت المجلة تحذير الجمعية الألمانية للوقاية من الانتحار من انتشار الأمراض النفسية وصدمات ما بعد الحروب والكوارث بين اللاجئين، وبين الأطفال على وجه الخصوص.
&
أمراض اللاجئين
&
وكانت مريام شولر- اوساك، رئيسة الأطباء في مستشفى شاريتيه برلين، والمختصة في أمراض الهجرة، قد عبرت عن أسفها، في مؤتمر صحافي، من عدم وجود دراسات علمية في ألمانيا حول أمراض اللاجئين، ومدى انتشار النزوع نحو الانتحار بينهم. واستشهدت الطبيبة بدراسة هولندية أجريت في العام 2011 وتثبت أن استعداد اللاجئ للانتحار في المنفى يعادل 10 أضعاف نزوع مواطنه المقيم في وطنه.
&
ويعاني الكثير من اللاجئين، بحسب شولر-اوساك، عضو الهيئة العليا لنقابة الأطباء النفسيين الألمان، من صدمات الحروب والحروب الأهلية في بلدانهم، تضاف إليها مآسي ومخاطر اجتياز البحار والحدود بالقوارب، والترهيب الذي يتعرضون إليه من قبل مهربي البشر. يضاف إلى ذلك، بعد وصولهم إلى ألمانيا، فقدان الهوية والهوية الثقافية، فقدان الأهل والاصدقاء، التطلع إلى المجهول، وانبثاق مشاكل اللغة وتعليم الأطفال والعيش في المخيمات.
&
وفي حين تعاني النساء من الاضطهاد والتعرض للتحرش أو الاغتصاب، ويحاولن التغلب على هذه الذكريات، ينحو الذكور نحو اكتئاب قد يقود إلى الانتحار. فنسبة الانتحار بين اللاجئين الذكور أكثر بكثير منها بين النساء، بحسب الدراسة الهولندية المذكورة.
&
مخاطر سوء المعاملة&
&
وتنقل الطبيبة عن الدراسة الهولندية أن الاقامة الموقتة في المخيمات، وضعف الرعاية الصحية، وخصوصًا النفسية، ثم التنقل الدائم بين المخيمات، والاستجواب أثناء معاملة تقديم اللجوء، والعيش الجماعي مع الآخرين دون حرية شخصية، والشعور بالعزلة والتوحد، عوامل تشكل ضغوطًا نفسية إضافية تزيد من مخاطر الانتحار بين اللاجئين.
&
وترتفع هذه المخاطر بين اللاجئين الذين سبق لهم أن عاشوا رعاية اجتماعية وصحية مناسبة في بلدانهم، لأن وقع الحالة عليهم يكون شديدًا. والمشكلة هي أن الأطباء الذين يتبرعون للمساعدة في المخيمات، هم من غير المختصين بالأمراض النفسية، وغالبًا ما يشخصون حالات صدمة ما بعد الحروب باعتبارها مجرد "اكتئاب" أو اضطراب نفسي موقت. وتزداد الحالة سوءًا حينما يعمل الطبيب في المخيمات دون مترجمين، أو بوجود مترجمين ضعيفي الخبرة في الحالات الطبية.&
&
وطالبت شولر السلطات الألمانية باقامة وحدات طبية كاملة، يعمل فيها أيضًا أطباء متخصصون بعلم النفس، في المخيمات، بدلًا من زيارات الأطباء المبرمجة. ودعت إلى التعاون بين مراكز الرعاية الاجتماعية والنسائية مع الوحدات الطبية بهدف تشخيص المعانيات والمعانين من صدمات الحروب.
&
اضطرابات نفسية
&
في معسكر سابق للجيش الألماني قرب العاصمة البافارية ميونخ، حيث يعيش آلاف السوريين، توصلت دراسة طبية إلى أن ثلث هؤلاء الأطفال يعانون من اضطرابات نفسية سببها الحرب ومآسيها. شملت الدراسة 100 طفل، وظهر أن 20% منهم يعانون اضطرابات ما بعد الصدمة.
&
وقال البروفيسور فولكر مال، المختص في التربية الاجتماعية من جامعة ميونخ التقنية،إن فحص الأطفال تم باللهجة السورية بمساهمة أطباء سوريين يقيمون في ألمانيا. وتم فحص كل طفل مرتين، ولمدة ساعتين في كل مرة، وباللهجة التي يتقنها الأطفال. واعتبر البروفيسور معالجة حالة صدمة ما بعد الحروب بين الأطفال السوريين "تحديًا" علميًا.
&
وكشفت الدراسة أن أطفال اللاجئين السوريين يعانون أيضًا أمراضًا جسدية أكثر من الأطفال الألمان. وذكر مال أن تنخر الأسنان، وعدم تلقي الاطفال لقاحات ضد الأمراض المعدية، اضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي والمعوي، كانت هي الأمراض السائدة.
&
وطريقة استقبال اللاجئين واسكانهم ورعايتهم هي عوامل مرضية اضافية بالنسبة للبروفيسور فولكر مال. وقال إن ألمانيا تفتقد إلى"هياكل" لاستقبال اللاجئين، وأن أكبر المشاكل هي بقاء الأطفال في المخيمات"الموقتة"، قبل انتقالهم إلى مساكن ثابتة، اذ ثبت أن فترة الاقامة الموقتة في المخيمات تدوم لفترة 200 يوم كمعدل. وطالب مال بتوجيه عناية فائقة لرعاية العائلات التي قدمت مع اطفالها، ومنحهم أولوية الرعاية الطبية والسكن.
&
41 ألف قاصر
&
تواجه المانيا حاليًا مشكلة وصول آلاف القاصرين، تحت سن 18 سنة، بمفردهم إلى ألمانيا. وهم أطفال عاشوا الحرب في بلدانهم، وواجهوا الموت في قوارب اللاجئين، ومن المحتمل أن ذويهم يرسلونهم بمفردهم بسبب قصر ذات اليد وانقاذًا لهم من مصير مؤلم.
&
وتشير دانوتا زاخر، من منظمة "وطن الإنسان"،إلى وصول أكثر من 10 آلاف قاصر إلى ألمانيا، دون مرافقة ذويهم، في العام السابق، وتتوقع أن يتضاعف هذا الرقم في العام الجاري. هناك 41 قاصرًا ينتظرون أن تقرر السلطات الألمانية حول وضعهم، مع الاشارة إلى أكثر من 25 ألفًا منهم، وصلوا في السنوات السابقة، وما زالت اقاماتهم غير محسومة في ألمانيا.
&
بين هؤلاء آلاف الأطفال الذين جندوا في الحروب الأهلية في أفريقيا، مع مئات من الأطفال، من الجنسين، ممن تعرضوا للاغتصاب من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، بحسب رئيسة المنظمة بربا كوبرز. ولا يجد الأطباء علاجًا لكل هذه الحالات، ويبقى الكثير من القاصرين يعانون من الصدمة، لكن الكثير منهم يتحسن حال دخوله المدرسة واختلاطه بالآخرين، واستقرار حياته.
&
800 طبيب&
&
وجهت نقابة الأطباء شكرها إلى أكثر من 800 طبيب ألماني من برلين سجلوا استعدادهم لتقديم الرعاية الطبية للاجئين مجانًا. واضطرت بلدية العاصمة البرلينية للاعتذار من الأطباء الذين سوف لن تستجيب إلى طلباتهم بسبب وجود ما يكفي من الأطباء المتطوعين.
&
وكانت نقابة الأطباء في تموز (يوليو) الماضي انتقدت أعضاءها بسبب ضعف عدد المتطوعين منهم للمساعدة في تقديم الرعاية اللازمة للاجئين.
&
وكانت "وكالة الحقوق الرئيسية"، التابعة للاتحاد الأوروبي، أجرت دراسة تثبت أن تقديم الرعاية الطبية للاجئين عند قدومهم سيقلص تكاليف رعايتهم بعد استقرارهم. ويمكن للرعاية الطبية الجيدة في البداية أن تقتصد بنسبة 9% من كلفة الرعاية بعد مرور سنة على وجود اللاجئ في أوروبا، ثم تقفز إلى 13% بعد خمس سنين من استقراره.
&