فيما تتجدد الاحتجاجات الشعبية في بغداد و10 محافظات عراقية أخرى مساء اليوم للأسبوع السابع على التوالي، فقد أعلنت ميليشيات شيعية ومنظمات واجهية لها انسحابها من التظاهرات، التي تنطلق أيام الجمعة، بسبب ما قالت إنه تدخل للسفارة الأميركية في شؤونها، وتلقي قادتها أموالًا من جهات خارجية.


أسامة مهدي: طالبت كتائب حزب الله جميع من أسمتهم "محبي وأنصار المقاومة الإسلامية" بتعليق التظاهر حتى إشعار آخر، مدّعية أن جهات عديدة تحاول حرف التظاهرات. وقال المتحدث العسكري لكتائب حزب الله جعفر الحسيني في بيان صحافي إطلعت على نصه "إيلاف" إننا كنا أعلنا من قبل "عن دخول السفارة الأميركية وبعض السفارات الأخرى على ساحات التظاهر". وأضاف أن جهات عديدة تحاول حرف التظاهرات بما يتناسب وأجنداتها الخاصة، والتي تريد إيصال العراق إلى حالة التقسيم والفوضى.

وأوضح أن قرار تعليق التظاهر جاء بناءً على معلومات مؤكدة على وجود مخطط لاستهداف المتظاهرين لخلق فتنة، بحسب قوله. وبالتزامن مع ذلك فقد قرر الحشد المدني الذي يوصف بأنه التوأم للحشد الشعبي الذي يضم ميليشيات شيعية تعليق مشاركته في تظاهرات الاحتجاج حتى إشعار آخر، بذريعة ما قال إنه دعم خارجي يحصل عليه قادة التظاهرات. وقال المتحدث باسم الهيئة التنظيمية للحشد المدني خضير اللامي خلال مؤتمر صحافي في بغداد مساء أمس إن بعض قادة التظاهرات يتلقون دعمًا ماليًا من جهات خارجية، ومصرّون على عدم الاتفاق على مطالب محددة وعلى رفع شعارات مسيئة إلى الإسلام.

مخاوف من استهداف المحتجين
لكن ناشطًا عراقيًا شكك في الأسباب التي طرحتها هذه الميليشيات المسلحة ومؤيدوها للانسحاب من تظاهرات الاحتجاج، عازيًا السبب إلى إصرار المتظاهرين على محاسبة رؤوس الفساد، يتقدمهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي يحمّلونه مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية التي يشهدها العراق حاليًا ومهاجمتهم لبعض رجال الدين المتهمين بالفساد.

وأضاف الناشط الذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع في اتصال هاتفي من بغداد مع "إيلاف" أنه يبدو أيضًا ان اصرار المحتجين على إقالة ومحاسبة رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود المتهم بالفساد ووضع القضاء في خدمة اجندات المالكي لمحاربة خصومه السياسيين خلال فترة حكمه التي استمرت 8 سنوات بين عامي 2006 و2014 هو سبب آخر لترك الاحتجاجات لإضعافها، خاصة وان معظم هذه الميليشيات تدين بالولاء للمالكي، الذي كان وراء تشكيلها بدعم مالي وتسليحي ايراني.

وعبّر الناشط عن خشيته من تصاعد عمليات استهداف الميليشيات للمحتجين بعد الاتهامات الخطيرة التي وجّهتها إليهم والتي تعني الخيانة العظمى.. موضحا ان هذه تهمة قد تختفي وراءها الميليشيات لشن عمليات قتل وانتقام واسعة تستهدف المتظاهرين في عموم المحافظات التي ينظمون حراكهم الشعبي فيها. يذكر ان الميليشيات المسلحة سعت منذ بداية انطلاق الاحتجاجات الى حرفها عن اهدافها المطلبية الاساسية، ولما فشلت في ذلك لجأت الى عمليات اغتيال وتهديد للناشطين، حيث تم لحد الآن قتل 10 منهم في بغداد والبصرة وذي قار وبابل.
&
المحتجون مصرون على الاستمرار
من جهته قال أحد قادة الاحتجاجات جاسم الحلفي ان الفاسدين طلقاء والخدمات مفقودة والإصلاح الذي نعنيه يتعثر.. سنكون عصر يوم الجمعة 11 أيلول في ساحة التحرير (وسط بغداد).

واضاف الحلفي في تغريدة له على شبكة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" واطلعت عليها "إيلاف" قائلا "اجزم ان كبار الفاسدين لا يزالون يحتفظون بكامل إمكانياتهم وقدراتهم وطاقاتهم، ولم تهزهم لغاية الان حركة الاحتجاج، ولم تمسهم حزم (الإصلاحات) الحكومية، لذا فإنه لا نجاح لحركة الاصلاح من دون الإطاحة برؤوس الفساد ولا إصلاحات إن لم تسترجع أموال العراق التي نهبت".

واكد ان إصلاح النظام السياسي وتخليصه من الطائفية والفساد معاً هو المدخل السليم نحو محاصرة كبار رؤوس الفساد ووضعهم أمام القضاء العادل.. وكذلك لا يمكن محاسبة الفاسدين في ظل قضاء خاضع لابتزاز المتنفذين قضاء لا يستثمر استقلاليته التي منحها له الدستور كي يقول كلمته واضحة شجاعة وبقوة في وجه رموز الطائفية والفساد.

وأوضح ان الأساس في إصلاح النظام السياسي يكمن في إصلاح السلطة القضائية وتخليصها من الفساد والخضوع لرأس السلطة التنفيذية وحمايتها من ابتزاز الطائفية السياسية سواء لجأ الطائفيون الى مغازلة القضاء بمعسول الكلام الناعم او بإشهار المخالب الجارحة.

وشدد على ان مطلب الدولة المدنية الذي يتم ترديده بكثرة في معظم المحافظات فهو ليس رفضًا للدين، كما يحلو لمناهضي التظاهرات تصويره، ولا من يرفعه يعتقد ان الدولة الحالية هي دولة دينية، وانما هو رد فعل على المشاريع الطائفية، التي قسمت الشعب العراقي إلى ولاءات فرعية وطوائف، وأضعفت نسيج الشعب العراقي، وأوهنت قواه، فمطلب الدولة المدنية يعني في ما يعنيه دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.. دولة المؤسسات الدستورية، .. دولة القانون والعدالة والإنصاف.

جاء إعلان الميليشيات عن انسحابها من الاحتجاجات بعد ساعات من إعلان ناشطي التظاهرات خلال مؤتمر صحافي في ساحة التحرير الاستمرار في حراكهم ضد ما أسموها المماطلة والتسويف التي يقوم بها البرلمان والحكومة في تنفيذ مطالب الجماهير في مواجهة حقيقية للفساد وضرب رؤوسه الكبيرة.

وأكد الناشطون في بيان خلال المؤتمر الصحافي القاه أحد منظمي التظاهرات أحمد عبد الحسين انهم "مستمرون حتى تحقيق مطالبهم المشروعة".. واشاروا الى انه قد "مرت 6 أسابيع على انطلاق التظاهرات الاحتجاجية السلمية في بغداد والمحافظات من دون استجابة حقيقية لمطالب المتظاهرين المشروعة في إصلاح النظام ومحاسبة الفاسدين وتقديم الخدمات".

وينتظر ان تتجدد تظاهرات الاحتجاج في العاصمة العراقية ومدن اخرى في الوسط والجنوب مساء اليوم الجمعة للاسبوع السابع على التوالي للمطالبة بإجراءات حقيقية لمكافحة الفساد وتوفير الخدمات الاساسية، داعية الى تحديد سقف زمني لانجاز الاصلاحات السياسية والادارية التي تنفذها الحكومة.

والاربعاء الماضي، وضمن حزم الاصلاحات التي دأب العبادي على اعلانها منذ التاسع من الشهر الماضي، فقد قرر اعفاء 123 وكيل وزارة ومديرا عاما من مناصبهم واحالتهم على التقاعد. من جانبها وجهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء امس الوزارات والمحافظات والجهات الحكومية كافة العمل بقرار مجلس الوزراء بشأن تخفيض الرواتب والرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والوزراء الوكلاء ومن بدرجتهم والمستشارين والمديرين العامين ومن بدرجتهم، مؤكدة تطبيقه بدءا من الاول من الشهر الحالي ايلول (سبتمبر).&&

يذكر انه ضمن حملة الاصلاحات التي اعلنها العبادي أخيرا فقد قرر في اواخر الشهر الماضي تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلا من 33 عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعا فقط.

وكانت الحكومة اقرت في التاسع من الشهر الماضي حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وترهل مؤسسات الدولة، ووافق عليها البرلمان بعد يومين، مرفقا اياها بحزمة اصلاحات اضافية مكملة.

اتت هذه الخطوات الاصلاحية بعد اسابيع من التظاهرات في بغداد ومناطق عراقية عدة، طالب خلالها المحتجون بتحسين الخدمات، لا سيما المياه والكهرباء ومكافحة الفساد ومحاسبة المقصرين. وتلقى هذه المطالب دعمًا مهمًا من المرجعية الشيعية العليا بدعوتها العبادي إلى أن يكون اكثر جرأة وشجاعة ضد الفساد.
&

&


&