مرة أخرى، تثير مجلة شارلي ايبدو الفرنسية زوبعة، لكن هذه المرة ليس في العالمين العربي والاسلامي فحسب، بل في أوروبا أيضا، فقد سخرت المجلة التي كانت ضحية للإرهاب، من الطفل السوري إيلان الذي كان أيضا ضحية الارهاب.


ميسون أبو الحب: مرة اخرى تثير مجلة شارلي ايبدو الفرنسية الساخرة لغطا حولها بعد نشرها رسومات كاريكاتيرية تمحورت حول الطفل السوري إيلان الذي لفظته مياه البحر على ساحل تركيا بعد انقلاب قارب كان فيه مع اسرته ففقد حياته غرقا مع امه واخيه ولم ينج من هذه الحادثة غير ابيه.

رأى البعض ان رسومات شارلي ايبدو فضائحية تماما ومدعاة للاستهجان والاستنكار وظهر رد الفعل السلبي هذا اكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اكد الكثيرون ان هذه الرسوم الكاريكاتيرية لا تدعو الى الضحك ولا حتى الى الابتسام.

وأطلق البعض هاشتاغ "انا لست شارلي" بعد ان كانت في السابق "هاشتاغ انا شارلي" التي جاءت تعاطفا مع المجلة إثر الهجوم الذي تعرضت له في السابع من كانون الثاني من عام ٢٠١٥ وفقد فيه ١٢ شخصا من العاملين فيها حياتهم.

الرسوم

الرسم الاول الذي خرجت به المجلة يظهر السيد المسيح وهو يقف فوق الماء فيما يظهر الجزء الاسفل من ساقي الطفل السوري فوق الماء وبقية جسده داخله موحيا بحالة غرق.

ونقرأ على الرسم "المسيحيون يسيرون فوق الماء والمسلمون يغرقون". ونقرأ ايضا عبارة: "الدليل على ان اوروبا مسيحية".

المجلة نشرت رسما آخر يظهر فيه جسد الطفل إيلان مرميا على ساحل البحر وخلفه لوحة إعلانية لماكدونالد كتب عليها "وجبتان للأطفال بسعر وجبة واحدة" ونقرأ على الرسم ايضا عبارة "قاب قوسين او ادنى من الهدف".

رسم ثالث يتعلق بفرنسا نفسها حيث يظهر جان ماري لوبين اليميني المناوئ للمهاجرين، واقفا الى جانب جثة إيلان ويقول "الوان ملابس الطفل ازرق ابيض واحمر".

وجان ماري لوبين كان زعيم الجبهة الوطنية ثم طردته ابنته مارين لوبين منها بعد اخذ الزعامة منه ما دفعه الى انشاء حزب جديد اطلق عليه اسم "ازرق ابيض احمر" وهي الوان العلم الفرنسي.

رسم آخر في المجلة يشاهد فيه رجل فرنسي يجلس في مقعده ويحتسي الجعة ويمد ساقيه على ظهر مهاجر جاث على ذراعيه وركبتيه وكأنه طاولة ونقرأ عبارة تقول "اهلا بالمهاجرين، اعتبر نفسك في بيتك".

دعوى قضائية ضد المجلة

هذه الطريقة في السخرية ربما لم تثر الكثير من الغضب والامتعاض داخل فرنسا التي اعتادت على مثلها ولكن المسألة مختلفة في الخارج وخاصة في الدول الانكلوسكسونية حيث نشرت صحف بريطانية واميركية تعليقات عديدة انتقدت فيها الرسومات بشدة.

في هذه الاثناء تنوي منظمة بريطانية رفع دعوى على المجلة لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة "التحريض على الكراهية العنصرية" وتنوي جرها الى المحاكم.

المحامي بيتر هيربرت، عضو المنظمة التي تضم محامين واسمها "المحامون السود" وتركز جهودها، منذ تأسيسها في عام ١٩٦٩على مكافحة التمييز في بريطانيا، كتب على تويتر يقول إن المنظمة تنوي رفع دعوى على المجلة بالفعل.

وفي فرنسا أيد المتحدث الرسمي السابق باسم التجمع ضد الاسلاموفوبيا في فرنسا، المحامي مروان محمد هذا التوجه وقال "علينا أن نشجع المزاح والسخرية ولكن السخرية من وفاة طفل بهذه الطريقة البشعة امر غير مقبول على الاطلاق. ماذا لو سخرنا من الهولوكوست ومن حروب الابادة". ثم دعا مروان الى عدم الكيل بمكيالين.

المجلة تدافع عن نفسها

مدير المجلة (لورون سوريسو) الذي يستخدم اسم ريس، اوضح ان الرسومات أرادت انتقاد ظاهرة النفاق المنتشرة بين قادة اوروبا وشعوبها، حسب قوله، كما ارادت ان تسخر من تصريح لرئيس وزراء هنغاريا فكتور اوربان عندما قال "إن دفق اللاجئين المسلمين من الشرق الاوسط يهدد الجهود الهادفة الى الحفاظ على اوروبا مسيحية". ريس اضاف انه اراد انتقاد صيغة من المسيحية مجردة من انسانيتها.

آخرون في المجلة قالوا إن الرسم الذي يظهر لوحة ماكدونالد يهدف الى السخرية من الطريقة التي يتم بها تسويق صورة اوروبا في الخارج وليس السخرية من موت عيلان.

وقال آخرون إن البعض اساء فهم الرسومات تماما.