يضع العالم نصب عينيه أهدافًا جديدة للتنمية المستدامة ليحققها في الـ15 عامًا المقبلة، بينها دعم الحصول على التعليم والصحة، وتعزيز دور المرأة، وضمان المساواة بين الجنسين.


ساره الشمالي من دبي: تعهد زعماء العالم العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها رسميًا الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة، في مواجهة قضايا الفقر وعدم المساواة والتغير المناخي وتعزيز السلم في الـ 15 عامًا المقبلة، متبنية في خلال الجلسة الافتتاحية لقمة التنمية المستدامة دعم الحصول على التعليم والصحة، وتعزيز دور المرأة، وضمان المساواة بين الجنسين، ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وتوفير مصادر الطاقة الآمنة، وإيجاد فرص عمل، وتأهيل البنى التحتية، وتخفيض حماية موارد البحار وحسن استخدامها بصورة تتسم بالكفاءة.

يشارك في هذه القمة نحو 150 من قادة العالم، والتي تستمر حتى 3 تشرين الأول (أكتوبر)، يبحثون في إقرار خطة للتنمية المستدامة لما بعد 2015، تحل محل خطة "أهداف تنمية الألفية" التي أقرّتها الأمم المتحدة في عام 2000، لمدة 15 عامًا تنتهي هذا العام.
&
أهداف جديدة
ووصف بان كي مون، أمين عام الأمم المتحدة، اعتماد هذه الأهداف بأنه لحظة حاسمة في تاريخ البشرية، قائلًا: "إنها أجندة للناس من أجل القضاء على الفقر بجميع أشكاله، بل هي جدول أعمال لكوكب الأرض، ولتقاسم الرخاء والسلام والشراكة، يعكس الحاجة الملحّة إلى العمل المناخي، ويتجذر في المساواة بين الجنسين واحترام حقوق الجميع".

أضاف بان كي مون في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لقمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الجمعة: "خطة عمل 2030 تدعو إلى العمل انطلاقًا من رؤية مستقبلية طويلة المدى، وتدعو إلى التوصل إلى اتفاق شامل بشأن التغيرات المناخية، الأمر الذي صار في صلب الخطط التنموية الوطنية للكثير من البلدان، وأدعو إلى إشراك المجتمع المدني في رسم السياسات وتنفيذها".

وشدد على أن الأمر العاجل والملحّ في الوقت الحاضر هو الإتفاق حول إجراءات بشأن تغير المناخ تتخذ في مؤتمر باريس، الذي سيعقد في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة ملتزمة مساندة جهود الدول الأعضاء في هذا الإتجاه.
&
البحرين تترأس
واليوم، ترأس وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة جلسة أعمال مؤتمر قمة الأمم المتحدة لاعتماد خطة التنمية لما بعد عام 2015، والتي اعتمدت في يومها الأول رسميًا خطة طموحة للتنمية المستدامة ستكون محور اهتمام المجتمع الدولي والحكومات خلال السنوات الـ15 المقبلة، من خلال القضاء على الفقر وتوفير الأمن الغذائي وضمان الصحة الجيدة والتعليم المنصف وتعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام.

خلال الجلسة، ألقت وزيرة التنمية الاجتماعية فائقة بنت سعيد الصالح كلمة مملكة البحرين أمام القمة، مستعرضة جهود المملكة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة، مؤكدة أن وجود خطة استراتيجية تنموية شاملة ونهج إصلاحي على جميع الصعد مكّن المملكة من تنفيذ معظم أهداف أجندة الألفية لعام 2015 في مجالات الصحة والتعليم ورعاية الطفولة والفقر ومحو الأمية وتعزيز دور المرأة وتفعيل دور الشباب ودعم المساواة بين الجنسين ونشر مفاهيم حقوق الإنسان واحترامها.

وأشارت إلى أن البحرين مستمرة في وضع الخطط والبرامج لضمان مواصلة تنفيذ الأهداف المستدامة للتنمية لما بعد 2015 بأبعادها الثلاثة، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ ستحتضن البحرين المؤتمر الوزاري حول تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في الدول العربية يومي 6 و7 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، ضمن جهود المملكة في استضافة العديد من الاجتماعات الدولية والإقليمية لدفع عجلة التنمية المستدامة، ولتكون مملكة البحرين من أوائل الدول التي تنظم مؤتمرًا لمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة التي ستعتمد خلال هذه القمة.
&
مؤشرات جيدة
في الحفل الافتتاحي، قال لارس راسموسين، رئيس وزراء الدانمارك، إن بلاده التزمت بنسبة 7 في المئة من إجمالي ناتجها الداخلي للمساعدات الإنمائية للدول الأقل فقرًا، وتعمل على توفير بيئة خضراء تساعد على مواجهة التغيرات المناخية، "وخطة التنمية الجديدة رسمت رؤيتنا لما نريد أن نرى عليه العالم عام 2030".

وقال الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، الرئيس المشارك لقمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015، إن هناك مؤشرات جيدة إلى القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وتغير حياة الانسانية إلى الأفضل.

أضاف: "أهداف التنمية المستدامة الـ 17 تعالج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئة، وتراعي إنجاز ما لم يتحقق في إطار أهداف الألفية من أجل التنمية، وتربط التنمية باحترام حقوق الإنسان والتزام المعايير البيئية، ويجب العمل على ضمان تنفيذ خطة التنمية المستدامة لما بعد عام 2015 على أرض الواقع لتحقيق مصالح شعوبنا ودولنا، وتعبئة الموارد اللازمة لذلك، وتحسين مشاركة القطاع الخاص والأطراف الأخرى في تحقيق التنمية المستدامة".
&
نفي بوعودنا
قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن تحقيق التغيير في العالم أمر متاح، "وقد تعهدنا القضاء على الفقر قبل عام 2030، وقطعنا منتصف الطريق بشأن القضاء على الفقر المدقع، ونصبو بالفعل إلى تغيير العالم، وجعله أكثر إنسانية، من خلال أدوات متاحة للدول المتقدمة والنامية عبر شراكة عالمية جديدة".

أضافت ميركل في كلمتها أمام قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015 في نيويورك الجمعة: "ألمانيا ستنهض باستراتيجيات الاستدامة على الصعيد الوطني بحلول عام 2030، وندعم المنظمات والجهود الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة"، لافتةً إلى أن القضاء على وباء إيبولا أثبت للعالم أن التفاعل القوي بين الدول أمر يكلل بالنجاح، ومشيرةً إلى أن الأمم المتحدة على مدى سبعين عامًا كانت لها شرعيتها وفاعليتها في مواجهة التحديات العالمية، مؤكدةً دعم ألمانيا لإصلاح المنظمة الدولية واستخدام الموارد بطريقة فعالة.

وتابعت: "ألمانيا تفي بتعهداتها بتوفير 0.7 في المئة من دخلها القومي لصالح مساعدات التنمية، وأدعو إلى خروج مؤتمر باريس باتفاق يتيح حماية البيئة والحد من التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وتخفيض انبعاثات الكربون، كما أدعو الدول الصناعية إلى أن تفي بتعهداتها وفقًا لاتفاق كوبنهاغن، وتوفير 20 مليارا سنويًا لمواجهة التغيرات المناخية".

ولمحت المستشارة الألمانية إلى الآلاف من اللاجئين الذين يفرّون من الصراعات والإرهاب والدمار وانعدام الأمن، "ما يمثل تحديات يجب التطرق إلى الأسباب الجذرية لهذه المشكلات، وتوفير حياة كريمة لشعوب العالم".
&
إشراك الجميع
أما سليل شتي، مدير منظمة العفو الدولية، فتحدث باسم منظمات العمل المدني في العالم، وقال: "يعاني مئات الملايين الفقر، وآخرون خصوصًا النساء والأطفال يعانون العنف وانعدام المساواة، وأحذر من تراجع الثقة في الحكومات، وهو ما انعكس في ثورات العديد من الشعوب".

أضاف: "نصبو إلى عالم ينعم بالتنمية المستدامة التي تمثل أهدافها تطلعات الشعوب التي يتعين العمل علي تحقيقها، ويجب إشراك الفقراء والمهمشين في كل مراحل صنع القرار، وتحقيق المساواة والحق في المعرفة، ومساءلة الحكومات وفق آليات مستقلة، وعدم التمييز وعدم تخلف أحد خارج الركب أو اقصاء أحد وفقًا للجنس أو العرق أو الدين، كما يجب محاربة الفساد، والعمل على إيجاد الوظائف وصون الكرامة الإنسانية".

وشارك الدكتور عبداللطيف الزياني، أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في الجلسة الافتتاحية لقمة التنمية المستدامة، فبحث خلال لقائه السكرتير التنفيذي للأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد مارتن كروتنر سبل التعاون في مختلف المجالات بين الأمانة العامة والأكاديمية. وركز اللقاء على تعزيز التعاون، خصوصًا في مجال التدريب وتنظيم الورش والمنتديات المتخصصة.
&
مراعاة الخصوصية
من جهته، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي إلى التعامل بفعالية مع التحديات الأخرى، التي تعرقل تحقيق التنمية المستدامة، وأهمها الإرهاب، الذي قال إنه ظاهرة عالمية، لا تعانيها منطقتنا العربية فحسب، بل الكثير من بلدان العالم.

قال: "لقد شاركت مصر بفاعلية في كل مراحل صياغة أجندة التنمية، وكانت لنا رؤية واضحة دفعنا بها بقوة بأن أي جهد دولي لتحقيق التنمية المستدامة يجب أن يأخذ&في الاعتبار حيز السياسات التنموية للدول النامية وسيادتها في تبني برامج اقتصادية واجتماعية وطنية مناسبة، تحدد أولويات التنمية بما يراعي خصوصية كل منطقة واحتياجاتها".

أضاف: "الحق في التنمية وتوفير سبل الحياة الكريمة كانت نصب أعين الشعب المصري حينما نهض لصياغة مستقبله، ومن أجل ذلك أطلقنا في آذار (مارس) من العام الحالي استراتيجية التنمية المستدامة حتى عام 2030، والتي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة وتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز رأس المال البشري، كما تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل العيش الكريم للمواطن المصري".

وتابع: "بقدر الأمل الذي يغمرنا ونحن نجتمع لاعتماد أجندة طموحة، تضع أهداف المجتمع الدولي نحو التنمية على مسار مستدام، يساورنا القلق من عدم تناسب الأدوات المتاحة لتنفيذ الأجندة مع مستوى الطموح المأمول وحجم التحديات القائمة، فالاختلاف في القدرات والتباين في مستويات التنمية يفرض تفاوتًا في الأعباء والالتزامات بين أعضاء المجتمع الدولي، وهي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يمتلك الإمكانيات تجاه من يفتقدها، وعلى المجتمع الدولي أن يتعامل بفعالية مع التحديات الأخرى التي تعرقل تحقيق التنمية المستدامة، وأهمها الإرهاب".