تيزي وزو: تجشيع عشرات الاف الجزائريين حسين ايت احمد آخر التسعة الذين قادوا حرب التحرير الى مثواه الاخير قرب ضريح اجداده في القرية التي تحمل اسم عائلته بمنطقة القبائل.

وسار مشيعو ايت احمد المتوفى يوم 23 كانون الاول/ديسمبر عن 89 عاما، مسافة كيلومترات عدة من مكان الصلاة عليه الى المقبرة عبر الطرق الجبلية الضيقة التي لم تستوعب الحشود التي رافقت جثمانه.

وحفر القبر في المكان الذي اوصى به المعارض الابدي للنظام الجزائري قرب ضريح جدته ووالدته التي توفيت في 1983 ولم يتمكن من حضور جنازتها لأنه كان مهددا بالسجن.

وحضر التشييع وفد رسمي يقوده رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس الوزراء والعديد من اعضاء الحكومة بالاضافة الى رئيس منظمة المجاهدين (قدامى المحاربين) وقادة احزاب وشخصيات سياسية.

وقبل ساعة من وصول جثمان الراحل غصت القرية بحشود المشيعين الذين تجمعوا في محيط الفي متر وعلى الجبال المجاورة بينما قضى الكثير منهم ليلته في المكان.

وبمجرد وصول الموكب الجنازة الى القرية بدأ انصار يرددون شعار "جزائر حرة ديمقراطية" قبل ان تقاطعهم التكبيرات والتهليلات عبر مكبرات الصوت.

كما رفض قادة حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي اسسه الراحل في 1963، استخدام السيارات الرسمية لمرافقة موكب التشييع الذي انطلق صباح الجمعة من العاصمة نحو مثواه الاخير على بعد 160 كيلومتر.

- استقبال يليق بالرؤساء -

ووصل جثمان الراحل من سويسرا الخميس حيث خصص له استقبال رسمي بحضور رئيس مجلس الامة الذي يمثل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في المناسبات الكبرى ورئيس الوزراء وكل الطاقم الحكومي.

كما ادت كتيبة من الحرس الجمهوري التحية امام نعشه الذي لف بالعلم الوطني وحمل على اكتاف ضباط من الدفاع المدني.

ونقل الجثمان الى مقر حزبه حيث تقدم لالقاء النظرة الاخيرة عليه جموع المواطنين والشخصيات السياسية بالاضافة الى وفد من حركة النهضة التونسية يقوده رئيسها راشد الغنوشي.

&ويعتبر ايت احمد مؤسس اقدم حزب معارض في الجزائر جبهة القوى الاشتراكية. ولم يسبق له ان تقلد اي منصب رسمي بعد استقلال البلاد في 1962 رغم انه من اكبر المساهمين فيه، حتى اطلق عليه لقب "المعارض الابدي" من منفاه في لوزان.

ورغم انه من مؤسسي جبهة التحرير الوطني واحد التسعة الذين فجروا حرب التحرير في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر 1954، الا انه انسحب منها ليؤسس جبهة القوى الاشتراكية في 1963 لمواجهة حكومة اول رئيس احمد بن بلة حيث قاد تمردا عسكريا انتهى بالقبض عليه قبل ان يفر من السجن مباشرة نحو الخارج.

وعاد في 1989 الى الجزائر في نهاية حكم الحزب الواحد الذي تلاه ما يعرف باسم "الربيع الديموقراطي" وشارك حزبه في انتخابات الولايات في 1990 ومن ثم في الانتخابات النيابية في 1991 التي فازت فيها جبهة الانقاذ الاسلامية، قبل الغائها.

وفي تموز/يوليو 1992 اتجه مجددا الى المنفى بعد اسابيع من اغتيال رفيق دربه واحد التسعة المفجرين لحرب الاستقلال ايضا الرئيس محمد بوضياف الذي عاد الى الجزائر من منفاه في المغرب.

وفي 1995 وابان الحرب الاهلية وقع اتفاق سانت ايجيديو في روما مع احزاب جزائرية بينها جبهة الانقاذ الاسلامية المنحلة لمطالبة الحكومة ببدء مفاوضات لانهاء الحرب الاهلية التي اوقعت 200 الف قتيل.

وفي 1999 ترشح للرئاسة لكنه انسحب ابان الحملة الانتخابية معتبرا ان الانتخابات مضمونة لمرشح النظام عبد العزيز بوتفليقة.

وفي 2012 قرر آيت احمد التخلي عن رئاسة حزبه جبهة القوى الاشتراكية معتبرا ان "الوقت حان لتسليم الراية" بعد 50 عاما من قيادة "الزعيم" كما يسميه مناضلو الحزب.

ونصت رسالة التعزية التي بعث بها الرئيس بوتفليقة الى عائلة الفقيد على ان ايت احمد "كان مخلصا لوطنه، جريئا في مواقفه وفيا لمبادئه لطيفا في تعامله بناء في انتقاداته شريفا في معارضته لبعض المسؤولين الذين كثيرا ما اختلف معهم في نمط الحكم".&&

وكان بوتفليقة المريض اقر ثمانية ايام من الحداد الوطني تنتهي الجمعة، كما قرا مجلس الوزراء المنعقد الاربعاء الفاتحة ترحما والتزم دقيقة صمت.

وبالنسبة للمحامي والحقوقي مقران ايت العربي الذي حضر الجنازة فان "اليوم ليس للدموع لان حسين ايت احمد مازال في قلوب الجزائريين المحبين للحرية والديموقراطية" كما صرح للصحافيين.

اما القيادي في حزب حركة الاصلاح الوطني حملاوي عكوشي فاعتبر ان "الحشود الشعبية التي حضرت جنازة المعارض السياسي حسين ايت احمد قد ردت الاعتبار له" بعد ان ناضل اكثر من سبعين عاما من اجل استقلال الجزائر ثم من اجل الحرية والديمقراطية.&

&